عطاف: قرارات محكمة العدل الأوروبية نسفت المحاولات اليائسة لطمس ثوابت قضية الصحراء الغربية    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    عرض تصنيع "IVECO" النفعية المتوسط والثقيلة بالجزائر    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وفي غزة دليل على فشله    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    الخضر يحضرون لمواجهة الطوغو تحسبا كأس أمم إفريقيا 2025    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    السفير الجديد للمجر يؤكد رغبة بلاده في تطوير علاقات الصداقة التاريخية مع الجزائر    المجلس الشعبي الوطني: عرض حول مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة    التشكيلية نادية شراق تعرض آخر إبداعاتها بالجزائر العاصمة    مجلس الأمن: رئيس الجمهورية جعل من نصرة القضية الفلسطينية أولوية الأولويات    موسم الاصطياف: وفاة 762 شخصا وجرح 31705 آخرين جراء حوادث المرور    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    تكوين مهني: إدراج تخصصات جديدة وإبرام اتفاقيات شراكة بجنوب البلاد    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    حركة "حماس": مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وشمال غزة دليل على فشله وعجزه عن تحقيق أهدافه    التوقيع على اتفاقية تعاون بين السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ونظيرتها الموريتانية    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    إعادة بعث وتوسيع السد الأخضر .. شرفة يأمر بتجسيد البرنامج الخاص بسنة 2025    صندوق النقد العربي ينوه بجهود الجزائر.. فايد: الجزائر حققت "خطوات معتبرة" في مسار التحول الرقمي    استشهاد 3 أشخاص في غارة للكيان جنوب لبنان.. حزب الله يقصف الاحتلال ب 85 صاروخا    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة "النفط" وشركة "غلف بتروليوم ليميتد" القطرية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا بالجزائر : اتفاق على توسيع التعاون في مجال البحوث والحفريات الأثرية    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مع جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي.. عطاف: الجزائر تسعى لإقامة شراكة متوازنة ونافعة    صناعة : مجمع "ايفيكو" الايطالي يعرض مشروعا لتصنيع السيارات النفعية بالجزائر    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    الأهلي يعرض قندوسي للبيع    فرنسا تُرحّل مئات الجزائريين    الجزائر بوصلتنا    توقيع اتفاقية تقنية مع فيدرالية الفندقة والسياحة    ضخّ تدريجي للقهوة بالسعر المسقّف    الرئيس يستقبل سفيرَيْ الصين واليابان    الرئيس يأمر باستحداث هذه الوكالة..    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    انطلاق البرنامج الوطني للتظاهرات الرياضية    معرض وطني للألبسة التقليدية بقسنطينة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    محرز يخيّب الآمال    لا زيادات في الضرائب    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا.. الجربوع الأسود !
نشر في صوت الأحرار يوم 12 - 02 - 2008

لماذا لم تستقم علاقات الجزائر و باريس و قد مر على فك الارتباط الكولونيالي قرابة نصف قرن؟ يبدو أن عقدة الاستعلاء وعدم الاعتراف بالوقائع لدى الغالب "المهزوم" هي أكبر من حق مطالبة المغلوب "المنتصر " بما وقع له كضحية عبر عشرات السنين، وكيف يمكن أن تستقيم والذاكرة الجزائرية تستعيد اليوم ذكرى التفجيرات النووية التي فجرتها باريس على الجزائريين، و تأبى حتى الآن أن تتحدث عنها بالحقيقة التاريخية ، أليس ذلك من أكبر حواجز الاتصال والتواصل والشراكة والصداقة؟
اهتزت الأرض في مثل هذا اليوم وقبل سبعة وأربعين عاما خلت ، واسودت السماء في ذلك اليوم الحالك ، وتطاير غبار شديد لم يستطع أحد تفسيره أو الوقوف أمامه و قد زرع الهلع والخوف ، فتساقط البعض ممن كانوا يراقبون المشهد عن بعد ، و مات البعض الآخر ممن دفعه حب الاطلاع إلى الاقتراب أكثر من دائرة الموت ، و تناثرت أشياء الجزائريين كأنّ آمرا يدفعهم إلى طرق أبواب القيامة ، واغتيلت في لحظة أحلامهم التي داستها فرنسا وامتطتها لتمر بجرابيعها مِن عليها إلى مقعد اختطفته في نادي "التخويف النووي " وسط صراخ العالم وشجبه واستنكاره لما أحدثته تلك الفِعلة الشنيعة المستهجنة ، من قتل للإنسان و إفساد للأرض و تدمير للبيئة وفتْك بالطبيعة .
