الرئيس يستقبل ثلاثة سفراء جدد    نعمل على تعزيز العلاقات مع الجزائر    حريصون على احترافية الصحافة الوطنية    حزب العمال يسجل العديد من النقاط الايجابية في مشروعي قانوني البلدية والولاية    قافلة تكوينية جنوبية    تراجع صادرات الجزائر من الغاز المسال    فرنسا تتخبط    الجزائر تطالب بإعادة إعمار غزّة    هل يُعاد إعمار غزّة؟    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    مرموش في السيتي    أمطار وثلوج في 26 ولاية    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    بسكرة : تعاونية "أوسكار" الثقافية تحيي الذكرى ال 21 لوفاة الموسيقار الراحل معطي بشير    كرة القدم: اختتام ورشة "الكاف" حول الحوكمة بالجزائر (فاف)    كرة القدم/ رابطة أبطال افريقيا /المجموعة 1- الجولة 6/ : مولودية الجزائر تتعادل مع يونغ أفريكانز(0-0) و تتأهل للدور ربع النهائي    السياحة الصحراوية: قرابة 23 ألف سائح أجنبي زار الجنوب الكبير منذ شهر أكتوبر    مجلس الأمن الدولي : الدبلوماسية الجزائرية تنجح في حماية الأصول الليبية المجمدة    خدمات الحالة المدنية لوازرة الخارجية كل يوم سبت تهدف إلى تخفيف الضغط وتحسين الخدمة الموجهة للمواطن    تطهير المياه المستعملة: تصفية قرابة 600 مليون متر مكعب من المياه سنويا    حوادث المرور: وفاة 13 شخصا وإصابة 290 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    تجارة : وضع برنامج استباقي لتجنب أي تذبذب في الأسواق    سكيكدة: تأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية تخليدا لبطولات رموز الثورة التحريرية المظفرة    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    ري: نسبة امتلاء السدود تقارب ال 35 بالمائة على المستوى الوطني و هي مرشحة للارتفاع    الجزائرتدين الهجمات المتعمدة لقوات الاحتلال الصهيوني على قوة اليونيفيل    كأس الكونفدرالية: شباب قسنطينة و اتحاد الجزائر من اجل إنهاء مرحلة المجموعات في الصدارة    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 46899 شهيدا و110725 جريحا    منظمة حقوقية صحراوية تستنكر بأشد العبارات اعتقال وتعذيب نشطاء حقوقيين صحراويين في مدينة الداخلة المحتلة    اتحاد الصحفيين العرب انزلق في "الدعاية المضلّلة"    التقلبات الجوية: تقديم يد المساعدة لأزيد من 200 شخص وإخراج 70 مركبة عالقة خلال 24 ساعة الأخيرة    الأونروا: 4 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول غزة    دخول مركب "كتامة أغريفود" مرحلة الإنتاج قريبا    التنفيذ الشامل لاتفاق السلام لتحقيق المصالحة الوطنية في جنوب السودان    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    وزير الاتصال يعزّي في وفاة محمد حاج حمو    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    بشعار "لا استسلام للخضر" في مباراة الحظ الأخير    الجزائر تستضيف طبعة 2027 من المنافسة القارية    مسابقة لاختيار أحسن لباس تقليدي    تعيين حكم موزمبيقي لإدارة اللقاء    قتيل وستة جرحى في حادثي مرور خلال يومين    توقيف 3 أشخاص بحوزتهم 692 قرص مهلوس    بلعريبي… وزارة السكن تطلق حملة لمكافحة التغييرات العشوائية في السكنات    الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج وبرد شديد في المناطق الشمالية اليوم الجمعة    وزير العدل يشرف على تخرج الدفعة ال27 من الطلبة القضاة في القليعة    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    جائزة لجنة التحكيم ل''فرانز فانون" زحزاح    فكر وفنون وعرفان بمن سبقوا، وحضور قارٌّ لغزة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    تسليط الضوء على عمق التراث الجزائري وثراء مكوناته    وزير الثقافة يُعاينُ ترميم القصور التاريخية    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الأمين العام عبد العزيز بلخادم خلال المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني
المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني

أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة الضيوف الكرام، السيدات والسادة مسؤولي الأحزاب، السيدات والسادة مسؤولي الإعلام الوطني، الأخوات والإخوة مندوبي المؤتمر، بداية أتقدم بالشكر والإمتنان للضيوف الكرام من مسؤولي الأحزاب الصديقة والشقيقة الذين لبوا دعوتنا لحضور المؤتمر التاسع، وأرحب بهم بين صفوفنا وفي الجزائر التي تحتضنهم وهي تعيش الأمن والإستقرار وترسم الخطى نحو التقدم المنشود في مختلف مجالات الحياة بسيادة وإقتدار.
أرحب بالسيدات والسادة ضيوفنا من رجال السياسة والفكر والمثقفين والإعلاميين والكتاب والشعراء الذين واكبوا حزب جبهة التحرير الوطني عبر مراحله التاريخية مناضلين أومحبين أو مناصرين أو قياديين، فوجودهم بيننا هو الصورة الحقيقية لذلك التواصل الروحي المستمر بين الأجيال في هذا الوطن المعطاء الزاخر بالقدرات والطاقات والكفاءات والمعبأ بالوطنية التي تبقى الرابط الذي يضعنا جميعا في خندق الوطن.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إنني عندما أتطلع لهذه القاعة الكبرى وأرى هذه الوجوه القادمة من أنحاء الوطن ممثلة لمناضلي حزب جبهة التحرير في المؤتمر التاسع ينشرح صدري ويزداد إيماني بالمستقبل الواعد لهذه الأمة التي حباها الله بثروة لا تفنى، بل يتواصل تجددها على الدوام وهي ثروة الإنسان، وأمامي وجوه شابة تمتزج مع وجوه صنعت التاريخ من المجاهدين ووجوه تشارك في عملية البناء والتشييد من جيل الإستقلال لتشكل ذلك التمازج الرائع لما هو عليه حزب جبهة التحرير الوطني الذي يتمسك بالتاريخ وبالثوابت ويسير نحو المستقبل متفتحا منسجما في تطوره الطبيعي في إطار مرجعيته التي يبقى بيان ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 العظيمة، الأساس الذي بنيت عليه كل النصوص والأدبيات التي صدرت وتصدر عن حزب جبهة التحرير الوطني، والأساس الذي توضع بمقتضاه كل المخططات التي تحدد التحرك السياسي للحزب إن على المستوى الوطني أو في علاقاته وتعاملاته مع الأحزاب في العالم.
وليس صدفة أن يكون تاريخ 19 مارس، تاريخا لإنعقاد المؤتمر التاسع، بل كان القصد أن يتصادف وعيد النصر، الذي حققته جبهة التحرير الوطني بفضل أعظم ثورة في القرن الماضي، وهو النصر الذي سيبقى نقطة الضوء التي تنير تاريخنا والمرجعية التي توجه مسيرتنا. ينعقد المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني، بعد خمس سنوات منذ المؤتمر الثامن الجامع، الذي إنعقد من 30 جانفي إلى الفاتح من شهر فيفري 2005 بهذه القاعة، والذي نجح في تجاوز المرحلة الصعبة التي عاشها الحزب لأكثر من سنتين بحيث عاش المناضلون والقياديون معا عرسا حقيقيا في هذه القاعة على مدى ثلاثة أيام ساد فيها نقاشا جريئا ومسؤولا مما أكد أن لحزب جبهة التحرير الوطني مَعِينٌ لا ينضب من المناضلين الأوفياء الذين ظلوا على الرغم من كل الظروف والضغوط والتحديات صامدين في وجه العاصفة ليبقى حزب جبهة التحرير الوطني على الدوام عملاقا تعلو هامته السماء وتغوص جذوره في أعماق التاريخ وتمتد فروعه إمتداد الرقعة الجغرافية والبشرية للجزائر.
لقد خرج حزب جبهة التحرير الوطني من المؤتمر الثامن الجامع منتصرا على أزمته متجاوزا كل تعقيداتها وأرسى أسس العمل النضالي الذي وحدبين الجميع لينطلق من خلال المشاركة في الحياة السياسية بشكل أكثر إيجابية وأصبح لزاما على حزبنا بمناضليه وقياداته أن يساهموا في إستعادة الصورة الحقيقية للحزب وترسيخ الثقة بينه وبين المواطنين وكانت الإنطلاقة لتحمل المسؤولية الوطنية والعمل الفعال من خلال الملفات الأساسية التي أفرزها المؤتمر الثامن الجامع كخريطة للمهمات الوطنية التي على حزبنا تحملها والتعامل معها بتجنيد كامل لكل قواه النضالية في القواعد وإطاراته وقياداته وفي المجالس المنتخبة، كانت أمامنا ملفات إقتصادية وإجتماعية وثقافية وسياسية تضمنها برنامج فخامة رئيس الجمهورية، للحزب دور أساسي في تحقيقها إضافة إلى القضايا الوطنية التي تشكل حجر الزاوية في العمل المستقبلي.
واليوم أيها الأخوات، أيها الإخوة،
ها نحن بعد خمس سنوات من العمل المتواصل شارك فيه الجميع من مختلف الجبهات والمواقع نلتقي من جديد في المؤتمر التاسع الذي سيكون نقطة توقف هامة نلتفت فيها إلى الخمس السنوات الماضية، ماذا تحقق وماذا لم يتحقق؟ وما هي المكتسبات التي أضافها حزب جبهة التحرير الوطني من خلال برنامجه الطموح وعمله المواكب للبرنامج الذي وضعه فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي تأطر في المخطط الخماسي 20042009، وأيضا ما هي طموحاتنا المستقبلية وأهدافنا في النهوض بالحزب ليواكب التطور بما يستجيب وعمليات التغيير التي يشهدها الوطن وهو يخوض معركة التنمية، وكذلك العالم من حولنا والذي تسوده عملية تطور متسارعة في عالم الإتصال والتكنولوجيا مما يحتم علينا المواكبة بكل ثقة ويقظة.
