يتوقع مراقبون للمشهد السياسي الذي تشهده الساحة السياسية، أن تظهر للعلن عشرات الأحزاب السياسية، تزامنا مع الشروع في تنفيذ الإصلاحات، مما يطرح إشكالية »إغراق« الحقل السياسي، سيما وأن مصالح الداخلية تحصي إلى حد الآن ما لا يقل عن 40 طلبا لإنشاء أحزاب سياسية. بدأت دعوات أحزاب وشخصيات سياسية، تحذر السلطة من مغبة الوقوع في فخ تمييع العمل السياسي في البلد ومنه تقويض العملية الديمقراطية، من خلال فتح المجال على مصراعيه لتأسيس أحزاب سياسية دون شروط واضحة ومحددة من شأنها ضبط العمل الحزبي وتنظيم الحياة السياسية، وأدكت تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية من تلمسان هذه المخاوف والتي كشف فيها عن وجود ما لا يقل عن 40 طلبا لتأسيس أحزاب سياسية. ومن هذا المنطلق فإن عملية حسابية بسيطة تبرز أن مجموع الأحزاب المعتمدة وتلك التي هي قيد التأسيس يتجاوز السبعين حزبا سياسيا، في انتظار كشف بعض الوجوه السياسية عن مشاريعها التي ظلت تنتظر الضوء الأخضر من الداخلية. في هذا السياق دعا رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، الحكومة والبرلمان إلى التدقيق في شروط إنشاء أحزاب سياسية، تفاديا لأي انزلاق، مستشهدا بالفوضى التي عرفتها الحياة السياسية مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث فتح المجال أمام من هب ودب لتأسيس حزب سياسي، غير أن بعض الناشطين السياسيين يحملون مخاوف أخرى لا علاقة لها بالمخاوف المعبر عنها من قبل المحامي فاروق قسنطيني، على خلفية أن الرجوع إلى سيناريو التسعينيات خط أحمر يتفق حوله الجميع، إلا أن المخاوف المطروحة بالنسبة لهؤلاء تتمثل في احتمال إقدام السلطة على تمييع الحقل السياسي من خلال منح الاعتماد لأحزاب قد تبقى مجرد أختام في محافظ أصحابها، ويستند أصحاب هذا الطرح إلى وجود ما لا يقل عن 20 حزبا سياسيا اليوم في حالة شلل تام طيلة أيام السنة لكنها تستيقظ كلما اقتربت مواعيد الاستحقاقات الهامة. أما الفئة الأكثر تخوفا من الانفتاح الحزبي والسياسي، فتتمثل في رموز الأحزاب التقليدية التي تعيش على وقع انشقاقات أو غضب المناضلين، ومن المرجح أن تشهد التركيبة السياسية التقليدية تغييرات جوهرية، ستؤدي إلى تغيير الخارطة السياسية المحتكرة للعمل السياسي منذ مطلع التسعينيات. من جهة أخرى أعربت مصادر برلمانية ل»صوت الأحرار«، عن ارتياحها لما هو آت، من خلال تأكيدها على أن قانون الأحزاب القادم سيتدارك كل الاختلالات والفراغات لموجودة في القانون الحالي، وسيكون هذا من خلال تشديد شروط وضوابط إنشاء الحزب والتدقيق في خطابه وبرنامجه السياسي بما يحفظ استقرار الجزائر من جهة، وتنظيم العمل الحزبي والممارسة السياسية من جهة أخرى. ومعلوم أن العديد من الشخصيات السياسية تنتظر الاعتماد لمباشرة نشاطها السياسي، منها حزب رئيس الحكومة الأسبق سيد احمد غزالي، الحركة الاجتماعية الديمقراطية، حزب وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، حركة الوفاء التي أعاد مجموعة من إطاراتها المؤسسين إحياء الملف، ثم حزب وزير النقل الأسبق عمارة بن يونس، جبهة التغيير الوطني التي أعلنت عن تأسيسها جماعة مناصرة المنشقة عن حمس، لكن أيضا هناك العديد من طلبات التأسيس منها الجيل الجديد للأمين العام الأسبق لحزب التجديد جيلالي سفيان، في انتظار مشروع عبد الله جاب الله، وآخرون يسعون على قدم وساق لاغتنام الفرصة والعودة إلى الساحة السياسية، خاصة وأن وزير الداخلية أعلن أن اعتماد الأحزاب الجديدة سيكون عقب مراجعة قانون الأحزاب.