منذ إعلان رئيس الجمهورية مباشرة إصلاحات سياسية عميقة وشاملة من خلال مراجعة المنظومة التشريعية الضابطة للحياة السياسية، وشروع الحكومة في التجسيد الفعلي لهذا البرنامج، سارعت العديد من الإطارات السياسية إلى الإعلان عن ميلاد أحزاب جديدة، بلغت إلى حد الآن 5 أحزاب في ظرف 6 أشهر في انتظار البقية، مما أدى إلى خلق متنفس للاحتقان السياسي الذي ساد المشهد منذ عشريتين كاملتين. يبدو أن الجمود الذي ساد الحقل السياسي طيلة عشرية كاملة، وكان وراء غياب المبادرة ومن ورائها النقاش الهادف البناء وانكماش العديد من الشخصيات والإطارات السياسية على نفسها، ها هو نفس الحقل يشهد نوعا من التحلحل بعد انخراط العديد منها في الحياة السياسية من جديد، وتعاطيها بشكل إيجابي مع مشروع الإصلاحات التي أعلنها رئيس الجمهورية، وشروعها في الإعلان عن أحزاب سياسية جديدة أو التحضير لها، في إشارة توحي أن المشهد السياسي القادم قد يعرف تغييرات جوهرية في بنيته الهيكلية بعد دخول قانوني الأحزاب والانتخابات الجديدين حيز التنفيذ قبل التشريعيات القادمة. في هذا السياق كانت مجموعة الإطارات التي انشقت عن حركة مجتمع السلم بقيادة عبد المجيد مناصرة أول مجموعة تعلن عن إنشاء حزب سياسي بعد خطاب الرئيس في 15 أفريل الماضي عندما توجه بخطاب للأمة، فظهرت بذلك جبهة التغيير الوطني التي يقول مؤسسيها أنها تسعى لتكون بديلا للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، من خلال خطاب سياسي يستجيب للتحولات الجارية وطنيا وإقليميا. وفي نفس الظروف تخلى رئيس حركة الإصلاح الوطني السابق عبد الله جاب الله عن مساعيه »التفاوضية« مع قيادات الحركة بعد الإطاحة به، وذهب مباشرة إلى الإعلان عن ميلاد جبهة العدالة والتنمية، ثالث حزب سياسي له منذ إقرار التعددية السياسية مطلع التسعينيات. ويعول جاب الله على الحركية التي خلقتها الإصلاحات السياسية للحصول على اعتماد تشكيلته الجديدة والعودة لممارسة النشاط السياسي التنظيمي بصورة عادية بعد الانقلابات التي تعرض لها في حركتي النهضة والإصلاح. وبعيدا عن الأحزاب الإسلامية، سارع الأمين العام الأسبق لحزب التجديد الجزائري، جيلالي سفيان إلى إعلان »الجيل الجديد«، كإطار سياسي يقوم على خطاب ديمقراطي معارض ويحاول اللعب على ورقة الشباب. ونفس الشئ بالنسبة لمشروع »منبر الوطنيين الأحرار« وناطقه الرسمي الكاتب والصحفي عزيز غرمول، حيث يراهن هذا الحزب- قيد التأسيس- حسب مؤسسيه- على استقطاب النخب وإدماجها في الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تشهده البلاد ومختلف المناطق العربية. كما ظهر الأمين العام الأسبق لمنظمة أبناء الشهداء الطاهر بن بعيبش من جديد معلنا عن ميلاد حزب »الفجر الجديد« كوافد جديد للساحة يسعى حسبه للمساهمة في البناء الوطني من خلال طرح البدائل كما يقول. وبحسب الأصداء التي بلغتنا فإنه من المرتقب الإعلان قريبا عن مشاريع أحزاب جديدة من بينها المشروع الذي يحضر له الأمين العام المستقيل من حركة الإصلاح جمال بن عبد السلام، والمساعي التي يقوم بها رئيس التنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء خالد بونجمة لتأسيس حزب سياسي، علاوة على هذا هناك ثلاثة أحزاب على الأقل تنتظر الاعتماد منذ سنوات منها الجبهة الاجتماعية الديمقراطية لرئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي والتحالف من أجل الجمهورية والديمقراطية للإطار الأسبق في الأرسيدي عمارة بن يونس وحركة العدالة والحرية لمحمد السعيد.