واسمحوا لي أيتها الأخوات، أيها الإخوة، أن أقول و بكل فخر واطمئنان بأن حزب جبهة التحرير الوطني لم يكن في يوم من الأيام أكثر قوة وأشد صلابة وتوحدا كما هو عليه اليوم بعد كل ما تعرض له من أزمات وبعد كل السهام التي وجهت له من الآخرين، فهو قوي بإطاراته وبمناضليه الذين أثبتوا في كل المراحل والأزمات أنهم الأحرص على أن يكون الحزب فوق كل إعتبار، وأكدوا في كل المناسبات والاستحقاقات والحوارات التزامهم النضالي وانضباطهم الحزبي الأمر الذي حقق للحزب المكاسب والانتصارات والبقاء على الساحة السياسية ليس كوجود تاريخي له جذوره المتأصلة في كل الشرائح والقوى والتنظيمات الوطنية، ولكن كقوة سياسية تحتل الصدارة في الحياة الوطنية والسياسية مكنها الشعب عبر الاستحقاقات من الأغلبية في المجالس المنتخبة ومنحها الثقة لتقود مسيرة النهوض الوطني.
من العمليات الكبرى التي إنطلق فيها حزب جبهة التحرير الوطني بعد المؤتمر الثامن الجامع وتطبيقا للنصوص الأساسية التي صادق عليها إعادة تنظيم الهياكل الحزبية التي تؤمن التواصل الهرمي بين القاعدة والقيادة بما يحقق الانسجام والتوحد وإعطاء الحزب قوة الانتشار لتدعيم الوعاء الانتخابي باستقطاب القدرات والكفاءات خاصة الجامعية، والانفتاح على الشباب من الجنسين والتوسع تجاه تنظيمات المجتمع المدني بما يحقق المزيد من القدرة على التجنيد والتعبئة والاستمرارية التي تبقى نقطة أساسية في منظورنا لعملية التطور والتغيير والممارسة الحزبية بالإنسجام والتكامل بين الأجيال والتواصل الذي يحفظ مقومات التاريخ ويفتح آفاق المستقبل.
لم تكن العملية بالسهلة، بل تطلبت جهودا متواصلة تولاها قياديون ومناضلون من حزب جبهة التحرير الوطني، تعاملوا مع المناضلين عبر المحافظات بروح من الانفتاح والمرونة للمحافظة على الانسجام والتنسيق والحوار وهو الأسلوب الذي أكدت عليه التعليمات الصادرة في هذا المجال وكذلك اللوائح والتوصيات التي صدرت عن دورات الهيئة التنفيذية والمجلس الوطني، وقد نجحنا في هيكلة الغالبية العظمى وبقى البعض مؤطرين بلجان مؤقتة وتولى مشرفون من القيادة على انتخاب المندوبين وفقا للتعليمات الحزبية التي انبثقت عن دورات الهيئة التنفيذية والمجلس الوطني أيام 10-11-12 فيفري الماضي قد يتساءل البعض لماذا لم تتم هيكلة بعض المحافظات والقسمات؟ إن التساؤل بالمطلق يمكن أن يكون منطقيا، لكن الجواب يمكن أن يقدم قناعات ومبررات وهي أن حزب جبهة التحرير الوطني على الرغم من أن إعادة الهيكلة أمر أساسي إلا أن تراكمات الماضي والالتزامات الحزبية على الساحة السياسية والإسهام الملزم في الاستحقاقات الوطنية والتي كانت متلاحقة والمسؤولية التي شرفنا بها رئيس الجمهورية بالتواجد على رأس السلطة التنفيذية، إضافة إلى التواجد الحزبي في كل المناسبات الوطنية والقومية جعل هذه العملية تأخذ الوقت الطويل، إلا أننا وفي كل الأحوال عاش حزبنا خلال الخمس سنوات الماضية حراكا سياسيا فاعلا، وإذا كان يحلو للبعض أن يطلق العنان لمخيلته أن ترى الحزب في حالة صراع فإنني أقول بأن حزبنا كان في حالة حوار متواصل ومستمر بين مناضليه وقياداته للبحث عن الأفضل والأحسن والأقوم من أجل أن يكون الحزب في مواقعه المتقدمة دائما في المسيرة الوطنية، وأن يكون فاعلا ومؤثرا في الحياة السياسية، وقوة اقتراح ومبادرة في تحقيق الحياة الحرة الكريمة للمواطن والازدهار للوطن، لقد كان ذلك الحراك الملتزم بالقواعد الحزبية مجالا لأن يطرح البعض الكثير من التكهنات التي هي في الحقيقة أمنيات لأن يرموا بهذا العملاق في زنزانة الأرشيف.
أيها الإخوة، أيتها الأخوات،
لقد قلت بأنه كانت أمامنا ملفات، واستحقاقات، للحزب دور أساسي في تحقيقها والمساهمة بفعالية في إنجازها إضافة إلى القضايا الوطنية التي تشكل حجر الزاوية في عملنا المستقبلي، وهي المصالحة الوطنية والإنتخابات التشريعية والمحلية والعمل على تعديل الدستور الذي أصبح ضرورة ملحة وغاية يجب تحقيقها إستجابة لرغبة المناضلين والدعوات الملحة من المواطنين لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى نمكنه من الترشح لعهدة ثالثة التي هي مطلب جماهيري.
