رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يريد أن يكون وصيا على الديمقراطية في بلاد العرب يعتبر الأكراد إرهابيين، وهو يواصل حملة الاعتقالات التي طالت ثلاثة آلاف خلال سنتين ومن ضمنهم نواب أكراد، وأكثر من هذا هو يهدد الصحافيين المتعاطفين مع الأكراد المضطهدين بالسجن، وعلى الجبهة تجري عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية يقتل فيها الأكراد بشكل مستمر في ظل تعتيم إعلامي كامل. مأساة أكراد تركيا تفضح ازدواجية الغرب ونفاقه، فعملاء الولاياتالمتحدة وإسرائيل من أكراد شمال العراق أقيمت لهم دولة فعلية في كردستان العراق بموافقة تركيا، وهم يشاركون في ذبح إخوانهم أكراد تركيا وإيران، ويعتقد كثير من السذج في العالم أن المشكلة الكردية لا وجود لها إلا في العراق بسبب التركيز الإعلامي الغربي على هذا الجزء من كردستان التي تمثل منطقة متميزة من حيث الجغرافيا الطبيعية والخصائص اللغوية والثقافية، وقد تم تقسيم كردستان بين العراق وإيران وسوريا وتركيا، وأكثر الأكراد تعرضا للاضطهاد هم أولئك الذي يعيشون في تركيا حيث تسمى كردستان جنوب شرق الأناضول في أغرب تسمية تفرض بالقوة لمنع ذكر كلمة كردستان مثلما كان استعمال اللغة الكردية جريمة يعاقب عليها القانون، كما يعاني أكراد إيران من قمع دموي جراء حرب مستمرة عليهم. لا يمكن لداعية الديمقراطية وحقوق الإنسان أن ينفذ سياسات القمع كما يفعل أردوغان، ولا يحق لمن يمد بصره إلى ما وراء الحدود، ويطلق لسانه بانتقاد غيره أن يقع في المحاذير ذاتها، فما يفعله الجيش التركي في شمال العراق لا يدعو إلى الفخر، وما تقوم به السلطات التركية في حق الأكراد يمثل وجها قبيحا لبلد عاجز عن التحول الفعلي نحو الديمقراطية والحرية والمساواة بين المواطنين، وقبل أن يذكر أردوغان الحكام العرب بحكم التاريخ والشعوب عليهم وجب عليه تذكير نفسه بأن الأكراد لا يحبون تركيا وحكامها، وهم بكل تأكيد شعب يستحق الحياة بحرية وكرامة تماما مثل الشعب في سوريا وليبيا وسائر بلدان العالم.