اللقاء الجهوي الاول للصحفيين والاعلاميين الجزائريين بوهران: توصيات لدعم مهنة الصحافة والارتقاء بها    السيد عطاف يتحادث مع نظيره المصري    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل وزير الإسكان و الاراضي لجمهورية موريشيوس    اجتماع تقييمي لنشاطات هيئة الوقاية من الأخطار المهنية في مجال البناء والأشغال العمومية    إطلاق المنصة الرقمية الجديدة الخاصة بتمويل مشاريع الجمعيات الشبانية لسنة 2025    زيت زيتون ولاية ميلة يظفر بميدالية ذهبية وأخرى فضية في مسابقة دولية بتونس    الاتحاد العربي لكرة السلة: انتخاب الجزائري مهدي اوصيف عضوا في المجلس و إسماعيل القرقاوي رئيسا لعهدة رابعة    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    مشروع قانون الأوقاف: النواب يثمنون المشروع ويدعون لتسريع تطبيق مضامينه    طيران الطاسيلي تنال للمرة الثامنة شهادة "إيوزا" الدولية الخاصة بالسلامة التشغيلية    سعداوي يؤكد التزام الوزارة بدعم ومرافقة المشاريع والأفكار المبتكرة للتلاميذ    وقفة احتجاجية الأربعاء المقبل أمام البرلمان الأوروبي للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51065 شهيدا و116505 مصابا    استثمار اجتماعي: سوناطراك توقع عدة اتفاقيات تمويل ورعاية    وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    تحقيق الأمن السيبراني أولوية جزائرية    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    اجتماع بين زيتوني ورزيق    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    في اختتام الطبعة ال1 لأيام "سيرتا للفيلم القصير    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    إحباط محاولات إدخال قنطارين و32 كلغ من الكيف المغربي    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    بلمهدي يبرز دور الفتوى    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيزي وزو تمدنا بكاتب
نشر في صوت الأحرار يوم 16 - 09 - 2011

نتحدث عن ظهور حراقة جدد، وإرهابيين جدد ومغنين جدد ورياضيين جدد وسياسيين جدد، والحديث عنهم ليس بلا طائل على كل حال، لكننا قلما نتحدث عن ظهور كتاب جدد، رغم أنهم هم من سيؤرخون لحياتنا بكل ما يخلف فيها المذكورون أعلاه سلبا وإيجابا، وقد كانت سعادتي كبيرة بالتعرف إلى كاتب جديد من منطقة تيزو وزو، شاب خجول يعمل في إدارة ما تابعة لوزارة ما، لكنه مسكون بالكتابة والأدب، ولأن النص هو أفضل من يقدم صاحبه فسأترك تعريفه لنصه، فقط تذكروا جيدا هذا الاسم: حيم دحماني:
بقيت أنظر إليه مشدوها بشكله، ومنتبها لكلامه، مسمّرا على فراشي لا أقوى على تحريك حتى لو طرفي عينيّ، ولم أشعر به حتّى رأيته يتلاشى أمام ناظري شيئا فشيئا كالظلّ بقدوم الظّلام وهو يقول لي: ها أنا ذا ذاهبة إلى العمق، إلى حيث المكامن المتأجّجة، والبواطن المتّقدة، ها أنا ذا ذاهبة إلى حيث المتبتّلون في هياكل الحبّ، والمستسلمون لألحان الطّبيعة المستلقية على جباه قلوبهم، الّذين تحلّق أرواحهم إلى ما وراء الأفق وتعانق أحلامهم أقطار السّماء، ها أنا ذا ذاهبة حيث جاثمة هي معانيّ في قاموس الأبدية، فإنّه لا حياة لي أين تقدّس الألفاظ وأنفاسها مختنقة تحت مجاري الكلمات، أين تطلّعكم إلى الشّمس وقلوبكم ترتعد لقطرة نور وهمسة صباح. وتلاشى كليّة وعاد إليّ نطقي ولكن لا أحد لأسأله إلاّ أنا.
لقد فرّت إليّ جوارحي في لحظة انهزام كالسّراب، وما أثقل أمانة الجوارح لمّا تستنصرك و ذاتك محاصرة بداخل منكسر وبخارج يتربّص بعذرية اعتقادك وبنقاوة نواياك، فلم أجد إلاّك مأوى احتضنتني ربوعك المستنطقة بأشكالها شيئا من غابر الأمان، وفتحت لي أبواب قلبك فإذا به كتلة نورية متوهّجة، مشرقة كالشّمس بعلاط الحياة والأبدية، لم أر فيكَ فخامة العمران ولم ألق فيك بذخ الغنى، ولكنّني انبهرت بفخامة البساطة لديك، تأسر النّفوس، والذوات دون أن تدفع لها، وتملك العقول والقلوب من دون أن تعبث بها.