وإعتبارا لكون حزبنا كان من المبادرين للمصالحة الوطنية والداعمين لها بكل قوة، فقد إستنهض المناضلين والمحبين والمناصرين عبر أنحاء الوطن من خلال تواجدهم في مختلف المواقع للدعوة إلى ترسيخ روح التسامح والإخاء للتمكين للمصالحة الوطنية التي إرتضاها الشعب في الإستفتاء الشعبي يوم 29/09/2005 كإستجابة قوية وعارمة لدعوة فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لحقن الدماء وإنقاذ الوطن من حالة التدمير الذاتي وتعرية القوى التي تتخذ من الدين الحنيف، دين الإخاء والتسامح، ستارا لمآرب تحوم كل الشكوك حول أهدافها ومراميها الحقيقية خاصة عندما تكون موجهة لقتل الأبرياء والعزل، وعملية إنتقاء لقتل المثقفين والعلماء، وحرق المصانع والمعامل وإستهداف كل من شأنه تقديم الخدمات للمواطن وتوفير الحياة الكريمة، نعم جاءت المصالحة الوطنية التي كان حزب جبهة التحرير الوطني من الداعمين لها منذ البدء، والعامل على تحقيقها ودعمها إيمانا منه بأن العنف المتولد عن الإرهاب لن تجفف منابعه إلا إذا إستعاد المواطنون الثقة في أنفسهم أولا وفي الدولة وكل الروافد التي تعمل من أجل إستعادة الأمن والإستقرار.
لقد كانت مرحلة أشد قسوة على البلاد والعباد كادت أن تدخل الوطن في دوامة التدمير والتفكك والإندثار. إلا أن الأقدام الشجاع للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مواجهة التحدي بالشعب، قد فتح أبواب الإنتصار على الإرهاب والعنف وإسترجاع روح الإخاء والتراحم والمواجهة لكل الخارجين عن إرادة الشعب والأمة.
في هذه المرحلة الصعبة واجهت الجزائر وشعبها ممارسات من الآخرين حاولت أن تجعلها في زاوية "الدولة الغارقة في العنف والدماء" وكانت الجزائر تنادي الجميع محذرة من آفة الإرهاب العابر للحدود وتداعياته، وتقاوم بإصرار وتحدي حالة الحصار والتجني حتى أثبتت أحداث نيويورك 11/09/2001 وفي غيرها من بقاع العالم صحة الرؤيا الجزائرية وتحذيراتها، عندها تحركت القوى العالمية عبر مختلف المحافل لكنها إستغلت المرحلة بأحداثها لتمارس الخلط المتعمد بين الإرهاب كحركة تدميرية لا يلتزم بحدود ولا يتمسك بدين و لايعترف بجنسية، وبين العمل الوطني المقاوم لمواجهة قوى البطش والإحتلال إن في فلسطين، أو في غيرها من الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والسيادة والإستقلال.
اليوم يمكننا القول وبمصداقية مؤكدة وبمعنويات عالية أننا تجاوزنا مرحلة المواجهة ونعيش مرحلة أخرى بإقتدار في مواجهة التمدد الإرهابي الذي اتخذ ألوانا جديدة بمسميات تبقى الجماعات المنتمية إليها في دائرة الشك سواء من حيث تواجدها أو من حيث مرجعيتها والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، فالجماعات الإرهابية التي تسمي نفسها" القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بحكم أماكن تمركزها وممارساتها والتعقيدات التي تسود العلاقة بين عناصرها على الحدود الجنوبية، تطرح تساؤلات كبيرة نحن على يقين بأن لها إرتباط بأجهزة تستعملها لخلق حالة عدم إستقرار في هذه المنطقة التي تتميز بحساسية معينة وإعطاء المبررات للتواجد الأجنبي.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة، السيدات والسادة الحضور،
الإستحقاقات الوطنية تتالت تواريخها بعد المؤتمر الثامن وتوترات في تتابعها كمحطات لها تأثيراتها في الحياة السياسية للوطن ولها إنعكاساتها على المواطن وهو ينشد المزيد من الحياة الكريمة، فكانت الإنتخابات التشريعية تبعتها الإنتخابات المحلية البلدية والولائية والتي أخذت جهدا كبيرا من كل المناضلين في عملية التعبئة والتجنيد ليفوز حزبنا بأغلبية المقاعد ويبقى متربعا على قمة القوة السياسية الأولى في البلاد كان للشعب فضل كبير في ذلك من خلال الصندوق لتحميله مسؤولية مواصلة رسالته التاريخية بثقة وإصرار.
لم يتوقف حزبنا عن النشاط والحراك السياسي بل كان على الدوام يعمل من أجل رفع مستوى المناضلين من جهة والتعاطي مع القضايا السياسية والتنظيمية والفكرية والإعلامية من خلال الحوار والنقاش المسؤول بطريقة تضع الجميع في صورة التطورات والمستجدات التي تشهدها الحياة الوطنية والعالم من حولنا حتى نكيف عملنا بما تتطلبه المتغيرات ويستجيب لحقائق المواطن والوطن.
فكانت العديد من الندوات واللقاءات والمحاضرات والأيام الدراسية وعلى رأس كل ذلك الجامعات الصيفية التي كانت عبارة عن منتدى كبيرا ضم المناضلين والإطارات وكانت عاملا مهما في تفعيل التواصل بين مختلف الشرائح وأساليب التعاطي مع المواطن من أجل الإستجابة لمطالبه التي تبناها الحزب في خطابه السياسي في مختلف الإستحقاقات، وقيام المنتخبين بأداء دورهم بالطريقة التي تترجم مصداقية الحزب في تحقيق البرنامج الذي حدده في توظيف دوره الفاعل في عملية التنمية والإرتقاء إلى المسؤولية المباشرة لتوفير أقصى ما يمكن للمواطن وتخفيف معاناته في أكثر الميادين حساسية وهي البطالة ورفع مستوى المعيشة وتحسين الخدمات الصحية والتربوية والتكوينية والتخفيف من الأزمات التي تنتج عن الحاجة المتزايدة للمواطنين بحكم التطور المتسارع الذي تشهده مناحي الحياة المتآتية من عملية التنمية التي أفرزها البرنامج الطموح لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والحرص على الثوابت والمبادئ التي تبقى في صميم أولوياته.
لم يكن موقعنا كحزب أغلبية ينحصر في دائرة الإقتراح والمبادرة والإنجاز بل وأيضا وهذا أساسي في أجندته السياسية وضع التصورات الإستراتيجية والاستشراف للاحتياجات ووضع التوقعات الممكنة التي تعكس المطالب الشعبية لدى مختلف الشرائح الاجتماعية التي تتزايد كنتيجة للنقلة النوعية للحياة الاقتصادية والاجتماعية بانفتاح مسؤول وهنا نقول بكل ثقة أن حزب جبهة التحرير الوطني وهو يعمل في الميدان على تطبيق برنامجه المنسجم مع برنامج فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سعي إلى تبني إنشغالات المواطنين والتعبير الصادق عن تطلعاتهم والإسهام في وضع الكثير من الحلول، وفي هذا الشأن أولى الحزب العناية الكافية للقضايا التي تخص الصالح العام فقام بتشكيل أفواج عمل مختصة عملت على دراسة القضايا الوطنية والدولية وقدمت تصورات الحزب لها، كما سعت إلى تقديم البدائل التي تتطلبها المتابعة الجادة والدائمة لملفات التربية والتعليم والتكوين والصحة والبطالة وعالم الشغل ومكافحة الفساد والرشوة والآفات الإجتماعية ووضع الإستراتيجيات الكفيلة بترقية الإستثمار الوطني في كافة المجالات والعناية بالتنمية الوطنية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.قام الحزب بتقديم دراسة وافية متضمنة مقترحات بشأن تطور المنظومة الدستورية للبلاد أثرت الأفكار والاقتراحات التي حملتها مبادرة تعديل الدستور في حينها.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
في لمحة قصيرة من واجبي أن أضيف إلى ما انجزه الحزب على مستوى مهماته الوطنية وترتيب بيته الداخلي لإعطائها الديناميكية التي تتطلبها المرحلة قد رافقه عمل دؤوب على مستوى الحكومة منذ أن شرفني فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة برئاستها في ماي 2006 إلى جوان 2008. فخلال تلك الفترة عملنا على دعم الفلاحين والموالين لأهمية هذا القطاع في مجال تأمين الإنتاج الفلاحي بكل فروعه لتحقيق الأمن الغذائي في حين عملنا على الصعيد الإجتماعي على رفع أجور فئات كبيرة من العمال ودعمنا القدرة الشرائية للمواطن بتدعيم أسعار كثير من المواد الاستهلاكية كما فعلّنا الكثير من النصوص المتعلقة بفئات المجاهدين وذوي الحقوق وأبناء الشهداء. وعملنا على إقامة حوار شفاف مع كافة الشركاء الاجتماعيين وتوصلنا إلى عقد اجتماعي، كما عملنا على توفير مختلف الشروط وخلق المناخ الملائم للاستثمار وخاصة في المجال السياحي، إضافة إلى العديد من المشاريع في السكن والأشغال العامة والنقل والري وكنا من المبادرين بالدعوة إلى وضع تقسيم إداري جديد ضمن منظور وطني شامل سعيا إلى كل ما من شأنه تفعيل الإدارة وتقريبها من المواطنين وإضفاء المزيد من اللامركزية على عملها وإحداث التوازن في مجال التنمية بين مختلف جهات الوطن مما يحقق العدل وفقا لمبادئ حزب جبهة التحرير الوطني وقيم ثورة أول نوفمبر الخالدة.كما تعاملنا بشفافية مع المال العام وأصدرنا قانونا لمحاربة الفساد والرشوة وإضافة إلى كل ذلك عملنا على التطبيق الميداني لمختلف النصوص التطبيقية لقانون السلم والمصالحة الوطنية.إن حزب جبهة التحرير الوطني المؤمن بأهمية الإنجازات التي حققتها عهدتي فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على رأس الجمهورية أين حققت الجزائر قفزات نوعية في الخروج من أوضاعها التي فرضتها عليها المأساة الوطنية وكسرت كل الحواجز واخترقت كل أسوار العزلة وعادت بقوة إلى الساحة الدولية. بادر حزب جبهة التحرير الوطني ومناضليه عن قناعة وإيمان بالدعوة لتعديل الدستور والالتماس من فخامة الرئيس الترشح لعهدة ثالثة، ولم يكن سعينا ذلك ينطلق من فراغ بل كانت لنا رؤية بعيدة المدى ترمي إلى تحديد واضح ودقيق لمنصب رئيس الجمهورية والتوازن بين السلطات مما يسمح بالعمل في إطار الشفافية والوضوح وتمكين المؤسسات من أداء دورها المنوط بها وترسيخ الديمقراطية التي تبقى من أولويات مبادئ حزبنا. وفي الدورة العادية للمجلس الوطني أيام 20-21 ديسمبر 2008 زكى مناضلو حزب جبهة التحرير الوطني ترشيح المناضل عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة. وكان