أجمع رئيسا غرفتي البرلمان في افتتاح الدورة الربيعية على أهمية الانتخابات الرئاسية القادمة مع دعوة المواطنين للمشاركة القوية في هذا الاستحقاق باعتباره "حدثا استثنائيا" من شأنه أن يؤثر على الحياة الوطنية، في ظل توفر الظروف الملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ودعا السيد بن صالح رئيس مجلس الأمة في كلمة ألقاها بمناسبة إشرافه على افتتاح الدورة، الشعب الجزائري إلى عدم التفريط أو العزوف عن تأدية واجب الانتخاب في التاسع أفريل القادم لأن ذلك يعد موقفا يتعارض مع روح المواطنة ويعاكس التوجه الديمقراطي الذي اعتمدته البلاد كخيار لا رجعة فيه. وبالنسبة للسيد بن صالح فإن الواجب يقتضي إعادة التذكير بأهمية العملية وحساسيتها والدعوة إلى تحفيز المواطن على المشاركة والتعبير الصريح عن الموقف حتى لا تتكرر تبعات ذكرى سابقة نتجت عنها آثار كارثية دفعت فيها البلاد ثمنا باهظا كان العزوف والتفريط سببا فيها. وأشار إلى أن الجزائر لها من التجربة ما يجعلها تستجمع جميع الشروط الضرورية للتحكم أكثر في سير العملية الانتخابية خاصة في جانبها المتعلق بالتحضير المادي، وأضاف أن هذه التجربة هي التي سمحت بتوفير جميع الترتيبات المطلوبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بدءا بالتأكيد على ضرورة التزام الإدارة الحياد وإشراك ممثلي المترشحين في عملية مراقبة الانتخابات وتسليم نسخ محاضر الفرز وإنشاء لجنة وطنية سياسية لمراقبة الانتخابات، وتوجيه الدعوة لحضور مراقبين دوليين، وخلص إلى التأكيد أن "السلطات العمومية عملت على اعتماد المعايير المعمول بها في الديمقراطيات العريقة في مجال تنظيم الانتخابات". واعتبر السيد بن صالح الانتخابات الرئاسية القادمة "موعدا مع التاريخ ولصناعة التاريخ"، كونها تكرس الممارسة الديمقراطية في البلاد، ودعا جميع الحساسيات الوطنية إلى الشروع في حملة لإقناع المواطنين بضرورة أداء واجبهم الانتخابي، "واختيار الأنسب من المتنافسين الذين يوفرون لهم الأمن والاستقرار وتحقيق كافة أهداف المصالحة الوطنية ويضمنون الاستمرارية في التطور والتنمية وتعزيز مكانة الجمهورية". وأبرز السيد بن صالح أن الجزائر اليوم بحاجة إلى رئيس قوي تسنده أغلبية واسعة وتدعم خياراته وقادر على اتخاذ الإجراءات الشجاعة القادرة على حل المشاكل ومواجهة كل التحديات الكبرى. ومن جهة أخرى ولدى استعراضه لحصيلة عمل المجلس خلال العهدتين الأخيرتين أبرز السيد بن صالح أن جهود البرلمان تركزت خلال الفترة الماضية على تجسيد مضمون الأهداف الكبرى التي حملتها سياسيات الإصلاح التي مست كافة القطاعات والتي قيمها ب"الجد إيجابية" من حيث النتائج. وذكر بهذا الخصوص بأنه وخلال نحو عقد من الزمن صادق البرلمان بغرفتيه على أزيد من 164 نصا من أكبر وأهم النصوص القانونية. وللإشارة فقد احتضن بهو مجلس الأمة معرضا خاصا بنشاط المؤسسة الوطنية للبث الإذاعي والتلفزي. من جهته اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة "حق وواجب" على كل المواطنين، داعيا الشعب الجزائري الى التسلح بروح المواطنة والمسؤولية والمشاركة بقوة في هذا