في المقالات السابقة المتتالية تناولت موضوع النظام الانتخابي، وأنا متفائل بالتحول الديمقراطي قي البلاد والذي يسعى بخطى ثابتة نحو إتمام إرساء دعائم الديمقراطية في مجتمعنا التي من أولى سمات نجاحها وتثبيت عراها ، الانتخابات الحرة النزيهة التي من خلالها يتم تجسيد التداول السلمي على السلطة ويبلغ مداه عبر الإرادة الشعبية التي لها الحق وحدها في أن تعطي الحكم لمن تشاء وتنزعه ممن تشاء . وقد ذكّرت غير المختصين وغير المهتمين بالشأن القانوني أنه لا يعذر أحد بجهل القانون، ثم تحدثت في تلك المقالات عن النظام الانتخابي بصفة عامة ومدى احترامه للأسس الدستورية وللمعايير الدولية الواردة في أكثر من أربعين وثيقة أممية أو إقليمية أو جهوية . وتطرقت إلى الحقوق التي توفرها التشريعات الدولية والوطنية للناخب وللمنتخب، بما في ذلك اختيار الجو الملائم زمنا وأمكنة، والتأطير القضائي والإداري لمجريات الانتخابات تحضيرا وتنفيذا . وبقي أنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار العقوبات التي تسلط على الجرائم الانتخابية، والتي يقرها النظام القانوني للانتخابات . حيث أنه ولضمان انتخابات حرة ونزيهة ونظيفة لابد من وجود قواعد ردعية تطبق العقوبة على كل من يحدث خللا في مجريات العملية الانتخابية وما يتعلق بمراقبتها، بدءا من التسجيلات في جداول الانتخابات، وانتهاء بالبتّ في الطعون وإعلان النتائج. فباعتبار أن حماية العملية الانتخابية في جميع المراحل هي أهم الضمانات لنزاهة الانتخابات وصيانة حرية التعبير لكل أفراد الشعب السياسي ناخبين ومترشحين، فإن الإجراءات الجزائية في قانون الانتخابات هي التي تتصدى لأي محاولة تزييف أو تدليس أو غش أو عرقلة تطال السير العام للعملية الانتخابية فتؤثر سلبا على هدوئها ونجاحها وطمأنة الممارسين لها والمعنيين بإرادتها وتأمين ظروفها وتوفير آليات وميكانيزمات إجرائها . وإذا كانت هناك ضمانات إدارية كنت قد شرحتها ، فإن الضمانات القضائية هي التي تتولى تطبيق القواعد القانونية الزجرية المتعلقة بالجرائم الانتخابية التي وضع ضوابطها المشرع الذي لم يغفل أي سلوك سلبي من شأنه أن يمس بالمبادئ الدستورية والتشريعات القانونية الضامنة لحرية الانتخابات ونزاهتها والتي أي إخلال بها يغتصب إرادة الشعب وسيادته كمصدر للسلطة ومالك لها. فليحذر الأطراف الثلاثة، الناخب والمترشح والإداري على حد سواء الوقوع في الجرائم الانتخابية التي يجب أن يطلعوا عليها لعدم عذرهم بجهلها والإجراءات المترتبة عنها ولأن عدم الإلمام بها واحترامها قد يؤدي إلى تحريف إرادة الشعب وذلك في أي مستوى من المراحل الانتخابية . إنها وإن كانت مؤقتة ترتبط فقط بفترة الانتخاب فإنها من أكبر الجرائم كونها وإذا ما وقعت تخدش إرادة الشعب وتهز أركان مصداقية الاقتراع ..والتي قد تؤدي الأحكام الصادرة بشأنها إلى إلغاء نتائج ذلك الاقتراع... !؟