الحدث.. وكان حزب جبهة التحرير الوطني بمناضليه وقياداته ومحبيه ومناصريه في الموعد، تحركوا في كل مكان تواصلوا مع المواطنين في المدن والقرى والأرياف والمداشر النائية داعين إلى تزكية المترشح عبد العزيز بوتفليقة في الإنتخابات الرئاسية أفريل 2009، وقد كانت حملة متفردة ومتميزة في التنظيم وقوة التجنيد والتعبئة مما أكد من جديد روح التوحد والقوة التي يتمتع بها الحزب من خلال مناضليه الذين كانوا مع الحدث في قمة اللإلتزام النضالي مما مكن مع القوى الوطنية الأخرى في البلاد من تحقيق الفوز الساحق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في إنتخابات شفافة ونزيهة كان الشعب فيها سيدا عبر الصندوق وفي وفائه للمجاهد عبد العزيز بوتفليقة والتمسك به رئيسا.إن العهدة الثالثة لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فتحت من جديد ورشات على إتساع الوطن وهي الورشات التي زادت من وتيرة التنمية وتوسعت في المشاريع التي تستجيب لعملية التطور التكنولوجي التي يجب أن يكون عليها الوطن وهو يسابق العالم في سرعة قياسية للتطور وعالم الإتصال، ونحن كقوة أساسية في دفع هذه المشاريع كان برنامجنا الإقتصادي والثقافي والإجتماعي والسياسي مكيفا مع برنامج فخامة الرئيس الذي عرضناه على القواعد الحزبية وتمت مناقشته وإثراؤه والذي سوف تتم مناقشته من جديد من طرف المؤتمر ليتم إعتماده كخطة عمل مستقبلية خلال الخمس السنوات القادمة.
أيها الأخوات،أيها الإخوة،
إن حزب جبهة التحرير الوطني، ليس الحزب الذي يعيش على الشعارات ولا على مخزونه التاريخي، بل إنه وعبر التطور الطبيعي لطبيعة نضاله إعتمد الممارسة الديمقراطية وتقبل الرأي الآخر بإتباعه أسلوب الحوار والنقاش والأخذ بما يتوافق مع متطلبات العمل السياسي الذي يتناسب والأوضاع العامة للبلاد في معركتها المتواصلة لتجاوز النقائص التي ورثتها عن مرحلة التخلف الذي فرض عليها.وما ثمانية أشهر كاملة من الحوار والنقاش في مختلف الهيئات الحزبية منذ أن نصبنا اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر التاسع والتي بلجانها الفرعية السبع أعدت الوثائق الأساسية التي ستعرض على مؤتمرنا إلا دليل على الحيوية والإهتمام الذي يوليه المناضلون في أن يتخطى الحزب القضايا التنظيمية إلى الفاعلية السياسية والمساهمة بطريقة تعكس بصدق ما تتطلبه المرحلة من جدية في تقديم المقترحات والمشاريع، ومن إنفتاح على المجتمع للمزيد من التواصل والإنتشار والإستجابة للطموحات التي تبقى مرتبطة بما يتحقق من منجزات وهو دليل على أن حزب جبهة التحرير الوطني، حزب حوار متواصل ونقاش دائم ضمن أطره النظامية.
في تجربتنا السياسية على الساحة الوطنية تعاملنا مع التعددية الحزبية بكل ديمقراطية وإتساع صدر لأننا رواد في التعاطي السياسي ونملك تراكمات تجعلنا أكثر قدرة على التكيف مع المقتضيات الجديدة، وعلى الرغم من أننا تقبلنا هذه التعددية فقد إتخذها الوافدون على الساحة كسلاح لتصفية حسابات مع حزب جبهة التحرير الوطني إلا أن المبادئ السامية والتجذر التاريخي والإنتشار الطبيعي المميز للحزب في أوساط الجماهير الشعبية والرمزية الوطنية التي يحملها حزب جبهة التحرير الوطني كانت الدرع الذي سقطت عنده كل المحاولات حتى تلك التي كانت تغذيها قوى خارجية لأن لها ثأر مع جبهة التحرير.
في نصوصنا الأساسية التي ترسم منهاج عملنا للسنوات الخمس القادمة والتي عكف على وضعها خيرة الإطارات حُددت رؤية الحزب وتصوراته آخذة بعين الإعتبار المهام التي تفرضها علينا المشاركة في إنجاز المخطط الخماسي القادم 20102014 وكذلك الإستحقاقات الوطنية الكبرى 2012 و2014.
لقد قلت في كلمتي لدى تنصيب اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر التاسع في 17 جوان 2009 سنعمل على "أن يكون مؤتمرا مميزا وإنطلاقة قوية لحزب جبهة التحرير تتلاحم فيه جميع الجهود وتتلاقى كل الإرادات المخلصة للمناضلين الأوفياء، تتوحد الكلمة وترص الصفوف إستعدادا لمرحلة حاسمة في مسارنا التاريخي وتسلحا لمسايرة التطورات والمتغيرات التي تتسارع في الحياة السياسية والعامة وكذلك العالم من حولنا".
