أشرف، أمس، عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، على افتتاح أشغال الدورة الرابعة للجنة المركزية للحزب، وألقى بالمناسبة خطابا مطولا أمام المشاركين، هذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم أيتها الأخوات أيها الإخوة. هذه هي الدورة الرابعة للجنة المركزية منذ المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي رسم الطريق وحدد المعالم، لتمكين حزبنا من تكريس دوره الريادي في الساحة السياسية، وتحمل مسؤوليته كاملة في استكمال بناء الدولة الجزائرية بما يستجيب لمطامح الشعب وتطلعاته. نعقد اليوم دورتنا، في ظل ظروف مرحلية مفصلية حاسمة، تتمثل في وجوب توفير كل الشروط للعبور ببلدنا نحو شواطئ أكثر أمانا واستقرارا وإلى مجالات وفضاءات أكثر اتساعا وأرحب آفاقا، وذلك ليس فقط بالنظر إلى المتغيرات الإقليمية والجيوسياسية، ولكن وبالذات نظرا لعملية النمو والتطور التي يشهدها المجتمع الجزائري، وبما يؤسس لأداء سياسي يترجم الإصلاحات الجذرية المعلن عنها في خطاب السيد رئيس الجمهورية يوم 15 من أفريل الماضي، المحدد في الزمان والموضوع. وإذا كانت الإصلاحات تعني كل القوى السياسية والاجتماعية في الوطن لتعبر عن رأيها وتدلي بمقترحاتها لما تراه من مراجعة وتعديل وتغيير، إن على الدستور أو قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام والجمعيات والولاية، فإننا في حزب جبهة التحرير الوطني نعتبرها موجهة إلينا خاصة، كوننا الأوائل من استشعر ضرورتها وفتح الورشات الدراسية والفكرية في هذا الباب. لقد تبنينا هذه الإصلاحات وأوليناها العناية المطلوبة من خلال لجان تشكلت من إطارات وقيادات، ومناضلين ومناضلات لتقدم رأي حزبنا وتصوراته للإصلاحات السياسية وفق المبادئ التي يؤمن بها والرسالة التي يتحملها، والهدف الذي يعمل باستمرار على تحقيقه من أجل جزائر قوية عصرية ديمقراطية، وإرساء دولة الحق والعدل والقانون، وسد الأبواب على كل منافذ الفساد والآفات الاجتماعية والتخلص من ذهنيات الجهوية والمحسوبية، وإننا، إخواني أخواتي، السباقون إلى هذه المطالب وفي طليعة الصفوف لتجسيدها. هنا لابد لنا، إخواني أخواتي، من وقفة نستوضح فيها معا الدور الأساسي الذي اضطلع به حزبنا، في الدعوة إلى تعديل الدستور وقانوني البلدية والولاية، لقد تمسكنا بدعوتنا تلك عن إيمان وقناعة، من أجل وجه الجزائر، في وقت استكان فيه البعض إلى النقد والتهوين والتشكيك وغير ذلك من العناوين التي شكلت حملة إعلامية شرسة ضد حزبنا، ولكن المسار التاريخي وسيرورة الأحداث والحراك الاجتماعي والسياسي الذي تعرفه بلادنا، كل ذلك أكد صواب رؤيتنا وصدقية مسعانا وعمق تلاحمنا بالشعب، وعبر من جديد عن تمسكنا بالإصلاح منهجا وأداة مثلى لتعزيز الممارسة الديمقراطية، وقد اعتمدنا في استقرائنا لمتغيرات الساحة الوطنية على مقاربات علمية واضحة، وأنتم تعلمون أننا دعمنا هذا المسعى بدراسات فكرية وافية تولاها خبراء ومختصون من قيادات وإطارات الحزب، وذلك ما حصل سنة 2008 . مع دخول 2011، أصبحت الجزائر تعيش مرحلة جديدة هي نتاج مخطط خماسي أول والانطلاق في مخطط خماسي ثان، مما أحدث طفرة كبيرة في الاستجابة لمطالب الشعب ذات الصلة