دعا المتدخلون في الجلسة الافتتاحية لأشغال القمة ال 15 لحركة عدم الانحياز المنعقدة بشرم الشيخ المصرية التي يشارك فيها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الى إقامة نظام سياسي واقتصادي ومالي يكفل المشاركة الفعالة لدول الحركة ويراعي انشغالاتها. وأكدوا على ضرورة التضامن الدولي قصد تحقيق السلم والتنمية و التعامل مع الواقع الدولي الراهن على نحو يتسم بالفعالية والمبادرة. وفي هذا السياق أكد الرئيس الكوبي السيد رؤول كاسترو الذي افتتح الأشغال بصفته رئيس الدورة السابقة للحركة على ضرورة تأسيس "هيكل مالي واقتصادي جديد" يقوم على المشاركة الفعلية لجميع الدول وبصفة خاصة الدول النامية مشيرا إلى أن الأزمات التي يمر بها العالم كالأزمة المالية العالمية والأمن الغذائي والإرهاب لن تحل بحلول "شكلية و تجميلية". وطالب بضرورة أن يعترف النظام الجديد بالشروط والظروف الخاصة بالدول النامية ويعاملها معاملة تفضيلية وخاصة مع تعزيز نظام اقتصادي دولي عادل يساند التنمية المستدامة وتكون المؤسسات خاضعة لنظام الأممالمتحدة مبرزا أهمية أن يكون هناك "إطار جديد للمرجعية النقدية لا يعتمد على الاستقرار الاقتصادي ولا التشريعات ولا القرارات الاقتصادية لدولة واحدة مهما كانت قدرة وتأثير هذه الدولة". وأعرب في هذا الصدد عن اعتقاد الحركة بوجوب كل دول العالم البحث عن الحلول الفعالة والعادلة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية مجددا تأكيده على أن الدول الغنية هي مصدر الأزمة الحالية من جراء تأثرها ب"عدم الاتزان الهيكلي وعدم المنطقية للنظام الاقتصادي الدولي الذي يعتمد على قواعد السوق العمياء وعلى الاستهلاك ..وعلى معاناة الشعوب الفقيرة". وتطرق الرئيس الكوبي إلى قضية الشرق الأوسط حيث أكد أن السلام في المنطقة "يمر عبر تأسيس دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس" مؤكدا دعم دول الحركة الدائم للقضيةالفلسطينية وعدم ترددها في إدانة اعتداءات إسرائيل الدولة المحتلة. ومن جهته دعا الرئيس حسني مبارك بعد تسلمه رئاسة الدورة من الرئيس الكوبي إلى نظام "دولي سياسي واقتصادي وتجارى جديد أكثر عدلا وتوازنا ينأى عن الانتقالية وازدواجية المعايير يحقق مصالح الجميع ويراعى شواغل الدول النامية وأولوياتها ". وأضاف أن هذا النظام يسعى إلى "إرساء ديمقراطية التعامل بين الدول الغنية والفقيرة ويحقق التمثيل المتوازن للعالم النامي بأجهزة المنظمات الدولية ومؤسسات التمويل القائمة وآليات صنع القرار الاقتصادي العالمي والتجمعات الدولية الرئيسية مثل مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين". ودعا إلى المزيد من التعاون فيما بين دول حركة عدم الانحياز التي تتطلع إلى الأمن والسلم والتنمية والشراكة الحقيقية الفعالة مع دول العالم. وأكد الرئيس المصري سعي دول عدم الانحياز للسلام والتنمية ومما يستوجبه من تعزيز التضامن الدولي والتعاون البناء بين كافة الأمم والشعوب من أجل التغلب على ما يواجهه السلم والأمن الدوليين من تحديات وتهديدات ومخاطر وما تواجهه جهود التنمية من صعاب وعقبات . وأشار إلى ما يهدد السلم والأمن الدوليين من مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل فضلا عن العديد من النزاعات المسلحة وبؤر التوتر وقضايا طال انتظارها لحل عادل في مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية السلام الشامل في الشرق الأوسط فضلا عن أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية العام الماضي والأزمة الحالية للاقتصاد العالمي وتبعات ظاهرة "تغير المناخ" معتبرا ان تعزيز التضامن الدولي هو الطريق لتحقيق السلام والتنمية في جميع دول العالم . ودعا الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون إلى عقد مؤتمر قمة في عام 2010 بشأن الأهداف الإنمائية للألفية لحث البلدان المتقدمة لمساعدة فقراء العالم مذكرا بحثه قادة مجموعة الثماني في ايطاليا الاسبوع الماضي على الوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالتنمية والتي قررت بتعبئة 20 بليون دولار للاستجابة لازمة الغذاء العالمية . وأشار السيد بان كي مون إلى الالتزام الدائم دول حركة عدم الانحياز بالتنمية والسلم بنزع السلاح في الوقت الذي يواجه فيه العالم اليوم ازمة اقتصادية ومالية خطيرة انعكست أثارها السلبية على كافة البلدان فى العالم وبالخصوص على البلدان النامية. وأعرب عن قلقه للإعانات الصناعية وزيادة فى التعريفات الجمركية و كذا التدابير الحمائية الأخرى التي ستؤدي إلى تقويض النمو الاقتصادي العالمي مؤكدا الأهمية البالغة للتجارة الحرة والعادلة في إنعاش النمو الاقتصادي العالمي . وسجل بعض التقدم المشجع في تحقيق عالم خال من أسلحة الدمار الشامل بفضل الدعم من كثير من بلدان عدم الانحياز وقال انه على جميع البلدان ان "تدرك أن نزع السلاح يسهم في التنمية وان كليهما مهم من اجل السلام" . وفي تدخله أكد الرئيس السوداني عمر البشير على التعاون بين دول الجنوب واستثمار التضامن الجماعي لتحقيق الأهداف المشتركة وإقامة نظام اقتصادي دولي "عادل ومنصف" موضحا أن تعزيز دور ومكانة الدول النامية ومشاركتها الفاعلة في عملية اتخاذ القرار في مؤسسات التمويل الدولية أمر "حاسم" . وبعد أن أشار إلى الظرف التي تنعقد فيه هذه القمة والمتسم بتأثيرات الأزمة المالية السلبية خاصة على البلدان الافريقية والنزاعات وزيادة معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر والجوع وتباطؤ معدلات النمو والانكماش الاقتصادي أكد ان السيناريوهات الراهنة تشجع على "ابتداع أساليب جديدة لمعالجة الأزمات وتعزيز التضامن لتحقيق تطلعات شعوب دول حركة عدم الانحياز في النمو والسلم" . ودعا من جهته قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي في كلمته باسم المجموعة الأفريقية دول حركة عدم الانحياز إلى الاتفاق على استراتيجيات وسياسات دولية والاضطلاع بمهام دولية للتأثير على العلاقات الدولية مطالبا إياها باتخاذ موقف جديد بشان التحديات الراهنة وبتقييم الموقف الدولي حتى يستفيد العالم كما قال من هذا التجمع الضخم من الأمم التي تشكل الأغلبية الساحقة في الأممالمتحدة. كما اقترح قائد الثورة الليبية إنشاء مجلس الأمن والسلم تابع لحركة عدم الانحيازللفصل في مختلف النزاعات السائدة في هذه البلدان منتقدا دور الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي اللذين لا يملكان اية سلطة أمام الدول الكبرى. وجدد العقيد القذافي في هذا الصدد طلب إفريقيا لمنحها مقعد دائم في مجلس الأمن . وقد اختتمت أشغال الجلسة الافتتاحية لقمة عدم الانحياز بعد تدخل كل من رئيسة الفلبين السيدة غلوريا أرويو ممثلا عن المجموعة الآسيوية ورئيس الدومينيكان السيد فرنانديز ممثلا عن مجموعة أمريكا اللاتينية والكاريبى ووزير خارجية بيلاروسيا ممثلا عن أوروبا على أن يستأنف الاشغال فى جلسة عمل بعد ظهر اليوم.