وقد كانت النصوص على قدر المسؤولية التي إرتأينا تحملها لأحداث النقلة النوعية وفي نفس الوقت تثبيت المرجعية التاريخية والإنطلاق نحو المستقبل بأفق يستع لكل تطور ينسجم والحق الذي ضمنته نصوص الحزب للهيئات الحزبية والمناضلين وإن مؤتمرنا هذا بعد توليه النقاش لما أعد له من نصوص أساسية تضمنت رؤيا متطورة والمصادقة عليها ستكون المعين الذي يمد الحزب بالمزيد من القوة في الساحة السياسية وفي التعاطي مع شؤون البلاد والمشاركة في كل ما يتحقق من منجزات على طريق التنمية الشاملة والتي تتكامل وبرنامج فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حيث ستكون أهم الروافد التي تعطي الدعم والمساندة وحتى المراقبة على المستوى التنفيذي.
سوف تفتح آفاق جديدة في العمل السياسي الذي يتميز به حزبنا على المستويين الداخلي والخارجي، كما سنعمل بإستمرار على التعامل من منطلق ما تحتمه مصلحة الحزب والمصلحة العليا للوطن والمبادئ الثابتة للجزائر إن في تحالفاتنا أو في علاقاتنا مع الأحزاب الشقيقة والصديقة.
على مدى الخمس سنوات الماضية تعايشنا مع تجربة التحالف الرئاسي الذي كان نموذجا في الممارسة الديمقراطية والتنسيق في دعم وإنجاز البرنامج الطموح لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتنمية الشاملة.
وقد أكدت السنوات الست التي هي عمر التحالف، أننا أرسينا قواعد للتعاطي مع العديد من القضايا الوطنية في إطار من التنسيق والتعبئة والتجنيد مع المحافظة على الخصوصية التي يتميز بها كل حزب، وهو ما سمح لنا بأن نحافظ على التجربة ونحاول العمل على تطويرها وإدخال التعديلات التي فرضتها الممارسة في العديد من الاستحقاقات، وسيبقى التحالف الرئاسي عنصرا أساسيا وإيجابيا في توحيد الجهود لإحداث التغيرات المطلوبة والتي قد تتطلبها المرحلة القادمة خاصة على مستوى المجالس المحلية البلدية والولائية حتى تخرج من دائرة التجاذب القائمة في الصلاحيات بين هذه المجالس المنتخبة وبين الإدارة الوصية.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
لاشك أن مؤتمرنا العادي ينعقد في ظل ظروف غير عادية بكل المقاييس وعلى كل المستويات، وهذا ما يجعلنا نغتنم هذه المناسبة المباركة للتأكيد من جديد على مواقف حزبنا العتيد من جملة قضايا أساسية ومركزية بالنسبة لبلادنا والعالمين العربي والإسلامي. فعلى مستوى المغرب العربي نجدد تأكيدنا على التمسك ببناء صرح إتحاد مغربنا العربي الكبير كخيار إستراتيجي لكن برؤية شاملة ومدروسة ذات مضمون اقتصادي واجتماعي وثقافي يعود بالخير على كافة أبنائه، ونعتقد صادقين أن مثل هذا التوجه لن يتم دون تمكين الشعب الصحراوي المناضل من ممارسة حقه في تقرير مصيره بكل حرية وشفافية، وفقا لقرارات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ذات الصلة، كما نغتنم هذه المناسبة للتقدم لهذا الشعب المناضل بأحر التهاني وأزكى الأماني وهو يحتفل بالذكرى ال 34 لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية وكله عزم وإصرار على تحقيق طموحاته وتجسيد آماله. وفي هذا السياق، نجدد الإعراب عن الدعم الكامل لكفاح الشعب الفلسطيني العادل ضد الإحتلال الإستيطاني الذي لا تبدو منه أي نية أو بادرة تدل على التوجه نحو تسوية لهذا الصراع المرير بل أن كل الشواهد تشير إلى التعنت الكامل وإفشال كل المبادرات والضحك على الذقون بالدعوة إلى مفاوضات دون أي أفق هدفها الوحيد هو كسب الوقت حيث يجري العمل في الوقت ذاته على قدم وساق على قضم الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس، وأخيرا ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى ما يسمى الآثار اليهودية في تحد صارخ، ومن هنا فإن الرهان على مثل هكذا مفاوضات بدون أي معنى هو رهان خاسر لا محالة، وأمام هذا الوضع نرى من الأهمية بمكان تجاوز حالة الإنقسام المؤسف بين القوى الفلسطينية وتحقيق المصالحة الوطنية بوضع فلسطين فوق كل إعتبار وفي مقدمة ذلك السعي للتقليل من هيمنة البعدين الإقليمي والدولي اللذين لم يجلبا إلا الضرر لهذه القضية المقدسة والتسبب بشكل أو آخر في تعثر المصالحة بين أبناء الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية. وهناك أزمات لا تقل أهمية هي الأخرى تفرض تحديات كبيرة على بلداننا العربية، يأتي في مقدمتها إحتلال العراق وما ترتب عنه من تداعيات واضحة للعيان، تستوجب تضافر جهود كل أبناء هذا البلد العريق دون إقصاء أو تهميش لإنقاذ بلد الرافدين من المخاطر الحقيقية التي تستهدفه.