بالحياة اليومية للمواطنين، كالسكن، التشغيل، الصحة، الماء والكهرباء، وغيرها.... أيتها الأخوات، أيها الإخوة: إننا بعد السنوات القاسية التي عشناها بألم وانعكست على البلاد تقهقرا وفتحت الأبواب للمتربصين بالوطن على مصراعيه.. صمدنا وتمكن الشعب رغم جراحه النازفة من الثبات، وزكى بإصرار وإيمان ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الاستفتاء التاريخي مما فسح المجال أمام عمل جبار في النهوض بالوطن والقفز به على سنوات الجمر إلى سنوات البناء والتعمير ومسايرة العالم في تطوره العلمي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو عمل أدى إلى المزيد من تعميق الممارسة الديمقراطية والتفتح على العالم بتطوير أساليب التعاطي مع الواقع الوطني مما رفع من مستوى الوعي السياسي ورسخ لثقافة الحوار طلبا للمزيد من المكتسبات. من هنا فإن الأحداث التي رصدت في بداية شهر جانفي الماضي والتي هي حركة احتجاجية ذات مضمون اجتماعي أراد البعض استغلالها للزج بالجزائر في دائرة العنف مجددا، وهي التي دفعت ثمنا باهضا للخروج منه، ورغم انقياد بعض الشباب، إلا أن حقيقة هذه الاحتجاجات أعادتها إلى طبيعتها الاجتماعية بعد القرارات الهامة والعاجلة التي اتخذت بإعادة أوضاع السوق إلى طبيعتها، وهكذا خابت آمال ذوي النوايا السيئة وأولئك الذين كانوا يريدون الزج ببلادنا في متاهات التخريب والعنف. وهنا لابد من التنويه بالتحرك السريع لمناضلينا في احتواء الغضب الشباني من خلال عملية التواصل مع الشباب عبر كل الأحياء في العاصمة ومختلف المدن مما ساهم في إطفاء نار الفتنة وإعادة الهدوء والاستقرار على ربوع الوطن. إن هذه الاضطرابات التي تصادفت مع ما يحدث في محيطنا العربي، قد حاولت بعض الدوائر الترويج لها واعتبرتها عاملا مؤثرا قد يدفع إلى أحداث مشابهة، وقد تدافعت بعض الفضائيات، وكذا الذين نصبوا أنفسهم مختصين ومحللين إلى اعتبار الجزائر الهدف اللاحق لمثل تلك التطورات، وقد نسي أو تناسى هؤلاء أن الجزائر لا تعيش أوضاع القهر والقمع وكبت الحريات وأنها شهدت عملية تغيير جذرية قبل أكثر من عقدين وانطلقت في ترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية والإعلامية التي أصبحت اليوم تجربة قريبة من الاكتمال إضافة إلى ما حققته، بعد تجاوز المأساة الوطنية وعودة الأمن والاستقرار، من نهضة تنموية شاملة أسست لإقلاع اقتصادي حقيقي ومتكامل. اليوم ومع التطور اللافت للحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتماشيا مع الحركية الاجتماعية للقوى الوطنية وللأجيال المتشبعة بالفكر الإبداعي وبالرغبة في إحداث طفرة أخرى تنقل البلاد إلى مرحلة متميزة من العمل السياسي والممارسة الديمقراطية والحرية المبنية على الحق والحكامة والمشاركة السياسية.. لذلك كله كان من الضروري العمل على تحصين ما أنجزناه من نهضة تنموية وما حققناه من مكاسب سياسية، بتعميق الديمقراطية التعددية وتكريس الإرادة الشعبية وتفعيل دور المؤسسات وتثمين أدائها. في سياق هذه الرؤية الواضحة، كان تجاوب السيد رئيس الجمهورية، الذي بادر إلى الإعلان عن الإصلاحات السياسية العميقة في خطابه الموجه للأمة بتاريخ 15 أفريل 2011، وحددها بالتفصيل