الموعد الانتخابي الهام في حياة البلاد. وقال السيد زياري في خطاب ألقاه أمس في افتتاح الدورة الربيعية للمجلس بحضور رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح والوزير الأول أحمد أويحيى وأعضاء الحكومة أن "الشعب الجزائري مقبل على موعد هام، وأنه لا ينبغي أن يتأخر في إبداء رأيه فيه والتعبير عن صوته بكل حرية" وحسبه فإن الانتخابات الرئاسية تشكل "رهانا يتعين كسبه بكل وعي وثقة". وأوضح أن الموعد القادم يشكل محطة أخرى تضاف إلى الرصيد الوطني في تكريس التعددية الديمقراطية وتعزيز بناء دولة القانون والحريات، وهو الشيء الذي يتطلب من جميع الحساسيات الوطنية والأحزاب والمنتخبين بذل مجهود من أجل تحسيس المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتجنيدهم لأداء واجبهم الانتخابي. وعبر السيد زياري عن ارتياح المجلس الشعبي الوطني للإجراءات المادية المتخذة من طرف السلطات العمومية تحسبا لهذا الموعد، وأشار الى أن هناك عملا جادا يتم بذله لتوفير كافة الشروط الكفيلة "بضمان شفافية الانتخابات والحفاظ على نزاهتها ومصداقيتها بما يعزز المسار الديمقراطي التعددي ويدعم الاحترام الكلي لإرادة الشعب واختياره الحر". وأكد أن التدابير المتخذة إلى غاية الآن كفيلة بضمان نزاهة الانتخابات، وأن الرأي العام الوطني والدولي سيشهد على ذلك. وأبدى رئيس المجلس الشعبي الوطني دعمه للتوجه الجديد للحكومة في مجال الاستثمار ودعمها للآلة الاقتصادية الوطنية وتعزيز المنظومة القانونية على نحو يحفظ المصالح الوطنية وأشار إلى أن الجزائر ورغم عدم تأثر اقتصادها مباشرة بالأزمة المالية العالمية إلا أنها سارعت إلى اتخاذ احتياطات من شأنها أن تساهم في تعزيز التطور الاقتصادي، ويرى أن عدم الاتكال على جلب الاستثمار الأجنبي وحده لتحريك الآلة الاقتصادية يعد قرارا حكيما. واستعرض السيد زياري الإنجازات التي تحققت في السنوات العشر الماضية، وتوقع أن ترتفع وتيرة التنمية في السنوات المقبلة بفضل المشاريع المعلن عنها. وعدّد في هذا السياق الخطوات التي قطعتها الجزائر من أجل ترشيد الحكم وإرساء ثقافة الأخوة والتضامن وتجذير قيم السلم والمصالحة وتعميق الاستقرار وتثبيت دعائم الدولة الجزائرية القوية بمؤسساتها وممارساتها من خلال إصلاح هياكل الدولة والعدالة وصون الحقوق ومحاربة الآفات الاجتماعية والفساد والرشوة. ولدى تطرقه لمواقف الجزائر بخصوص القضايا الدولية أكد رئيس الغرفة السفلى أن الجزائر "تبقى من الدول الوفية لمبادئها الإنسانية والمناهضة للظلم والعدوان والمدافعة دوما على حقوق الإنسان والقضايا العادلة في العالم والعاملة على تحقيق الأمن والاستقرار والسلم الدوليين وهو ما أكسبها احترام شعوب العالم وتقديرها". وفي الشق المتعلق بالنشاط البرلماني أوضح السيد زياري أن المجلس سيقوم خلال هذه الدورة بدراسة مشاريع مسجلة في جدول أعمال الدورة الماضية وكذا اقتراحات قوانين منها على وجه الخصوص مشروع القانون الأساسي المتعلق بموظفي البرلمان. كما ترحم رئيس المجلس الشعبي الوطني على روح النائب عن ولاية تلمسان الراحل أحمد نجاري الذي وافته المنية مؤخرا.