جرد النظام الدولي الجديد ،دول العالم النامي من سيادتها وجعلها مجرد شكل فارغ في هيكل دولة تفقد هيبتها شيئا فشيئا،وتتخلى رغما عنها عن سلطتها في قيادة مجتمعها الخاضع في سياق بديهي لإرادة نظام القطب الواحد، وسحب كل أشكال الحصانة التي يتمتع بها قائد لدولته،وجعلته في مصاف مواطن عادي ارتكب جرما استحق عليه السوق إلى قفص الاتهام في محكمة قضائية. ويقف العالم العربي بسيادته على حافة الهاوية ، ويستعد لتقديم واحد من قادته مساقا إلى المحاكم الدولية التي نصبتها الولاياتالمتحدةالأمريكية تحت غطاء الشرعية الدولية الزائفة ، تطبيقا لمبادئ قانون عالمي غير عادل وضع على مقاسات الطريق الأمريكي الأوحد ، في تقليد تجاوز مرحلة التأسيس، ويستعد لجر قادة بات وجودهم يشكل حالة شاذة في عصر العولمة . وجروح المتناقضات العرقية في السودان الواقع فوق سندان التقسيم المعبر عن إرادة القوى الدولية المتنفذة..جعل المجتمع الدولي منها سببا لجر الرئيس عمر حسن البشير موقوفا إلى محكمة لاهاي الدولية ؛ و الحكومة السودانية التي تقابل قادة الحركات المسلحة المتمردة في دارفور،تدرك سر ضعفها في ظل تدخلات الدول الكبرى ألمؤثرة في مستقبل إقليم دارفور و وحدة السودان، ووجد طرفا الصراع نفسيهما إزاء متناقضات دولية تفوق حدة التناقض العرقي الراغب في التقسيم السياسي، أنها حدة تناقض المصالح السياسية و الاقتصادية الدولية في إقليم دارفور السابح ككرة في بحر من النفط المكتشف من قبل شركة شيفرون الأمريكية . وتتضارب حسابات الدول الفاعلة بالصراع الداخلي.. من خلال التوافد المذهل للوفود الإعلامية والسياسية الآتية من الصين المستثمر الذي يحتل المرتبة الأولى في الخرطوم معبرا عن نجاح خطة تدخله في إفريقيا وعواصم أسيوية وأوربية وأمريكية؛ حاملين ملفات التناقضات حول مستقبل إقليم دارفور وثرواته الهائلة التي جعلت لكل طرف دولي أجندة خاصة به في حيثيات الحضور في أزمات دولة السودان. دارفور .. القادرة على إرواء عطش العالم الغربي للنفط : تحولت إلى مساحة لصراع النفوذ بين فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية وجذبت حتى الصين التي تقرر لأول مرة في تاريخها السياسي المشاركة بقوة سلام دولية خارج حدودها وتحديدا في –دارفور- ..وفرنسا ترى نفسها الأحق بنفط دارفور الواقعة في جغرافية دول المنظمة الفرنكفونية..لكن الولاياتالمتحدة التي تتبنى الفصائل المتمردة ترى حقها قائما دون سواها في نفط يعود الفضل أليها في اكتشافه.. وبين الإستراتيجية الأمريكية والإستراتيجية الفرنسية يشتد التناقض الذي يجعل كل ألأطراف الأخرى على هامش المؤثرات. و جعلت لعبة الصراعات والتناقضات القبلية و العرقية السلام ابعد ما يكون في دارفور و ابعد من البقاء على سودان موحد .. المتمردون يتهمون حكومة ألخرطوم بتفجير ألصراعات ألعرقية و ألقبلية من أجل أن لا يتوحد سكان دارفور في انتزاع حقوقهم السياسية و الاقتصادية : عبر دعم ميليشيات من القبائل العربية * الجندويد والزريقات والهبانية* .. و الحقيقة أن قادة المتمردين ليسوا أصيلي دارفور في معظمهم فهم ينتمون إلى قبيلة الرئيس ألتشادي- إدريس دبي- التي لها امتداد في ليبيا..باستثناء قبيلة فور ألتي يتزعمها عبد الواحد محمد نور المقيم في فرنسا... وكل هذه المعطيات الدولية والإقليمية ستجعل القارة الإفريقية مسرحا لحروب تزيدها جفافا، بعد تنفيذ مشهد جر الرئيس عمر حسن البشير إلى محكمة لاهاي بجريمة الإبادة الجماعية،تطبيقا لمبدأ سيادة بلا حصانة .