في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 02 ماي 2011 وأوكل مهمة متابعتها لممثل عنه يشرف على الاستشارات السياسية، من أجل التوصل إلى رؤية شاملة تأخذ في الحسبان كل الاقتراحات والآراء لتخرج بأرضية مشتركة تكون المنطلق لوضع القوانين الخاصة بالأحزاب والانتخاباب وغيرها في منظومة الإصلاحات، وكذا مراجعة الدستور. وهنا لابد من التأكيد من جديد أن حزبنا منذ البدء كان الداعي إلى تعديل معمق للدستور والمنادي بالإصلاحات السياسية المتمثلة في القوانين التي تمس الحياة السياسية والتشريعية والمجموعات المحلية، وكانت الأفواج التي شكلت آنذاك قد أعدت مشاريع لكل هذه القوانين والدستور في مقدمتها، واليوم عملت أفواج أخرى على مختلف هذه المشاريع تولاها إطارات وقياديون ومختصون عكفوا على دراستها من جديد لتقديم مقترحات ورؤية الحزب التي تجسد فلسفته في إرساء دعائم الدولة القائمة على الديمقراطية والحرية والتوازن بين السلطات، وهي النصوص التي بين أيديكم لإبداء الرأي وإدخال ما ترونه من إضافات ليتم اعتمادها وتقديمها للجهات المختصة كوثيقة أساسية للحزب حول الإصلاحات السياسية. أيتها الأخوات أيها الإخوة. لقد كانت الفترة الأخيرة منذ الدورة الثالثة للجنة المركزية ثرية بالنشاط الحزبي والتحرك عبر مختلف الحافظات، وذلك على محورين. المحور الأول: هو استكمال عملية الهيكلة الحزبية بتولي أعضاء اللجنة المركزية تحت إشراف أعضاء المكتب السياسي إجراء عملية انتخابات مكاتب المحافظات، والتي إن شاب البعض منها إشكالات لا يمكن أن نعُدها تنظيمية بقدر ما هي إشكالات ذاتية لم تتقبل اختيارات زكتها القاعدة النضالية، ونحن بصدد دراسة هذه الإشكالات، على محدوديتها، وفقا لضوابط القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب وإيجاد المعالجات المطلوبة. أما المحور الثاني فقد تمثل في تنظيم ملتقيات جهوية عبر عدد من الولايات تعلقت بالشباب والمرأة تهيئة لعملية الإدماج المتتابعة عبر الهياكل الحزبية لإعداد جيل من القياديين يحمل المشعل ويواصل الرسالة . وقد كشفت ملتقيات الشباب عن طاقات وكفاءات يزخر بها حزبنا، وهي جديرة بالاهتمام والمتابعة، إذ أنها تتمتع بحس وطني عال وبروح قادرة على الإبداع في مسيرة النضال، من شأنها أن ترفع من رصيد حزب جبهة التحرير الوطني في الانتشار والتجذر. وعلى مستوى المقر المركزي للحزب نظمت مجموعة من الندوات ارتبطت بعدد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية في إطار الخطة التي رسمها حزب جبهة التحرير الوطني بعد المؤتمر التاسع للانتشار من خلال اللجان والهيئات التي تشكلت من مناضلين وقياديين وكفاءات وطنية وهو عمل لا يزال مستمرا ومتواصلا وفق الأولويات التي تفرضها المرحلة. في نفس السياق، تم عقد ندوة وطنية مشتركة مع أحزاب التحالف الرئاسي حول ذكرى عيد النصر، بمشاركة منظمات وطنية، أسست لمشروع احتفال كبير بالذكرى ال50 ل 19 مارس، كتحرك وطني لمواجهة التحديات التي تستهدف تزييف تاريخنا والمس برموز ثورتنا وتكريم خونة الوطن من الحركى والعملاء، ولذلك فإن العمل على هذه الاحتفالات يجب أن ينطلق في إطار وطني شامل، لنجعل من هذه المناسبة الغالية عيدا يتواصل حتى الخامس