إسماعيل بيبرير، واحد من الأسماء التي بدأت تتكرس في الساحة الأدبية الجديدة في الجزائر.. يكتب الشعر وله أكثر من رواية مخطوطة، ويمارس الصحافة.. بدأ النشر عبر الصحف صغيرا، ولم يصدر كتابا لحد الآن، وله آراء خاصة في الساحة الأدبية كمتابع جيد لها واحد الفاعلين فيها.. نشرت له "اليوم الأدبي: منذ أعدادها الأولى، وبعد سنين من ذلك أردنا تسليط الأضواء على هذه التجربة من خلال الحوار التالي: اليوم الادبي: هل إسماعيل يبرير شاعر غامر في عالم السرد، أم هو سارد "يتطفل" على الشعر؟ إسماعيل يبرير: لماذا ينبغي أن أكون في احدى الحالتين انا أكتب الشعر بدرجة من السردانية وأنثر بقليل من الشعرية الأمر سيان بالنسبة لي صحيح أن هويتي بالأصل شعرية أو هكذا خيل لي منذ البداية لكنني لا أذكر أنني فصلت بين النثر والشعر للحظة قرأت شعرا وأنا أعيش تنامي حدث وشخوصا وحالات وجودية وقرأت روايات تشبهُ الشعر بل يلتبس عليها الامر فتصير شعرا. مقارنة مع نصوص المنشورة مبكرا، فأنت من "الجيل الجديد جدا"، ففي أي سن بدأت الكتابة؟ بدأت الكتابة تلميذا في الابتدائية عندما قررت أن أكتب قصصا لنفسي بدل القصص التي عودني والدي على اقتنائها كان الامر فنيا غاية في الابداع تصور أني كتبتها ونسختها – وهنا أقصد كتبتها بخط النسخ لأني أحببت الخط العربي مبكرا- ورسمتُ لوحاتها وصففتها في شكل كتيبات، لاحقا بدأت في كتابة الشعر لم أكن أعي تماما وهج الغواية ومن ثم تعرف كيف تكون البقية... وهل يمكن أن تعيدنا إلى الجو الذي نشرت فيه أول نص.. وفي أي منبر كان؟ المنبر كان أسبوعية أعتقدها "ما بعد الغروب" ولم أكن سعيدا جدا كطفل شكل الأمر حدثا لكنني أحبطتُ أياما قبلها عندما رد علي محرر احدى الصفحات الشبيةُ بالأدبية ردا شديدا معتقدا أنني أعتدي على الشعر كنت في الثالثة أو الرابعة عشر من عمري وفعلها بي خطي الذي يكون أحاله على شاب معتوه يعتدي على الشعر. في حدود علمي كتبت أكثر من رواية، ورغم أن بعضها جاهز إلا أنك لم تنشر منها شيئا إلى حد الآن، فهل الخلل في آلية النشر، أم في جهة ما كأن تكون مسألة كسل مثلا؟ رواية " باردة كأنثى" ورواية "ميم والنساء" الخلل بالنسبة لي بعض من الكسل ولكن لنفرض أنني أستيقظ باكرا وأحمل مخطوطاتي هل تتصور أن ناشرا جزائريا سيكون سعيدا بجلوسي على عتبات مكتبه مفعما بالحيوية ومنتش أنا لا أتصور هذا اطلاقا النشر في الجزائر مثل الحصول على سكن اجتماعي ضربة حظ أو علاقات ومعارف وهنا نحن لسنا بصدد المعرفة ابستومولوجيا أكيد، المشكل أن القليلون ممن قرأ المخطوطات وممن يصنفون في خانة كتاب كبار أو أباء يتجاهلون حتى عناوين ما قرأوا، انهم آباء رديؤون على أية حال. وهّلا أعدنا إلى أجواء رواياتك؟ لا أظن الحديث عن روايات مخطوطة يكون حكمة مني، لا علينا رواية " باردة كأنثى " تحكي ضياع شاب لا مثقف ولا صحفي ولا هم يحزنون نكرة لا يعني موته الكثير جزائري مشرد بين الجلفة والعاصمة ومتورط مع مجموعة ارهابية لا ينتهي ولا ينتهي ضياعه بنهاية الرواية يحب ولا يُحب أنا أأسف لأجله ولأجلي، بالنسبة لرواية " ميم والنساء" هي رواية تحكي حياة امرأة منبوذة من طرف أسرة واحدة هي أسرتها ولكنها تصنع الحدث في غير خليتها الأولى ينتهي ألقها عندما تحب "محجوب الباقي" المقاول الانتهازي الذي يتقن من كل علم شبرا يعي قليلا من الفكر واللغة والحب والجنسانية والغناء وكثيرا من السوء والشر والعقد النفسية لا أحسبني أجيد الحديث عنها دع الأمر يأتي في وقته. في إحدى رواياتك المخطوطة تستعيد حكاية "العاشقين الخجولين" المنحوتة في إحدى صخور منطقة الجلفة (منطقتك).. ما علاقتك بالموروث المحلي؟ أحب كوني نائليا، نائل بالنسبة لي حدث جميل وعلاقتي بكل ماهو نائلي طفولية مثلما هي علاقتي بكل ما هو قبائلي باعتبار أن الكثير من جداتنا كن قبائليات، بالنسبة لتوظيف "العاشقين الخجولين" في رواية " باردة كأنثى" هو رمز أولي يتصدر الرواية لقصة حب "ادريس نعيم" ل"مريم فرج الله" التي لا تكتمل تماما كما حصل مع العاشقين الخجولين منذ الآف السنين عندما نحتت اللوحة في صخرات جلفاوية لجسدين بل قل لوجهين يشرفان على عناق ولكنهما منذ آلاف السنين على الوضع ذاته أي خجل أبدي يا صديقي. زيادة على الكتابة الشعرية والسردية، فأنت صحفي تتعامل مع اليومي، ألم يؤثر "اليومي" ذاك في ملكة الأدبية، سلبا وإيجابا؟ اليومي يقتل ويحيي أنا أمارس الصحافة لأني أحبها ولأنه ينبغي لي أن أعمل وأحصل على دخل في البداية تأثرت قليلا لكنني لاحقا استطعت أن أعي التجربة وربما اذا كنا بصدد استثمار الحالة أو توصيفها أنا أكتب الآن مجموعة شعرية بعنوان "جرائدي". رغم اقتحامك عالم النشر في الجرائد مبكرا، إلا أنك لم تتكرس في الساحة الأدبية المحلية إلا في السنوات الأخيرة، ألا ترى أن الأمر تأخر شيئا ما؟ دعني أقول أنه لا يوجد الكثيرون ممن تكرسوا في الساحة الأدبية الجزائرية ماذا يعني أن تجد أسماء مشهورة أدبيا لا تزال تعلك وتلوك عنوانا يتيما هل هي أحقية الوجود لأن أعمالهم عظيمة هناك من ولد ميتا ولكن الساحة تكرسه وهناك من يسعى الى الظهور وترفضه، الوضع الأدبي في الجزائر مشبوه ومريب ولعل هجوم أحد الاباء الافتراضيين على واحد من جيلنا جميل وصحي لأنه يبشر بأفول وبزوغ أنا مثلا أفضل عبد الرزاق بوكبة على الكثيرين لا أدبيا وحسب ولكن انسانيا انه يحاكي وضعنا نحن الذين يريدون منا ان نجوع ولا نبدع ونقرأهم أكثر من مرة قبل النوم ثم نبتسم وننام دون الحلم بقلم على الاقل وننتظر بياناتهم في الصباح دون السؤال عن فحواها. ما هي حصيلتك الأدبية لحد الآن في الشعر والرواية، ومتى نرى لك عملا منشورا في كتاب؟ لا أعرف تماما الحقيقة أعرف جيدا فأنا أحصيها كل يوم وأضيف اليها الجديد كل أشهر قليلة حصيلتي على الأقل أكثر من حصيلة بعض مالكي الساحة أو الغرفة الادبية لدي "مخالب الجهات" و" طقوس أولى" و" كحياة متبوع بمدائح لأسبوع ما" دواوين شعرية أنا الآن راض عليها في انتظار أن أعدمها اذا كتب غيرها فالأمر أصبح لعبة مرضية رغما عني ولدي روايتان ومسرحية " الازميل والمعنى " التي سترى النور قريبا. عودة إلى "الجيل الجديد جدا".. لماذا يزهد عموم الكتاب الجدد في النشر، وماذا يميز هذه الحساسية الجديدة مقارنة بسابقاتها؟ النشر يقابله المنبر لا أظن الغرفة الأدبية في الجزائر تملك منابرا مهمة، الآن يوجد بعض الملاحق التي لا يصلح أن نسميها كذلك في عالم الصحافة لأنها صفحات أدبية وليست ملاحقا بالمعنى الحقيقي وهي كذلك مكرسة لأسماء ليس بإرادة المشرفين عليها ولكن بتدافع البعض عليها، لا أعرف سوى مجلة "مسارات" التي تصدرها مديرية الثقافة لولاية الجلفة والتي يحضر الآن عددها الثاني. وباقي التجارب لم توفق في الاستمرار هذا كان موضوع بحث بالنسبة لي في الجامعة، أما دور النشر فبعضها أسري وبعضها يبزنس في الجزائر عاصمة الثقافة وبعضها يشرف عليه أميون أدبيا لا يوجد كاتب يعزف عن النشر الا قسرا، ما يميز الحساسية الجديدة مقارنة بسابقاتها هو انفصالها عن اليوتوبيا والاديولوجيا وتشيعها للفني والفكري أعتقد أن ما أتيح لنا وما سيتاح لنا أهم مما أتيح لقبلنا وهذا بالضبط ما لا يمكنهم حرماننا منه هنا أشعر أنهم مغتاضون. *الحوار من الأرشيف السابق لموقع الجلفة إنفو -أكتوبر 2007