نفى مُنسّق مكافحة الإرهاب في كتابة الدولة الأمريكية، »دانيال بنجامان«، أن تكون زيارته إلى الجزائر على صلة بدراسة خيارات التدخل العسكري في ليبيا على ضوء الأحداث الأخيرة من منطلق »علمنا المسبق بأن الجزائر تُعارض تماما مبدأ خيار التدخل عسكريا«، وفي المقابل اعترف بأن أكثر ما يشغل واشنطن في هذا الظرف هو »إمكانية أن تستغل الجماعات الإرهابية الاحتجاجات الأخيرة من أجل التسليح وزيادة نفوذها في منطقة الساحل«. لم يستبعد مُنسّق مكافحة الإرهاب في كتابة الدولة الأمريكية أن تفتح سلسلة الاحتجاجات الأخيرة التي تعرفها منطقة المغرب العربي »الباب أمام تزايد النشاط الإرهابي من خلال استغلال هذا الوضع غير المستقر«، وهو الأمر الذي قال إنه اشتغل عليه مع المسؤولين الجزائريين خلال يومين من زيارته الرسمية الثانية، قبل أن يُضيف: »إننا نعمل مع شركائنا على أن لا نترك فرصة لهؤلاء الإرهابيين«. وأوضح »دانيال بنجامان« الذي كان يتحدث في ندوة صحفية عقدها أمس بمقر السفارة الأمريكيةبالجزائر، بأن التطورات التي تعرفها ليبيا حاليا تبعث على القلق، ولذلك »يجب أن نكون حذرين رغم أننا لم نلاحظ تغييرا فعليا في النشاطات الإرهابية في منطقة الساحل.. كما يجب أن نتفادى تزايد حالة عدم الاستقرار، لأننا الآن في مرحلة جديدة ومطلوب علينا أن ننتظر ما سيحصل من مستجدات«. وبموجب ذلك كشف المسؤول الأمريكي أنه ناقش خلال زيارته إلى الجزائر كل هذه الاحتمالات خاصة في إطار مجموعة الاتصال الثنائية للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ومسائل الأمن ذات الصلة، وهي الآلية التي وصفها ب »الهامة والإيجابية جدّا للبلدين والمنطقة عموما«، لافتا بشكل خاص إلى إمكانية أن تستغل »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« هذه التطورات من أجل تهريب السلاح، ثم تابع: »لا يُمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي.. وهذا أكثر ما يشغلنا«. وردّا على سؤال حول طبيعة الآليات المتفق عليها بشأن التعامل مع هذا الواقع، أورد »دانيال بنجامان« أنه من السابق لأوانه الحديث عنها، موضحا أن التركيز حاليا يكمن بالأساس على أهمية تبادل المعلومات بخصوص حركة تنقل عناصر فرع تنظيم »القاعدة« من أجل الوقوف على أي احتمال للحصول على السلاح، وذهب إلى التأكيد بأن هذه التحديات أصبحت كبيرة في المنطقة »وهناك رغبة مشتركة لمواجهتها من خلال تقديم الدعم لتطوير قدرات بلدان الساحل«. إلى ذلك أشار المتحدّث إلى أنه ليست هناك رغبة لدى بلاده في إقامة قاعدة عسكرية في إفريقيا، ورغم بانشغال واشنطن بما يجري في ليبيا وتزامن الحديث عن إمكانية تدخل عسكري أمريكي فإنه استطرد ليوضح: »القوى الأمريكية في المتوسط في حالة تأهب، ولكن هذا التأهب موجه للمهام الإنسانية فقط«، نافيا من جهة أخرى »أن نكون ناقشنا مع المسؤولين الجزائريين خيار التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا. هذا المبدأ ترفضه الجزائر فكانت اجتماعاتنا فقط حول دراسة آليات مواجهة الخطر الإرهابي«. وعندما سُئل »بنجامان« عن موقف الإدارة الأمريكية من الحراك السياسي الدائر في الجزائر، ردّ قائلا: »مهمتي ليست قراءة تطور الأحداث، لأن الجزائريين هم الوحيدون الذي يُحدّدون مصيرهم، ونحن سنواصل الشراكة القائمة بيننا«، مستندا في ذلك إلى أن »موقف أوباما حول إلغاء قانون حالة الطوارئ كان واضحا وقد عبّر عن رغبته في أن تتبعها خطوات إضافية لضمان حق حرية التعبير وحق التجمع..«. ولاحظ المسؤول الأمريكي بأن »جزائر اليوم ليست تلك التي كانت قبل 15 عاما. لقد كانت البلد الأوّل في محاربة العنف والإجرام، وهو ما سمح لها في تحقيق تقدّم كبيرا في استتباب الأمن أكثر ليفتح المجال أمام تنمية اقتصادية واجتماعية أكثر«، وبعد وصفه رفع حالة الطوارئ ب »الخطوة الهامة«، خلص إلى أنه »حان الأوان حتى يتم الاستماع لانشغالات الشعب وضمان حقه في الرفاهية والتنمية وحرية التعبير.. والجزائر أمام فرصة كبيرة ولسنا نحن من يُحدّد طبيعة الإجراءات التي يجب اتخاذها«.