دعا الوفد الممثل للأفلان في الندوة الدولية التي ينظمها بالعاصمة التونسية التجمع الدستوري الديمقراطي تحت عنوان «أي منظومة اقتصادية عالمية لضمان الاستقرار والتنمية في العالم»، إلى شراكة إستراتيجية حقيقية بين دول الشمال والجنوب تقوم على فكرة التضامن العالمي الإنساني. جاءت مداخلة وفد حزب جبهة التحرير الوطني المتكون من محمد نذير بولقرون وعبد المجيد بن حديد وفريد بن يخو لإثراء أحد محاور الندوة والذي يحمل عنوان «من أجل منظومة اقتصادية عالمية أكثر إنسانية وضمانا لتنمية متضامنة ومستدامة»، مبرزا أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية كشفت عن الاختلالات الهيكلية والبنيوية للتنظيم الاقتصادي والمالي العالمي، كما تؤكد أن السياسات المتبعة اليوم على المستوى الدولي في أمس الحاجة إلى مراجعة خياراتها وكذا مبادئها ومسلماتها. حسب المتحدث فإن التركيبة الاقتصادية العالمية الحالية لم تنتج توزيعا جديدا للثروة، بل تمركزا في الشمال مقابل تنامي احتمالات الفشل الاقتصادي عند دول الجنوب، وتهميش البلدان النامية وخاصة الفقيرة منها، وهو ما أدى من وجهة نظره إلى تعميق الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الدول وداخل الدولة الواحدة. واستشهد ممثل وفد الأفلان في مداخلته بتنامي مستوى الاستدانة في العالم الثالث مما ينذر بانتقال عدد من الدول إلى حالة من الإفلاس المدمن أو العيش في ظل مأزق المعونات الإنسانية المحدودة، أو حتى كما تنذر به الدراسة الاستشرافية لمجلس الاستعلامات الأمريكية (العالم في آفاق 2025) إلى إعلان فشل عدد من الدول الإفريقية خاصة تلك الموجودة في الساحل والقرن الإفريقي، ليس فقط في عدم القدرة على الإدارة السياسية بل أيضا في العجز عن توفير الحاجيات الضرورية للعيش والكرامة، في ظل غياب توازن داخلي على مستوى توزيع الثروة، وهذا ما قد يؤجج فتيل الحروب الأهلية ويضاعف من انتشار الفقر والأوبئة والتهجير الجماعي ويسهم في تهديد الأمن والسلام الدوليين. وفي سياق ذي صلة اعتبر المتحدث أن الأزمة العالمية الراهنة كانت وراء تفاقم الفوارق الاجتماعية بين سكان العالم، مستشهدا ببعض الأرقام والمؤشرات حول الفقر والجوع والبطالة والتعليم والأمية والتغذية في الدول الأكثر فقرا للتدليل على الأهمية الحيوية لتفعيل التضامن الدولي وإحلال السلم الاجتماعي في العالم، بعيدا عن سياسات الهيمنة والإقصاء والتفقير. وأشار القيادي في الأفلان في مداخلته إلى الطبيعة غير العادية للتجارة الدولية، حتى في إطار منظمة التجارة العالمية، وقال إن أسعار المواد الاستهلاكية المصنعة ونصف المصنعة في تزايد مفرط في حين أن أسعار المواد المستخرجة كالمعادن والمحروقات والمواد الزراعية في تنازل مفرط بالسعر المطلق، وهو ما يضعف من وجهة نظره القدرة الادخارية للدول ويقلص من إمكانياتها الاستثمارية ويعيقها من حيث تطوير سياسات اجتماعية اقتصادية مستدامة. كما رافع المتحدث من أجل إعادة صياغة مضامين العلاقات بين البلدان على أساس شراكة حقيقية تقوم على فكرة التضامن العالمي الإنساني، مذكرا بالمطلب الذي لا تتواني دول العالم الثالث، وفي مقدمتها الجزائر، على المطالبة به في أكثر من مناسبة وهو ضرورة إصلاح منظومة الاقتصاد والتجارة العالمية وإقامة نظام عالمي جديد أكثر إنصافا يقوم على التوزيع العادل للثروات والخيرات، بشكل يسمح للدول النامية من بناء استراتيجيات تنموية عقلانية قائمة على الاستجابة المستدامة لمتطلبات المواطنين مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بالبيئة والمحيط والحفاظ على الموارد غير المتجددة، منوها في الوقت ذاته بمبادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي القاضية بإنشاء صندوق عالمي للتضامن ومكافحة الفقر والتي تبنتها منظمة الأممالمتحدة كآلية ناجعة لإحلال التضامن الإنساني بدل تعميق الفوارق المجحفة بين دول المعمورة. ولم يفوت المتحدث باسم وفد حزب جبهة التحرير الوطني الفرصة لتقديم تهاني عبد العزيز بلخادم، الأمين العام للحزب وقيادة وإطارات ومناضلي الأفلان، إلى القيادة السياسية للتجمع الدستوري الديمقراطي وعلى رأسها الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة فوز هذا الأخير بولاية رئاسية جديدة، مع التمني للشعب التونسي الشقيق بمزيد التقدم والرقي والازدهار، منوها بالمناسبة بما حققته تونس من قفزات نوعية على طريق التنمية والتطور وما تنعم به من استقرار سياسي وأمني. وفي سياق ذي صلة أكد المتحدث على الروابط التاريخية المتميزة بين جبهة التحرير الوطني والتجمع الدستوري الديمقراطي، والتي تشكل من وجهة نظره ذلك الرصيد القوي والحيوي الذي يدفع بالعلاقات بينهما إلى أرقى مستوياتها تحقيقا لإرادة الشعبين الشقيقين في تعزيز التعاون والتكامل، معتبرا في الوقت نفسه تلك الروابط ترجمة للإرادة السياسية التي يبديها رئيسا الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزين العابدين بن علي، سواء في لقاءات القمة أو من خلال اجتماعات الوفود واللجان المشتركة لدفع العلاقات المتميزة بين البلدين إلى المستوى الجدير بها والذي يجسد متانة الروابط وصدق النوايا وتلاحم الجهود، حتى يكون التعاون بين البلدين مثمرا للشعبين ونموذجا لما يجب أن يكون عليه التعاون بين بلدان المغرب العربي.