من جويلية، ذكرى استعادة السيادة الوطنية، توثق لكل ما قام به الاستعمار من إبادة منظمة للشعب الجزائري على مدى ال130 سنة. وفي برنامجنا المستقبلي تنظيم مثل هذه الندوات واللقاءات والمحاضرات عبر المحافظات حتى يكون لعملنا التوعوي والتثقيفي التكويني صداه وأثره لدى القاعدة النضالية والمحبين والمتعاطفين ومختلف الشرائح الاجتماعية . إن حزب جبهة التحرير الوطني، حامل رسالة تتولاها الأجيال وتواصل في إطارها العمل من أجل جزائر آمنة وقوية، وفية لتاريخها، فخورة بشهدائها ، متصالحة مع ذاتها وهويتها وأبنائها، لا إقصاء فيها ولا تهميش، ترتفع فيها رايات الحرية والأمن والكرامة لكل المواطنين. إنه مشروع وطني طموح لبناء دولة تحتضنها الأجيال عبر أهداف تتحدد مع كل مرحلة، وتتجدد مع كل تطور يفرضه الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي دون التخلي عن مرتكزاته التاريخية وثوابته الوطنية . وفي خضم هذه الحقائق البارزة، التي تؤكد تجذر حزب جبهة التحرير الوطني وحضوره الفاعل والمؤثر في الساحة السياسية، نعيش حالة لا يرتضيها أي مناضل غيور على حزبه، من جراء بروز أصوات تعمل على بعث الشقاق داخل صفوف الحزب، انطلاقا من مطالب، ليس مجالها السجال على أعمدة الصحف والبيانات والإشاعات والرسائل المحملة من هنا وهناك، بل مجال طرحها الحقيقي هو هذا الإطار القيادي للحزب، وهنا معكم ومن خلالكم يتم الفصل في كل القضايا الخلافية كما ينص على ذلك القانون الأساسي والنظام الداخلي ووفق ما تقرره اللجنة المركزية التي تبقى الهيئة الشرعية والسيدة في اتخاذ القرار الذي يحفظ قوة الحزب ويصون مصلحته ويحمي وحدة مناضليه. لقد أعلنت أمامكم في الدورة السابقة عزمي الاتصال بالجميع، وعملت عبر مختلف القنوات لإجراء الاتصالات من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وتجاوز كل عناصر الخلاف خدمة للمصلحة العليا لحزبنا ودعما لما نسعى إليه من عمل جاد وقوي استعدادا للاستحقاقات القادمة، وهي استحقاقات لن تكون سهلة، وسوف تفرض علينا استنفار كل قوانا وقواعدنا حتى نتمكن من تقديم أنفسنا للشعب، الذي لم يخذلنا في الانتخابات السابقة، ولن يخذلنا في الاستحقاقات المقبلة، إذا ما كنا في مستوى التعاطي معه كحزب قوي وموحد، يعتمد على امتداداته الجماهيرية وتجذره التاريخي، وكل ذلك يقتضي منا القدرة على التكيف الإيجابي مع المتطلبات الشعبية التي لم تعد في الحاجات الاجتماعية فقط بل هي اليوم أيضا مطالب سياسية، تتطلب خلق أجواء الثقة بالتأكيد على التواصل مع المواطن في مختلف مواقعه والحرص على خدمة مصالحه وتحقيق طموحاته. هذه الحقائق تحتم علينا بل وتدعونا جميعا أن نكون، قيادة ومناضلين، في خندق واحد لمواصلة الرسالة التي حمّلنا إياها الشهداء وحفاظا على الجزائر خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تجتازها المنطقة العربية، والهجمة المسعورة للحيلولة دون تحقيق الأهداف في التحرر والتمهيد لوضع اليد على الثروات العربية. أيتها الأخوات، أيها الإخوة. إن لشبابنا مطالب، ولن نكون إلا في خندق أبنائنا وبناتنا، مدافعين عن هذه المطالب المشروعة ، إلا أننا لن نكون مع الفوضى والتوظيف الانتهازي لهذه العواطف تحت مسميات