أدان القضاء المغربي مرشحا للانتخابات بحبسه سنتين نافذتين بتهمة تقديم رشوة لأحد الناخبين من أجل التصويت لصالحه في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 25 نوفمبر الجاري. وتأتي هذه الإدانة التي صدرت الإثنين الماضي، في وقت تعالت فيه أصوات عديدة تحذر من استعمال واسع للأموال في انتخابات تتبارى فيها ألف و546 لائحة للحصول على 395 مقعدا هي عدد المقاعد المخصصة لمجلس النواب (الغرفة الأولى) حسب الدستور الجديد للمملكة المغربية. وقد سبق أن تحدث رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (الإسلامي المعارض) الدكتور سعد الدين العثماني في أحد تجمعاته الانتخابية نهاية الأسبوع الماضي عن »إنزال فظيع للمال ضمن الحملة الانتخابية الحالية«، مما حمل وزارة الداخلية المغربية على تقديم استفسار له بشأن المعطيات التي حصل عليها بهذا الخصوص. وحمل رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب طارق السباعي مسؤولية توزيع المال في الانتخابات للأحزاب السياسية لأنها لا تتحرى عن الأشخاص الذين ترشحهم ولا تتثبت من نزاهتهم. وأفاد رئيس الهيئة بأن العديد من مرشحي الانتخابات متابعون أمام القضاء بجرائم تكتسي صبغة جنائية تتعلق بنهب المال العام والفساد الانتخابي، وبالرغم من أنهم لم تصدر في حقهم أحكام نهائية فإنه كان من الضروري إقصاؤهم من التنافس على مقاعد البرلمان ضمانا لنزاهة الانتخابات. واستغرب السباعي كيف أن وزير الداخلية المغربي لم يبادر إلى اتخاذ إجراء قانوني يمنع المتابعين أمام القضاء من الترشح للانتخابات استئناسا بقانون المحاماة المغربي، الذي يشترط للترشح لمنصب نقيب هيئة المحامين أو الحصول على العضوية في مجالسها ألا يكون المرشح متابعا في قضية أمام المحاكم. وقال لقد »توصلنا بتقارير تكشف بأن محترفي الانتخابات يوزعون الأموال بواسطة وكلاء يتلقون عمولات مالية مقابل خدماتهم«، بناء على تقارير يبعث بها مراقبون تابعون للمرصد الوطني لمراقبة استعمال المال العام في الانتخابات (مرصد تابع للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب خاص بمراقبة توزيع المال في الانتخابات). وتحدث رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام عن توصل هيئته بتقرير من مراقبين بإحدى المدن المغربية يفيد بأن وزيرا يوزع مائتي درهم (حوالي 24 دولارا) لكل شخص يشارك في المهرجانات الخطابية التي يقيمها بمناسبة حملته الدعائية، وقد راسلنا -يضيف المتحدث- وزير الداخلية وأخبرنا الأحزاب السياسية بالواقعة. وعبر السباعي عن دعمه الكامل لحركة 20 فبراير (حركة احتجاجية نشأت مع الحراك العربي تدعو لمحاربة الفساد والاستبداد ومقاطعة الانتخابات)، وقال »إن معركتنا ضد الفساد ما زالت مستمرة، وسيكون من أهدافنا في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية هو المطالبة بحل البرلمان وإسقاط الحكومة« إذا تبين أن شيئا لم يتغير. ومن جهته قال المدير المركزي للحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية جامع المعتصم إن انتخابات الجمعة القادمة يتهددها أمران خطيران هما العزوف السياسي واستعمال المال لاستمالة أصوات الناخبين. وأضاف أن إدارة الحملة الانتخابية لحزبه تصلها شكايات يومية تتحدث عن »تنافس كبير« لبعض المرشحين في توزيع الأموال على الناخبين، وأن هناك »سماسرة محترفين« يشتغلون مع من يدفع أكثر، مما يهدد نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة. وأكد المعتصم أن مسألة توزيع الأموال على الناخبين من الجرائم التي يصعب إثباتها، لأنها تتم بسرية تامة، مشيرا إلى تقرير توصل إليه بشأن عملية سحب واسعة للأموال من بنوك مغربية قام بها مرشحون في دائرة انتخابية تقع جنوبي المغرب. وسبق أن أصدرت خمسة أحزاب اجتمعت يوم 15 نوفمبر الجاري بمدينة وجدة (شرقي المغرب) بيانا بخصوص »صمت السلطات المحلية وتخاذلها في اتخاذ ما يلزم قانونا لوضع حد للعبث الجاري بالانتخابات«. وحمل البيان تلك السلطات المسؤولية في حماية نزاهة الانتخابات التي قال إنها تعرف فسادا بتوزيع »الأموال لاستمالة المواطنين وخاصة الفئات الفقيرة وبكثافة غير مسبوقة«.