نفى وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، جمال ولد عباس، وجود أية خلافات مع الوزير الأول بشأن بعض الملفات المتعلقة بالقطاع، ورغم ذلك فإنه لم يتوان في التأكيد أنه »المسؤول الأول والوحيد على قطاع الصحة«، وذهب أبعد من ذلك في تصريحاته بقوله: »مهمة الوزير الأول هي مجرّد التنسيق، أما أنا فقد عينني رئيس الجمهورية وأنا مسؤول أمامه فقط«. أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أنه كان يدرك، منذ تعيينه على رأس هذا القطاع قبل عام ونصف، أن هذه المسؤولية الوزارية ليست سهلة »فكان لزاما عليّ أن أكون في صفين إما: صم، بكم عمي« أو »أن أواجه« في إشارة إلى التجاوزات الحاصلة في هذا القطاع، ليضيف مجيبا: »وأنا قد اخترت المواجهة«. جاء كلام الوزير على هامش وضعه أمس حجر الأساس لإنجاز مركز الأمومة ببلدية آفلو عشية زيارة رئيس الجمهورية إلى ولاية الأغواط. وسألت »صوت الأحرار« الوزير عن حقيقة ما يُشاع عن وجود خلافات مع الوزير الأول، أحمد أويحيى، خاصة في الشق المتعلق بمشروع قانون الصحة، فكانت إجابته بالنفي: »لا صحة لهذا الكلام، وليس هناك أي خلاف مع الوزير الأول«، قبل أن يتراجع مستطردا: »الوزير الأول عيّنه رئيس الجمهورية ولديه مهام محدّدة، وأنا وزير للصحة عينني رئيس الجمهورية«. ولم يتوقف عند هذا الحدّ كونه ذكر مهام أويحيى بالتحديد: »كل وزير لديه ورقة طريق حدّدها له رئيس الجمهورية، أما مهمة الوزير الأوّل فهي مجرّد التنسيق بين مختلف الوزارات«. وفي السياق ذاته أنهى جمال ولد عباس الجدل القائم عندما صرّح بأسلوب شديد اللهجة: »أنا المسؤول الأوّل والوحيد على قطاع الصحة«، ملمحا بشكل ضمني إلى أن رئيس الجمهورية هو الجهة الوحيدة التي بإمكانها محاسبته على خياراته بما في ذلك إعداد مشروع قانون الصحة الذي جرى الحديث مؤخرا بأنه مكمن الخلاف الحاصل بينه وبين أحمد أويحيى الذي قيل إنه أبدى بعض الاعتراضات عليه. ولم يكن الكلام الذي جاء على لسان ولد عباس ببلدية آفلو بخصوص ملف ندرة الأدوية أقل حدّة من سابقه، وهو الذي أورد بأن خياره المواجهة هو ما دفعه إلى كشف التجاوزات الحاصلة في هذا المجال، وقد اعترف للصحفيين: »لقد سبق وأن صرّحت بأنه لا وجود لمشكل اسمه ندرة الأدوية في الجزائر ولكن ما يحدث أن جهات تحاول فرض سيطرتها«. وأكثر من ذلك فإن المسؤول الأول على قطاع الصحة أقرّ في توضيحاته أنه تجنّب الكشف عن أسماء المستوردين وأصحاب المخابر الذين يقفون وراء موضوع الندرة من منطلق »أنني لست لا شرطيا ولا دركيا حتى أكشف الأسماء«، ليتابع بأكثر تفصيل: »ما يجري أن هناك تضخيما في فواتير الأدوية المستوردة«، مستدلا ببعض الأرقام التي قال إنها تمخضت عن دراسة شملت 38 دواء مستوردا. أما الأمر الخطير في هذا الملف، بحسب المتحدث، فيتمثل في أن الدراسة ذاتها أفضت إلى اكتشاف تضخيم في الفواتير بقيمة وصلت 94 مليون دولار في أسعار هذه الأدوية مقارنة بتلك المعمول بها في السوق الدولية، مثلما أعلن أن مصالح الجمارك تعمل حاليا بالتنسيق مع وزارة العدل للفصل في ذلك، وتوعّد بعدم التساهل عندما أعقب تصريحاته بتعبير: »أنا هنا وأتحمّل مسؤوليتي«. وحول مشروع قانون الصحة الجاري إعداده على مستوى الوزارة، كشف جمال ولد عباس أنه في طور الصياغة النهائية، ملتزما بأن يكون جاهزا قبل نهاية العام الجاري، وتذهب توقعاته إلى أن المشروع المتضمن 500 مادة »سيُطرح على نواب البرلمان خلال الثلاثي الأول من العام المقبل«، وبرأيه فإنه: »تمّت استشارة جميع الأطراف في صياغته، ومن تبقى سيتم إشراكه أيضا«. فتح تحقيق حول ارتفاع وفيات المواليد الجدد في آفلو أمر وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات المصالح التابعة لقطاعه بفتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب ارتفاع عدد وفيات المواليد الجدد في دائرة آفلو، وتفيد المعطيات التي حصل عليها ولد عباس أن النسبة الحالية تتجاوز 34.5 في الألف في حين أن المعدّل الذي حدّدته المنظمة العالمية للصحة يتوقف عند 25 حالة وفاة في الألف. يجدر التذكير بأن زيارة جمال ولد عباس إلى دائرة آفلو، التي تبعد بحوالي 100 كلم عن عاصمة ولاية الأغواط، اقتصرت على وضع حجر الأساس لإنجاز مركز للأمومة بسعة 120 سرير بغلاف مالي يبلغ 100 مليار سنتيم في آجال إنجاز بعامين، في حين طلب الوزير تقليص المدة إلى 18 شهرا. وأمام إلحاح سكان البلدية بضرورة الاستفادة من مستشفى إضافي يستوعب حاجيات 140 ألف نسمة، أبقى المسؤول الأول على هذا القطاع على إمكانية تسجيله في برامج لاحقة.