مضللة وشعارات خادعة. إن الجزائر ليست جزيرة منعزلة عن العالم والمحيط، وهي اليوم تتوفر على امكانيات كبيرة للتعاطي مع مطالب الشباب، بما يزيد في تدعيم عملية التنمية ويدفع بالممارسة الديمقراطية والمشاركة السياسية نحو آفاق أرحب ويضيف فضاءات أوسع لحرية الرأي والتعبير، بحيث تتهيأ منظومة متكاملة تؤدي إلى تحقيق كل تلك المطالب بما يزيد في دعم استقرار الدولة وتمتين الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، وهذا ما تهدف إليه الإصلاحات الشاملة التي أعلن عنها السيد رئيس الجمهورية وبدأت الاستشارات حولها. إن العمل المستقبلي، إخواني أخواتي، يتطلب منا تجنيدا أكبر وتحركا أوسع بمشاركة الجميع، استعدادا للانتخابات التشريعية والمحلية وبعدهما عملية التعديل الدستوري. إن الوقت الذي يفصلنا عن الموعد لا يزيد عن السنة، وهي فترة لا تسمح لنا بأي تراخ أو تشتيت للجهد أو انغماس في المعارك الهامشية، بل لابد وانطلاقا من هذه الدورة البدء على مختلف المستويات التنظيمية والسياسية والإعلامية لتحسس قدراتنا ومعالجة مواطن ضعفنا وتوظيف كل إمكانيات الاتصال الجماهيري للتواصل مع المواطنين، علاوة على تحركنا الميداني الذي سوف يعتمد أسلوبا جديدا في الخطاب السياسي والاستقطاب الجماهيري. وفي سياق الاستعداد لهذه الاستحقاقات، سوف نعمل بعد هذه الدورة مباشرة على تنصيب هيئة خاصة توكل إليها مهمة وضع إستراتيجية شاملة للانتخابات، وهي الهيئة التي تسهر على تنفيذ خارطة الطريق الإستراتيجية للتحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة تشريعية ومحلية وكذلك المتابعة والمراقبة. وحتى نكون على بينة من الوعاء الانتخابي والتوصل إلى توقعات يمكن بناء الفرضيات بمقتضاها، فقد تولت لجنة من الخبراء دراسة سوسيولوجية الناخب الجزائري في إطار مركز الدراسات وتقديم الاقتراحات ذات العلاقة، سوف نقوم بتحويلها إلى المحافظات للإثراء وسنؤسس بمقتضاها إستراتيجيتنا الانتخابية. إخواني، أخواتي: فيما يخص مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، فلقد تبين لنا من الآن أن هذه المشاركة لن تكون سهلة في بعض جهات الوطن نظرا للتقاليد التي لا تزال تتحكم في المجتمع من جهة، ومن جهة أخرى النقص الملاحظ في العنصر النسوي القادر على الآداء بما يرسخ للحزب ويفعل دوره في المؤسسات المنتخبة . ونظرا لأن أكثر من 67 بالمائة من المنخرطات الجامعيات هن من هذه المناطق أصبح محتما علينا استقطاب المناضلات من طلاب الجامعات عبر المنظمات الطلابية والشبانية ومن الجمعيات العاملة في إطار المجتمع المدني، وهنا يأتي دور الهيئة المكلفة بإستراتيجية الانتخابات للبحث من أجل التوصل إلى الصيغة المثلى لاستيعاب النسبة المطلوبة من جهة، ومن جهة أخرى على القيادة السياسية أن تتولى مسؤولية إيجاد المخرج القانوني الذي لا يتنافى مع قوانين الحزب خاصة فيما يتعلق بالأقدمية النضالية. إن من الضروري ونحن على مقربة من نهاية العهدات الانتخابية وطنية ومحلية، أن نقوم بعملية تقييم بكل موضوعية من حيث أداء منتخبينا تجاه المواطنين والتعامل مع انشغالاتهم بما يقدم الصورة التي يعمل الحزب على ترويجها شعبيا، ومن حيث قوة الاقتراح لانتزاع المشاريع