ثلاثة يرابيع هي أسماء لجرم فرنسا في رقان والهقار ، حيث جمعت إلى الثالث عشر من شهر فيفري عام (1960) ستين وتسعمائة وألف ، من الحيوان عددا من الماعز والجمال والأرانب و الأحمرة والكلاب والقطط والفئران ، وضيّفت إلى وليمتها الشريرة أكثر من مائة وخمسين( 150) سجين رأي جزائريا ، إلى جانب أعداد كبيرة من الأطفال والشيوخ والنساء الحوامل ، ليشهدوا على جرمها في صحراء لم تُذنب إلا لأنها جزائرية الجغرافيا و التاريخ والحضارة ، ولم يكن عام ستين (60) من القرن الماضي ، إلا كابوسا كله على الجزائريين ، فقد فجرت في التاريخ المذكور يربوعها الأزرق ، ولم يمض إلا سبعة عشر يوما ، أي في الفاتح ابريل عام (1960) حتى فجرت يربوعها الأبيض ، ولم تُنه سنتها إلا وقدمت إلى العالم يربوعها الأحمر ، في السابع 07) )من شهر ديسمبر عام ستين (1960) ، لتصنع من تفجيراتها الثلاثة ألوان رايتها التي تتباهى بها في الوحشية والتحلل من قيم الإنسانية ، ولكنها تعود إلى تدنيس الأرض الطاهرة عندما تعلن في الخامس (05) من شهر ابريل عام واحد وستين (1961) ، عن يربوعها الأخضر الذي لم تنفجر قنبلته بعد ، و لم يعرف غيرها مكان وجودها ، مع العلم أن حجم كارثة رقان وعين إيكر فقط ، تزيد عن مأساة هيروشيما بسبع مرات تقريبا ، ويلوِّث التفجير الحراري الواحد منها فضاء بامتداد ألف ومائتي (1200) كيلو متر مربع ، وتصل أضرارها ومخاطرها الإشعاعية إلى مئات السنين .
إدا كانت التفجيرات المذكورة ، هي محصلة المنهجية الكولونيالية ابتداء مما فعله الجنرال بوجو الذي قاد ضباطا سفاحين ، من أمثال سانت آرنو المفتخر دوما بكونه " محا من الوجود قرى بأكملها وأقام جبالا من الجثث" ، مرورا بكافينياك المشرِّع للإعدام بالاختناق ، عندما قضى على قبائل السبيعة بإشعال النار على بوابة المغارة التي احتموا بها من بطش الغزاة ، فإن فرنسا تكون فخّخت الأرض أينما حلت ، تماما كما حاولت تفخيخ الذاكرة الجزائرية لتشتيت الجهد الوطني عبر مختلف الأجيال ، ولعل الإصابات التي ما فتئ مواطنون ولدوا بعد ترحيلها يتعرضون لها ، سواء بالقرب من مساحات خطوط شال وموريس المخزية ، أو في مواقع ضربها فيها المجاهدون من أبطال جبهة وجيش التحرير الوطني ، تضاف إليها الإعاقات التي ألحقتها عناصرها المدسوسة ، بمشروع المجتمع الجزائري المناقض والمناهض في فلسفته وأسباب وجوده لفكرها القديم المتجدد ، كلها تفجيرات قوية حدثت وتحدث ، وكادت أن تسقط الدولة الوطنية في أكثر من مرة عبر خمسة وأربعين (45) عاما ، هوكل عمر استرجاع الاستقلال الوطني .
إن فرنسا الاستدمارية مُجرَّمة في الجزائر ، و دليل جريمتها يوجد في كل شبر تتألف منه الخارطة ، من الجبال الجرداء التي صحّرتها قنابل النابالم ، إلى الضحايا الذين ما زالوا يسقطون بالألغام التي زرعتها في كل زاوية و حي ، إلى يربوعها الأخضر "المسْودّ" الذي لا يعرف أحد أين و متى ينفجر ليحدث الكارثة ، وإن عدم اعترافها بجرمها المشهود هذا ، يعتبر في حد ذاته عملية تلغيم أخرى للحاضر كي ينفجر في مستقبل أجيال البلدين ، و ينسف كل جهد صادق مخلص ، يقال إن الدولتين ما فتئتا تبذلانه لفائدة الشعبين .
و إذا استبشر المتفائلون خيرا بالأرشيف السمعي البصري ، الذي أفرجت عنه باريس وسلمته – ربما مركّبا و مبتورا – للجزائر مؤخرا ، فإننا نشاطرهم تفاؤلهم إذا كان ذلك الكمّ الكبير من الأشرطة ، يوثّق حقيقة للجريمة الثابتة التي لم يغير حولها الزمان و لا المكان شهادتهما ، ذلك أن الاعتراف بما جرى – بالصوت والصورة – للجزائريين في سجونهم المفتوحة على المناطق المحرّمة ، أو ما فعله ضباط وجنود وحدات الحرب النفسية بالآمنين المطمئنة قلوبهم إلى أمتهم، أو ما حدث من زلزال عنيف ضربت به يرابيعها في رقان وعين إيكر البلاد و العباد ، هو بداية الفعل الصحيح في علاقات الشعبين، أما إذا كان ذلك - الذي اعتبره البعض فتحا - يؤسس للدعاية الفرنسية بأثر رجعي، ويعيد تمجيد الظاهرة الكولونيالية بوسائل أخرى، خاصة وأن أساليب القطع والتركيب و الدمج وإعادة تصوير الصورة، هي طريقة يعرفها الفرنسيون أكثر، وقد برعوا في اللعب بالصورة إلى حد السذاجة أثناء معاركهم الدعائية، وخلال تسويقهم "للحرب الجراحية"، فإن محاولة جديدة للتفخيخ تكون قد أكملتها إلى سابقتها التي بدأتها فرنسا منذ نكوصها على ما تعاهدت به مع الجزائريين، و تثبت أنها لم تخرج بعد من سجنها الاستدماري، و أن الحديث عن إقامة شراكة بين البلدين، ما هو إلا حديث من أحاديث الدبلوماسية، وأن التعويل عليه رهان خاسر .... [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.