أجمع خبراء وعسكريون متقاعدون على أن الأزمة الليبية ليست حدثا معزولا، أو وليدة الصدفة، مؤكدين أن الاعتماد على الحل العسكري في ليبيا عوض السياسي هو تمهيد لصومال جديد بمنطقة شمال إفريقيا. قدّم العقيد المتقاعد الحاج بن دوخة خلال استضافته في ندوة مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية بالعاصمة أمس، حوصلة عن تفاصيل ما أسماها المؤامرة التي حيكت ضد الجماهيرية الليبية، معرجا على أبعاد القضية من أولها إلى أخرها، بدءا من استغلال منابر إعلامية في ترويج أطروحات معينة، على غرار بوق قناة »الجزيرة« في ترسيم الديمقراطيات الجديدة المبنية على تهويد كيان الدول واستغلال ثرواتها وفق عقود نفطية طويلة الأجل. ولم يخف بن دوخة الذي شغل منصب ملحق عسكري سابق بواشنطن، أن السرعة في تنفيذ الضربات العسكرية ضد ليبيا عبر قرار أممي أسرع، والوقوف مع المجلس الإنتقالي، يؤكد مرة أخرى أن العمل له مخطط استراتيجي، وتم التحضير له بإحكام في المخابر الغربية، حيث استعرض صور عدة آليات وطائرات مقنبلة، وقال »الحرب في ليبيا هي استعمار جديد تحت غطاء حماية المواطنين«. أما صادق بوقطاية، ففضّل سرد تفاصيل الرحلة التي قادته إلى ليبيا في ملتقى القبائل والأعيان وحرصه على نفي صحة ارتكاب القذافي لمجازر بليبيا، حيث تقاطع مع بن دوخة في أن ما يحدث في ليبيا وليد المخابرات الغربية، مؤكدا أن الأزمة الليبية ليست حدثا معزولا أو وليدة الصدفة، قبل أن يرجع ذلك لمخطط استراتيجي لتقسيم أوطان العالم العربي إلى دويلات صغيرة. وبخصوص قرار الجامعة العربية الذي فوض قوات التحالف بفرض الحظر الجوي عبر قوات دولية، قال بوقطاية إن هذه الأخيرة ارتكبت خطأ استراتيجيا، فضلا عن أن القرار العربي صيغ بطريقة خبيثة لضرب ليبيا، وهو ما يحتم اليوم قبل الغد للجزائر إعادة النظر في مكانتها العربية، مع الحرص على بناء نظام قوي، لتكون دولة عظمى، ومن ثم قاطرة الشعوب في المرحلة المقبلة. كما عرج بوقطاية على مبادرة الإتحاد الإفريقي الذي تبنى الحل السلمي، إلا أن مبادرته تم تهميشها دون وجود أسباب، ولكن سرعان ما استدرك المجتمع الدولي خطورة التورط في المستنقع الليبيعبر قوات »الناتو«، وأصبح ينتظر تحركا إفريقيا لإيجاد مخرج سياسي للأزمة بعد فشل الخيار العسكري، الذي طعن في مصداقية الأممالمتحدة بفعل التعاطي السلبي مع الأزمة، وهو ما يستوجب حسبه، إعادة النظر في قرارات هذه الأخيرة فيما تعلق بحماية المدنيين.