انتهت وزارة التربية الوطنية بعد نقاش طويل مع النقابات إلى إقرار خيار الانتخاب، في تسيير أموال الخدمات الاجتماعية، وهو الخيار الذي فرّعته إلى خيارين: خيار التسيير عن طريق اللجان الولائية والوطنية، وخيار التسيير على مستوى المؤسسات التربوية القاعدية، ولأنها لم تفضل خيارا على آخر، فقد تركت الكلمة الأولى والأخيرة لانتخابات 7 ديسمبر، التي هي استفتاء عمالي كذلك لإقرار الخيار الذي سيُتّبع، ولن يكون ذلك إلا بحيازة أحدهما على نسبة 50 بالمائة من النسبة العامة للمصوتين. جرّاء الاختلاف والتضاد الكبير الحاصل بين نقابات التربية، في الطريقة التي يُرادُ أن تُسير بها أموال الخدمات الاجتماعية لعمال القطاع، وجدت وزارة التربية الوطنية نفسها أمام مأزق حقيقي، في إقرار أحد الخيارين، فمن جهة نقابتا »كناباست« و»إينباف« تطالبان بكل ما لهما من انتشار ورواج نقابي وعمالي واسع عبر التراب الوطني باتّباع خيار التسيير عن طريق اللجان الولائية واللجنة الوطنية، وهو الخيار الذي كان مُتّبعا منذ 17 سنة من قبل الفيدرالية الوطنية لعمال التربية، المنضوية تحت نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهي تقول أنها تسعى من وراء هذا الخيار أن تحافظ على مبدأ التضامن الوطني، الذي قامت على أساسه هذه الأموال، وأن تشرك أكبر عدد من عمال وموظفي القطاع على مستوى هذه اللجان، وأن تُبعد المسيرين الذين سيتمّ انتخابهم عن أية هيمنة نقابية، لأن النقابات غير مسموح لها بالمشاركة المباشرة في هذه الانتخابات. ومن جهة ثانية باقي النقابات الأخرى، وعددها خمس نقابات، تتزعمها فيدرالية الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وخيارها يقوم على أساس المطالبة بتوزيع وتقسيم أموال الخدمات الاجتماعية على المؤسسات التربوية القاعدية عبر الوطن، وهي ترى من جانبها أن خيار اللجنة الوطنية واللجان الولائية يعيد هذه الأموال إلى هيمنة نقابية أخرى، وتعني بذلك هيمنة النقابات التمثيلية تمثيلا نقابيا وعماليا فعليا، ولكنها لم تصارح الرأي العام الوطني وعمال التربية الوطنية أنفسهم، ولم تقل لهم أنها هي نفسها مارست هيمنتها الفعلية والعملية المطلقة على هذه الأموال،التي تقدرها الأوساط المالية الرسمية بملاييرالملايير من الدينارات، على امتداد 17 سنة بشكل انفرادي متواصل، ولم تقل لهم أيضا أنها جزّت بأعداد كبيرة من هذه الملايير في مستنقع بنك الخليفة، ولم تقل لهم أيضا أنها على أرض الواقع لا تمثيل يُذكر لها في قطاع التربية الوطنية، وهي نفس الحقيقة التي تحجم عن الجهر بها باقي النقابات الأخرى على وجه العموم بشكل متباين، وفي حال إجراء انتخابات حقيقية لم تقل لهم أنها مهزومة من الآن، لأنها ليس لها أية قواعد أو امتدادات نقابية وعمالية، ومن أجل تغطية هذا الخواء النقابي تطالب من أجل كسر مبدأ التضامن الوطني في تسيير هذه الأموال، وتعويضه بالتسيير القاعدي على مستوى المؤسسات التربوية، وهي الأخرى لم تقل لعمال القطاع وموظفيه أنها تريد أن تُجبر وزارة التربية والنقابات النقيضة لها على أن تعطي لكل مؤسسة سنويا حوالي 250 مليون سنتيم، وتحرمهم من الاستفادة من المساكن، والمشاريع الصحية والاجتماعية الكبرى، وبما فيه القطع الأرضية للبناء، والقروض المختلفة للسيارات وغيرها، ومنح أرامل ويتامى عمال القطاع المتوفين، والتخييم الصيفي والحج والعمرة، وما إلى ذلك.