بما يخدم المصالح ذات الأولوية للمواطنين، وأيضا مراجعة العراقيل والصعوبات التي واجهها المنتخبون خلال الممارسة من طرف الإدارة، وهنا يجب العودة إلى التوصيات الصادرة عن الملتقى الوطني لرؤساء المجالس المنتخبة الذي طرح بقوة الصعوبات التي واجهها المنتخبون بحكم قانون البلدية الذي تم تعديله والموافقة عليه من البرلمان، والذي نعتقد بأنه تلافى الجزء الكبير من هذه العراقيل . بقي قطاع البطاقية النقطة المفصلية في عملية الانخراط وضبط القوائم وتوزيع بطاقات المناضلين، ولم نتمكن من الحصول على قوائم مضبوطة بشكل دقيق سواء بالنسبة لعدد المناضلين أو بسنوات النضال وهو الأمر الذي سنتمكن من التغلب عليه بفضل اقتناء الحزب لأجهزة إلكترونية التي بواسطتها ستتم عملية الانخراط من خلال الشبكة العنكبوتية والتي تم تكوين من سيتولونها في المركز الوطني للإعلام الآلي. وتبعا لانطلاق عملية الانخراط بواسطة الإنترنيت سنعمل بالموازاة مع ذلك على إعداد وتنظيم البطاقية المركزية بعد الانتهاء من انتخاب كل مكاتب المحافظات، ومن أجل استقطاب الشباب الجامعي أدعو المنظمات الطلابية المنضوية تحت لواء حزب جبهة التحرير الوطني إلى تكثيف جهودها لتشجيع انخراط الطاقات الشبانية وخاصة الفتيات، وفي هذا الإطار أدعو المحافظات والقسمات إلى السهر عند مراجعة القوائم الانتخابية، على حث أنصار الحزب ومحبيه والمتعاطفين وكذلك المناضلين، للتسجيل في هذه القوائم بكثافة. أيتها الأخوات أيها الإخوة.. بعد كل هذا لابد من وقفة متأنية مع مناضلينا في المهجر خاصة والمغتربين بصفة عامة . إن الظروف التي يعيشها المغتربون خاصة في فرنسا بدأت تشهد تحركات لها أهداف بعيدة المدى يتم التخطيط لها على أعلى مستوى ومع الأسف تخضع جميعها لمنظور عنصري بغيض كما أن الفرنسيين لم يكفهم إصدار قانون تمجيد الاستعمار بل لا يزالون يواصلون العمل من أجل المس بقدسية الثورة التحريرية العظمى، وبالرموز التاريخية والشهداء من خلال برنامج احتفالي كبير يخطط له بميزانية ضخمة وتجنيد شخصيات لتنفيذه تحت عنوان الحفاظ على الذاكرة التاريخية، يتم فيه المزيد من الرفع من شأن الحركى وتزييف التاريخ ليس فقط بإصدار منشورات أو مطبوعات بل وكذلك بإصدار أفلام تتولى المس بصورة أبطالنا الشهداء ومغاوير ثورتنا المجيدة. إن حزب جبهة التحرير الوطني، معني بكل أبناء جاليتنا في المهجر تجنيدا ودعما وتواصلا، وسوف نعمل على وضع رزنامة خاصة بالمناضلين في ديار الهجرة استعدادا للاستحقاقات القادمة وأعتقد أن عملية الاتصال قد أصبحت اليوم ميسرة بعد تشغيل الشبكة العنكبوتية، سواء بخصوص المناضلين المنخرطين أو طالبي الانخراط الجدد، إضافة إلى إرسال ما لديهم من مقترحات تساعد على إثراء العمل الحزبي في مختلف المجالات حتى يكون المغترب حاضرا في كل ما يقوم به حزب جبهة التحرير الوطني من نشاطات. إن الأوطان يحفظها أهلها، تصونها وحدتهم، تحميها إرادتهم، فإذا تخاصموا وتفرقوا إلى حد المواجهة والاقتتال ضاعت الأوطان وأصبحت نهبا لكل طامع، فالدم الذي يفيض يغطي على العقل والوعي والمنطق ويدفع كل طرف إلى تأكيد ذاته وقدراته بالقوة، أو بالأحرى بالاستقواء على أخيه ولو بالشيطان. هذا ما يتعرض له أشقاؤنا