واندهشت كيف ارتويت من ظمأ ظلّ ينخر عظام أحلامي الحبلى، وامتلأت بلذّة تغذّت منها جوارحي، و تطعّمت في داخلي بها عواطفي حتّى تفجّرت روعة ارتعشت بها أجنحة خيباتي المنتفضة، و فاضت كالجمال على أسوار روحي، و كالنّدى على وجنات أوهامي. لم يكن من فيكَ يوم ولجتك أصدقائي، لا معرفة سابقة لي بهم، ولا وصال سابق كان لي معهم.
كنت أجرّ ورائي ذكرى تماثيل من طين، كان بها فقط شيئ من الدّم، ولكنّه دم كاليأس، بلون يضمحلّ و يتلاشى حتّى الموت. أحببت الماضي، ولمّا كان الحبّ إيمانا خالصا، وتسليما مطلقا، سكنت فيه وهو على نعش محمّل بألف قبلة وضعفها حنين. كان ماضيّ حقيقة من زجاج، واضحا كاللاّشيء فصيّره الحبّ جمالا غامضا، وروعة مبهمة، كجمال لا مصدر له، وروعة لا إناء لها، حتّى ذابت في ذلك ملكاتي، وتقطّرت فيه رغباتي، وأصبحت فيه تائها كاللّيل في سراديب الظّلام، أحيا بلا قوّة وأتمنّى بلا إرادة وأطمح من دون رغبات. أمّا اليوم، فها أنا ذا بين أهلكَ وهم أهلي، نمارس الحقيقة بجلاء ونأتي طقوسها بعذوبة كالنّدى، وبطمأنينة كالإخلاص.
وها هي ذي التّماثيل قد أصبحت عدما أبيض لا ألفاظ له ولا كلمات، تصاعد كالبخور وليضيع بين يباب الذّكريات، واندثر كالسّراب في فدافد النّسيان. وحدها الشّمس تشرق مرّتين، ووحده الحاضر يأنسني بروعته، ووحده المستقبل ينعشني بمناه. كيف لي أن أترككَ، وأنت المدرسة الّتي تعلّم فنون العظمة، وتلقّن تعاليم التفوّق، يراك الرّائي ضعيفا بتجلّ فاضح، وهرما يتجاوز العتبة، ولمّا تمرّغت على لبّة تجلّياتك، وصلّيت في هيكل روعاتك، أيقنت بأنّ القوّة الّتي ساقتني إليك هي يد القوّة نفسها المحمّلة بأسرار العظمة نفسها، و بخبايا الامتياز ذاته. إنّك الآن جزء منّي، وأنا من بعد جزء منك، كلانا قد منح للآخر ذكرى، و نفث على تفاصيل دربه شيئا من التّاريخ، ذلك فقط ما سيتبقّى إرثا مشتركا في أحشاء ذهنينا، لا يسقطه التّقادم ولا يهتلك بنسيان. فلطالما كان العطاء المتبادَل أجمل ما في حوادث التّلاقي، لأنّ منحك الآخر ومنحه لك، ولو نفَس ابتسامة، هو إنجاز تتعاظم به ظلال الأرواح المنقبضة في داخل أجسادنا، وتقوى به أجنحتها المترهّلة لرمضاء الوحدة و هجير الانفراد.
لن أقول لكَ وداعا، لأنّ بي الآن شيئا منك، يتشكّل في سكينة وهدوء كذرّة نور متوهّجة تسبّح في خشوع، ونسمة حلم عابرة للأمنيات، فالوداع يذكّرني بماضيّ الّذي أباه الموت، و أجازته الأبدية ألما سرمديا على صفحات الخيبة و جبين الانكسار. لأجل الفرقة كرهت الحبّ، ولآلامه أهاب الألفة، فالحبّ والألفة كلاهما خمرة نثمل بها إلى حين، نحيا بها سعادة ونشوة مفرطتين، ولذّة ومتعة آثمتين، حتّى إذا ما زال عنّا دبيبها، تلاشى ما كنّا فيه، وعدنا إلى سابق آلامنا أضعافا مضاعفة. هي ذي حقيقة الحبّ، أوصاب متعدّدة، وجرح واحد، ونزيف حتّى الموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.