اجتمعت مواقف نواب المجلس الشعبي الوطني خلال أولى جلسات مناقشة القانون العضوي المتعلق بالأحزاب، على ضرورة إنهاء ما أسموه »هيمنة سلطة وزارة الداخلية في اعتماد التشكيلات السياسية«، ومنهم من ذهب إلى التأكيد بأن النصّ الجديد لا يختلف كثيرا عن سابقه كونه »أبقى على سلطة الإدارة إلى درجة يُخال أن الحزب بات مصلحة من مصالح الوزارة«، وهو ما نفاه دحو ولد قابلية. أوضح وزير الداخلية والجماعات المحلية أن مصالحه حرصت على صياغة أحكام القانون العضوي المتعلق بالأحزاب وفق ما يضمن »تعميق الممارسة الديمقراطية والتداول وكذا الحفاظ على استقرار البلاد..«، مضيفا أن بنوده شدّدت على »التحلي بالوضوح والشفافية والدقة في اعتماد الأحزاب وتجنّب اللبس والتأويلات غير المجدية«. واعترف أن النصّ القديم لم يحظ بالشروط المواتية لتطبيقه في العقدين الأخيرين »لأن ذلك كان نابعا عن ظروف مضطربة وعليه بقيت جهود تأطير التعدّدية السياسية والحزبية دون مستوى التطلعات المشروعة للمواطنين«. وأوضح دحو ولد قابلية خلال عرضه أمس مشروع هذا القانون أمام نواب المجلس الشعبي الوطني أن النصّ »يشرح بالتفصيل كيفيات إنشاء الأحزاب وفق خارطة طريق تبيّن جميع المراحل بدءا من التصريح بالتأسيس إلى غاية عقد المؤتمر التأسيسي وكذا طرق الطعن..«. كما أبرز أنه »يُكرس احترام النظام والطابع الجمهوري للدولة وقيم السيادة والاستقلال الوطني والحفاظ على وحدة التراب الوطني وعدم المساس به«. لكن غالبية النواب لم يوافقوا الوزير طرحه على أساس أن النقاش انحصر على عدد من الزوايا التي كان من أبرزها تساؤلات عن خلفيات الإبقاء على سلطة وزارة الداخلية في منح الاعتماد للأحزاب بحسب ما أشار إليه نائب عن كتلة »حمس« الذي اقترح ضرورة »الإشراف القضائي على هذه العملية لتجاوز التعقيدات البيروقراطية التي كرّسها القانون القديم«، منتقدا عدم تحديد الممنوعين من النشاط السياسي والاستناد على قانون المصالحة »وهذا الوضع يُبقينا على نفس التدابير المعمول بها في مرحلة حالة الطوارئ«. وضمن هذا التوجه يعتقد النائب وهاب قلعي أن ما تضمنه القانون لا يُعبّر حقيقة عن ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية في 15 أفريل الماضي، وقال معلّقا: »نريد تحرير الإصلاحات من المصالح الحزبية الضيقة«، قبل أن يُضيف: »نريد أن تكون وزارة الداخلية جهة إخطار فقط وليس سلطة اعتماد الأحزاب«، وتابع كلامه بنوع من التشاؤم: »كنا ننتظر مزيدا من التسهيلات لنتجاوز البيروقراطية لنجد أنفسنا أمام مرحلتين في عملية الاعتماد..«. وبرأي النائب مجيد بكتاش عن التحالف الوطني الجمهوري فإن مشروع القانون »جاء لتكريس هيمنة الدولة على الفعل السياسي وتقييد حرية التنظيم التي يكرّسها الدستور«، موضحا أن مشكلة الجزائر تكمن في عدم تطبيق القوانين »والدليل تجميد اعتماد الأحزاب لمدة عشر سنوات دون مبرّرات رغم استيفاء أغلبها الشروط القانونية«. واختصر أحد النواب الأمر بالقول: »هذا القانون جاء متأخرا ومن يتصفحه يكتشف بأن هناك رغبة في أن يصبح الحزب مصلحة من المصالح التابعة لوزارة الداخلية«. وإذا كان النائب أمين علوش عن كتلة »التغيير« وافق سباقيه في أن مشروع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب »جاء أكثر تعقيدا وبيروقراطية من خلال مرور الاعتماد عبر مرحلتين بعقد المؤتمر التأسيسي ثم منح الترخيص«، فإن النائب محمد قيجي عن الأرندي دعا الوزير إلى وضع حدّ لبعض الممارسات التي تسيء إلى الأحزاب والممارسة السياسية، وذكر منها ظاهرة بيع الاعتمادات في المناسبات الانتخابية، وبرأيه فإن هذا الوضع »يُحتّم علينا إعادة النظر في الحياة السياسية عموما«.