وجيراننا على حدودنا الشرقية، حيث أسفرت الأحداث الجارية هناك عن مأساة حقيقية، تعمدت قوى الغرب الكبرى ومقاولوها من الباطن، أن تزيد في لهيبها، بتفويت الفرصة على كل الحلول التوافقية السلمية، وأن تتدخل تدخلا سافرا يذكرنا بالهمجية الاستعمارية على بلداننا في مرحلة معينة من التاريخ. إننا في حزب جبهة التحرير الوطني لا يمكن إلا أن نكون مع الشعب الليبي الشقيق وحقه في البحث عن المسلك الذي يرتضيه لتجاوز محنته، بما يحفظ أمنه وسلامته ووحدته الترابية وسيادته على خيراته الطبيعية، نرفض التدخل الأجنبي ولا نرى من جانبنا أن الإجراءات المتبعة لحد الآن، تصب في هذا الاتجاه، وهو ما يجعلنا نعبر عن خشيتنا من أن ما يعرض لليبيا، ليس سوى حلقة في مسلسل طويل، كانت بدايته من السودان الشقيق ولا يعرف أحد من غير الذين أعدوا هذا المخطط الرهيب إلى أين سينتهي. ولعل تلك الدعوة الغريبة العجيبة التي بادر بها مجلس التعاون الخليجي باتجاه أشقائنا في المغرب، ليست سوى حلقة أخرى ، هدفها حمل الجزائر على النظر في الاتجاه المعاكس، وتجاهل ما يجري على حدودها الشرقية، لكن هيهات هيهات أن ينسى الجزائريون إخوانهم الليبيين، فلهم علينا حق الجيرة والدم والتاريخ. أيتها الأخوات، أيها الإخوة لقد كانت الفترة الممتدة من الدورة الثالثة حتى هذه الدورة مليئة بالأحداث و التطورات والنشاطات، وقد كان الحزب متواجدا كفاعل أساسي في لعب الدور المنوط به جماهيريا في كل المناسبات وعلى مختلف المستويات، كما عمل على وضع كل الإمكانيات من أجل الوصول إلى الاستحقاقات المقبلة، مدعما بهياكل قاعدية منسجمة، منتخبة وشرعية، وبقاعدة جماهيرية عريضة، تمكنه من الحفاظ على ريادته السياسية، علاوة على مبادرات حزبنا في الدعوة للإصلاحات السياسية وإعداد النصوص المتعلقة بذلك وهي خطوات تبقى في حاجة إلى المزيد لكن بحزب أشد قوة و أكثر تماسكا. إن كان صحيحا أن الأحزاب تقاس بقواعدها ونتائجها الانتخابية، فإنها توزن وتقاس أيضا بمدى فعاليتها وثقلها في المنعطفات والخيارات الكبرى للأمم، والإصلاحات الجارية وتداعياتها المستقبلية، إنما تشكل واحدة منها، وعلى ضوئها سيتشكل المشهد السياسي وتولد النخبة السياسية الجديدة، لكل هذا فإن حرصنا شديد على أن يكون حزبنا حاضرا وبالثقل الذي يمثله كقوة اقتراح أولى في الساحة السياسية. وضعنا الأسس وهيأنا الأرضية لتكون بصمة حزب جبهة التحرير الوطني مكرسة في الإصلاحات وتكون خياراته وفية لثوابتنا ومرجعياتنا الوطنية، وقد تم كل ذلك بإشراك واستشارة الإطارات والخبراء، الذين اعتمدوا أدبيات ورصيد الحزب. لقد تفاعل حزبنا منذ الدورة الأخيرة للجنة المركزية مع الأحداث والتطورات الوطنية والدولية، بما يؤسس لوضع خارطة طريق للاستحقاقات الانتخابية وبما يعمق تجذره في أوساط الشباب خاصة، فضلا عن مواصلة استكمال إعادة الهيكلة والتنظيم والتفرغ لعمل سياسي متميز ومؤثر في الحياة السياسية، من أجل جزائر سيدة، متطورة وديمقراطية.. تلك هي رسالة حزب جبهة التحرير الوطني والأجيال المتعاقبة من مناضليه، الذين لن يفرطوا في حزبهم وسيظلون في الطليعة من أجل تحقيق مطالب الشعب في التنمية والحرية والكرامة. وفقنا الله جميعا المجد للجزائر والخلود للشهداء