التصريحات التي أدلى بها مسؤول عسكري باسم المجلس الانتقالي الليبي، برتبة عقيد من على منبر »فرانس 24«، تعليقا على بيان وهمي باسم الخارجية يتحدث عن اشتراط الجزائر التزام قوي من المعارضة في ليبيا لمكافحة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي حتى تعترف بالمجلس الانتقالي، لا يمكن إلا أن نصفها بأنها وقحة وتنطوي على خلفيات خطيرة تؤكد بأن جماعة بنغازي متورطة فعلا في سيناريو لضرب استقرار الجزائر. العقيد الليبي قال بالحرف الواحد »لسنا بحاجة إلى اعتراف من الحكومة الجزائرية، ويكفينا فخرا أن الشعب الجزائري العظيم اعترف واقتدى بنا.. مضيفا بأن الشعب الليبي ضحى من أجل الجزائر وهناك قبور لليبيين بالجزائر استشهدوا خلال الثورة الجزائرية«، وواصل »يكفينا أن الشعب الجزائري اقتدى بنا وقرر التظاهر في منتصف سبتمبر المقبل« ولا أدري من أين جاء هذا الشخص بهذه »المعلومة« وبهذا التاريخ، وكيف سمح لنفسه بأن يتعالى على الشعب الجزائري الذي علّم العالم أجمع كيف يثور ضد المستعمر ويصنع نصرا من عزيمة وتضحيات أبنائه ضد فرنسا وضد الحلف الأطلسي الذي صنع نصر من يسمون بالثوار في ليبيا. العقيد الليبي وصلت به الوقاحة حد التحامل بشكل مفضوح وغير مسبوق على الرئيس الجزائري وقال بالحرف الواحد »لسنا بحاجة إلى اعتراف بوتفليقة، وهو الذي لم يعترف بأشياء كثيرة ومنها شرع الله « وهذا الكلام لا يردده في الواقع إلا ساذج ينتمي إلى فكر الخوارج التكفيري الذي يكفر بالشبهة جميع الخلق، وهو ما يناقض تماما ما قاله هذا الشخص لما زعم بأن القاعدة لا وجود لها في ليبيا، لا فكرا ولا في الميدان، وأن ما يقال عن وجود القاعدة هو محض افتراء، مع أن العالم أجمع شاهد وعلى المباشر كتائب من المسلّحين المنتمين لتيارات جهادية نشطة في ليبيا على غرار ما يسمى بالجماعة الليبية المقاتلة وهي تقاتل في الميدان ضد كتائب القذافي، ومشاهد ذبح الجنود الليبيين وهم مقيدو الأيدي، وسجل أيضا بأن المعارضة دخلت طرابلس وعلى رأسها أمير إسلاماوي، وأشار أكثر من مصدر أمني غربي بأن للقاعدة وجودا قويا في شرق ليبيا على وجه الخصوص، وقد أعلن التنظيم الإرهابي بشكل صريح وفي بيانات نشرها على الانترنيت بأنه يقاتل في الميدان من أجل إسقاط نظام القذافي، وأن معركته المقبلة هي ضد الحلف الأطلسي الذي يسعى إلى استعمار ليبيا. والأكيد أن العقيد الليبي الذي يعمل تحت إمرة ضباط الاستخبارات الأمريكية والفرنسية والبريطانية، لم يقل ما قاله هكذا ودون حساب أبعاد كلامه وعواقبه، فالقوى الغربية التي برمجت الفتنة الليبية وقادت جحافل المتمردين للقضاء على نظام القذافي هي نفسها التي تأمر أمثال هذا العقيد الذي لا يختلف في شيء عن المسمى عبد الحفيظ غوقة ومصطفى عبد الجليل ومحمود الشمام وغيرهم ممن اختارتهم الاستخبارات الأمريكية لحملتها ضد النظام الليبي، هي نفسها التي تسعى إلى برمجة فتنة أخرى في الجزائر يكون لهؤلاء دور فيها. إن الجرائم التي ارتكبها المتمردون ضد العائلات الجزائرية خاصة بعد دخول طرابلس والاعتداء السافر على السفارة الجزائرية بالعاصمة الليبية لم تكن بريئة، أو مجرد ردود فعل لهذه المجموعات المسلحة التي ارتكبت فضائع ضد الأبرياء لا تقل في وحشيتها عن تلك التي ارتكبتها كتائب القذافي أو ربما تجاوزتها، فكل المعطيات تقول بأن الجزائر مستهدفة ومنذ البداية، و»حكاية« المرتزقة التي ألصقت بالجزائر منذ البداية تؤكد بأن المجلس الانتقالي الليبي المغلوب على أمره برمج كما تبرمج الدمى لمعاداة الجزائر، فالغرب الذي محا ثورة الليبيين ضد الايطاليين، ب »ثورة« صنعتها صواريخ الأطلسي، يسعى أيضا إلى فبركة ثورة أخرى في الجزائر تنسي العالم أعظم ثورة في العصر الحديث، قام بها الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي.