قال البروفسور عمر فرحاتي رئيس المجلس العلمي لكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بسكرة، إن خطاب رئيس الجمهورية أوضح بالتفصيل معالم الإصلاح السياسي، كما حدد الركائز الأساسية لترسيخ مسار الديمقراطية في الجزائر. أوضح الأستاذ فرحاتي في حديثه مع »صوت الأحرار« أمس أن مركز الثقل الأساسي في هذا الإصلاح هو تعديل عميق للدستور يتم من خلاله التحديد الدقيق لطبيعة النظام السياسي، وتقوية دور المجالس المنتخبة، وعلى وجه الخصوص السلطة التشريعية التي ستتدعم بصلاحيات كبيرة تصحح الاختلالات التي أفرزتها التجربة والممارسة الميدانية. ويستشف من الخطاب حسب هذا المحلل النية للتوجه نحو توسيع الحقوق والحريات الأساسية لتتماشى مع المرجعيات الدولية والمنظومة العالمية لحقوق الإنسان وكذا مع متطلبات البيئة الداخلية. كما سيتم حسب محدثنا التركيز على موقع السلطة التنفيذية من خلال إعادة طرح فكرة تقييد العهدات الرئاسية، وكذا تحقيق التوازن في طبيعة العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية. وأشار أن الركائز الأخرى للإصلاح التي أظهرها الخطاب هي القوانين الداعمة والمنظمة للعملية السياسية، والدالة على مؤشرات التحول الحقيقي، وهي قوانين الانتخابات والأحزاب والإعلام. وبالنسبة لقانون الانتخابات قال »إن خطاب الرئيس حدد التوجهات الأساسية للتغيير والتي تكمن في تقنين ضمانات تحقق أكثر شفافية تؤدي إلى تجسيد النزاهة التامة في العملية الانتخابية التي كانت محل مطالبة من القوى السياسية التي اعتبرتها مؤشرا أساسيا للتفاعل الإيجابي مع قانون البلدية المعروض على البرلمان، وكذا قانون الولاية المنتظر الذي ركز عليه رئيس الجمهورية في سياق تأكيده على ضرورة تدعيم اللامركزية في النظام السياسي الجزائري. أما قانون الأحزاب السياسية حسب البروفيسور فرحاتي يبقى نقطة الاستفهام الرئيسية، لأن الخطاب لم يحمل إجابة صريحة على إمكانية اعتماد أحزاب جديدة، ولكن التوجه إلى إدخال تعديلات على القانون هو مؤشر إيجابي على تصحيح كل الثغرات التي ظهرت خلال التجربة. وقال أن المؤشر الإيجابي الآخر في هذا الخطاب يكمن في تعزيز علاقة الثقة مع الإعلام من خلال رفع التجريم عن العمل الإعلامي وإعادة صياغة أسس المنظومة الإعلامية. وخلص البروفيسور فرحاتي إلى القول أن كل هذه التعديلات والتحسينات التي سيعرفها النظام السياسي سوف تجسد بمشاركة فعلية لكل القوى والتيارات السياسية التي يبقى تجاوبها وتفاعلها مع هذه الحركية أساس وقوام النجاح في ترسيخ الممارسة الديمقراطية في الجزائر.