اعترف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بأنه لا يمكن للجزائر أن تكون بمنأى عن »التحولات الكبرى« التي يشهدها العالم باعتبارها جزءا منه، ولذلك أكد أنها »عملت بمسؤولية وصدق« من أجل »توفير مناخ لإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تتماشى مع طموحات الشعب«، مشيرا إلى أن القرارات المتخذة مؤخرا »دليل على تصميمنا للوصول بالإصلاحات إلى تحقيق مطامح الشعب وآماله«. لم يغفل رئيس الجمهورية خلال إشرافه، أمس، على مراسم الافتتاح الرسمي للسنة الجامعية، الحديث عن الحراك السياسي والالتزامات التي قطعها في خطابه يوم 15 أفريل، حيث عاد إلى التفصيل في مضمون التعهدات التي جاءت على لسانه قبل حوالي سبعة أشهر، وقال في كلمة مكتوبة سُلّمت للصحفيين لم يقرأها في جامعة عمار ثليجي إنه: »نحمد الله على أن الجزائر الآن في عافية، تعمل على بناء مجتمع قائم على مبادئ الحرية والعدالة والتضامن في ظل الأمان والوئام«. وعلى حدّ تعبير رئيس الدولة فإن الجزائر حققت هذه المكاسب »بعد أن نجحت في تجاوز المحنة التي أصيبت بها في استقرارها وقدرتها على النهوض والتقدّم«، لكن الأهم في ذلك تأكيده أن بلادنا »جزء من هذا العالم الفسيح، وبطبيعة الحال فإنها تؤثر وتتأثر بما يجري حولها من أحداث وتطوّرات«، واصفا الأوضاع التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية ب »المخاض العسير«. وفي إشارة صريحة منه إلى مدى التفاعل الإيجابي مع هذا الحراك، أردف بوتفليقة قائلا: »وفي ظل هذه الظروف، عملت الجزائر على توفير مناخ لإصلاحات سياسية، واقتصادية واجتماعية تتماشى مع طموحات المجتمع وآماله في إصلاح متواصل عبر حوار بناء واستشارة واسعة لفعاليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني في كنف دولة الحق والقانون«. وذهب أبعد من ذلك لدى توضيحه: »ونحن في مبادرتنا إلى تلك الإصلاحات وتوسيعنا لدائرة النقاش، نهدف إلى إدخال تغييرات على المنظومة التشريعية المقننة للحياة السياسية..«. إلى ذلك تابع القاضي الأوّل في البلاد أن كل هذه المساعي تأتي »من أجل تحقيق قفزة جديدة في تجذير المسار الديمقراطي ودعم التوازن بين السلطات وضمان الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان«، زيادة على »إضفاء الفاعلية على النشاط الجمعوي، وتوسيع مشاركة المواطنين في العمل السياسي مع ترقية دور المرأة والشباب« وفي هذا الكلام تذكير منه بمشاريع القوانين التي أحيلت على البرلمان منذ شهر سبتمبر الماضي. ولم يتوان بوتفليقة في توجيه بعض الرسائل السياسية القوية ردّا على الأطراف التي تحاول التشكيك في قدرة الجزائر على تحقيق الإصلاحات المأمولة وتلك التي تريد تأليب الشارع، حيث شدّد في هذا الشأن على أنه »وما القرارات المتخذة أخيرا في هذا النطاق، إلا دليل على تصميمنا للوصول بالإصلاحات إلى تحقيق مطامح الشعب وآماله في مستقبل تكون فيه الجزائر لحمة واحدة، متحدة الإرادة، وليكون حاضرها أزكى ومستقبلها أرقى«. وقد حمّل رئيس الجمهورية الجامعة جانبا من مسؤولية ترسيخ الحوار البنّاء وتحقيق مختلف الرهانات، وهو ما يتضح من كلامه الذي أورد فيه: »إن بلدا أعطى عناية للفكر وبنى العديد من الجامعات لا خوف عليه من عاديات الزمن والعجاف من السنين«، قبل أن يضيف بتفاؤل: »إن الجامعة أمل الأمة المرتجى الذي يسهم في تحقيق ذاتها وترقية حاضرها وسموّ مستقبلها«. وأوضح في السياق ذاته أنه »على الجامعة الجزائرية مسؤولية خاصة في مجال البناء العلمي الرصين والحوارات الفكرية البناءة.. بما يضمن للأجيال الصاعدة تمسّكا بالأصالة ومواكبة المعاصرة بعيدا عن الصراعات التي لا جدوى لنا منها«. وذكّر بالمناسبة أن الدولة سخّرت كل الإمكانيات لفائدة البحث العلمي بما يضمن للجامعة الاضطلاع بدورها المنوط، إلى جانب تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للأساتذة والباحثين وكذا تعزيز الإصلاح والظروف البيداغوجية والمادية للطلبة »إيمانا منا بأن التحدّي الأوّل، اليوم وغدا، هو التحدّي المعرفي والتكنولوجي«.