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إننا نعتقد أن ما يجري على عدة أراض عربية هو الجانب الآخر لمشاريع قديمة متجددة بالشرق الأوسط الكبير أو الجديد وغيرها من المشاريع التي تستهدف الأمة العربية والعالم الإسلامي وأمثلة ذلك ما يجري على أرض الصومال وما يحاك ضد السودان، وبلدان إسلامية أخرى كأفغنستان وباكستان وغيرها وليس غريبا أن تتعدد مداخل الإستهداف والضغوط لتركيع بلداننا والسيطرة على خيراتها ومقدراتها، بالخلط المقصود في وضح النهار بين حق الشعوب في المقاومة والكفاح من أجل التحرر والإنعتاق والإرهاب ولعل قيام أمريكا وفرنسا بالتحديد مؤخرا بتصنيف دول بعينها عربية وإسلامية كونها مصدر خطر إرهابي ومن بينها بلادنا وإخضاع أبنائها لعمليات تفتيش في المطارت الغربية يندى لها الجبين وتمس الكرامة الإنسانية في الصميم هو مدخل آخر لممارسة ضغوط أهدافها الإستراتيجية وبعدها السياسي واضحان للعيان.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن موقعنا الجيوسياسي الذي يجعلنا بوابة إفريقيا وقلب المغرب العربي وعلى الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط يحملنا رسالة إنسانية وحضارية بحكم تاريخنا البعيد والقريب لأن نرفع الدعوة للعمل معا من أجل الحوار بين شعوبنا والحوار بين حضاراتنا لنشكل قاسما مشتركا بحكم العلاقة بيننا حتى نتجاوز النظرة الضيقة، والآراء المتطرفة والتي تسيء لكل منا في دينه وتاريخه ومقدساته، ومن ثم نتعامل على أسس تحكمها الإنسانية بكل أبعادها، والإحترام المتبادل الذي تحتمه تقاليد تبقى ثابتة ومفاهيم ترتفع عن أنانيات فيها من العنصرية أكثر من الأحكام العادلة. إن مجمل التحديات والتهديدات الجدية التي يراد فرضها بشكل أو بآخر على أمتنا ومنطقتنا تجعل حزبنا بتاريخه النضالي التحرري العريق وبرنامجه الطموح معنيا بالدرجة الأولى مع القوى السياسية والوطنية للتصدي للتحديات الآتية من الخارج وقطع الطريق عن أي ذريعة للمتصدين في المياه العكرة بمعالجة إشكالات الداخل وفي مقدمتها إفرازات مشاكل التنمية وتلبية حاجات الناس بكل أبعادها.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني أردناه أن يكون نقطة تحول جذرية في الممارسة الحزبية وبما يجعل حزبنا في الموقع الذي يؤكد استمرار دوره الفاعل على الساحة الوطنية وأردناه أن يبقى قوة اقتراح، سباقه في خدمة مصلحة الشعب والدفاع عن مصلحة الوطن، لأنه حامل رسالة تاريخية ومؤتمن على تضحيات وكفاح أمة كان الثمن أكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء، ولهذا يبقى حزب جبهة التحرير الوطني بمجاهديه ومناضليه، وبقوة الشباب التي تشكل حلقة الوصل بين التاريخ والحاضر والمستقبل والتي يحتضنها بين صفوفه، المنادى على الدوام بأن تقوم فرنسا الرسمية بالاعتذار عن ما قامت به فرنسا الإستعمارية من أعمال إبادة وجرائم ضد الشعب الجزائري على مدى مائة واثنين وثلاثين سنة، وتقدم التعويضات التي لن تفي حقنا ولكنها دين على فرنسا أن تؤديه، ولن نتوقف عند تصريحات بعض مسؤوليها غير المسؤولة، التي تحاول الإساءة لشعبنا في محاولة لتغطية العار المرسم تاريخيا على جبين دولة تدعي الحضارة والدفاع عن حقوق الإنسان لأننا شعب حضاري وكرامته فوق كل اعتبار. إن أهدافنا المستقبلية، حزب قوي بمناضليه، وبرنامجه وبقيادته وبأهدافه في أن تكون الجزائر التي أرادها الشهداء دولة الحق والعدل والقانون، دولة الحرية والمساواة وحرية التعبير، دولة الديمقراطية والحوار وإحترام الآخر ولسوف نكون بالمرصاد لكل الظواهر الشاذة عن مجتمعنا وأخلاقنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا، وللأمراض الإجتماعية التي تفشت في مجتمعنا، سوف تكون سياستنا الإنفتاح على الشباب والعمل على إدماج المرأة في كل هياكل الحزب وإعطائها الدور المميز في جميع الإستحقاقات لتتبوأ المكانة التي تتناسب وقدراتها.
سوف نعمل على تطبيق النصوص التي ستعملون على إثرائها وإعتمادها والتي هي برنامج متكامل لمعالجة الكثير من قضايانا الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية والمزيد من الترسيخ للديمقراطية والتمسك بالثوابت والدفاع عن القيم والمبادئ.المطلوب منا فقط المزيد من الجاهزية، والكثير من الإنضباط ودوام الإستعداد لنكون على موعد مع الإستحقاقات القادمة.
وختاما أرجو لمؤتمرنا التاسع كل النجاح والتوفيق.
عاش حزب جبهة التحرير الوطني.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.