حدّد الرئيس التونسي المؤقت، منصف المرزوقي، الخطوط العريضة للسياسة التي ستنتهجها بلاده لاستكمال بناء مؤسساتها والحفاظ على مكاسب الثورة، مؤكدا أن الدولة ستسهر على أن تتابع الانتخابات الديمقراطية »دون رجعة ولا هوادة«، إلى جانب »المحافظة على مكاسب الثورة والعمل على أن لا تذهب تضحيات شهدائها سدى«. قدّم الرئيس التونسي في كلمة ألقاها أمس بحضور عدد من رؤساء وحكومات دول عربية وأجنبية، يتقدّمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تعهداته بالعمل على استكمال بناء الدولة التي ثار من أجلها التونسيون قبل عام، موجّها رسالة واضحة إلى الشعب التونسي في بداية الخطاب الذي أدلى به بمناسبة الاحتفالات الرسمية بعيد الثورة أكد فيه أن »الدولة لن تتراجع عن المحاسبة ثم المصالحة«، وقال المرزوقي: »إن الدولة ستسعى إلى المحاسبة دون انتقام أو ثأر«. وغلب على خطاب منصف المرزوقي طابع التفاؤل بالمستقبل الذي ينتظر الشعب التونسي، حيث اعتبر تاريخ 14 جانفي 2011 بمثابة »الفاصل بين ماضي مظلم ومستقبل مشرق«، موضحا أن عبارة »الشعب يريد إسقاط النظام« التي تلاقفتها بعض الشعوب العربية الطامحة إلى الحرية وإنهاء الاستبداد »قد حققت ما كانت تصبو إليه«، قبل أن يضيف في هذا الشأن: »إن الشعب اليوم يريد بناء النظام والدولة التي انبثقت عن انتخابات نزيهة وديمقراطية صفق لها العالم بأسره«. كما قدّم الرئيس التونسي بالمناسبة وعدا صريحا باستكمال تحقيق إرادة الشعب، حيث تعهّد بأن تعمل الدولة على »أن لا تذهب تضحيات الشعب سدى«، وذلك عبر »متابعة الانتخابات الديمقراطية دون رجعة ولا هوادة«. ولم يغفل في خطابه إطلاق إشارات واضحة بخصوص إرادة تونس في تفعيل مسار اتحاد المغرب العربي حينما تابع حديثه »نحن نريد وحدة الشعوب المغاربية واستكمال مسار هذا البناء«. وبرأيه فإن تحقيق هذا الهدف لا يتأتى سوى من خلال تفعيل ما أسماه »الحريات الخمس« التي تشمل حرية التنقل بين البلدين وبين كامل بلدان المنطقة بوثيقة بطاقة التعريف، وحرية الاستقرار وحرية العمل وحرية التملك، وحق المشاركة في الانتخابات البلدية للمستقرين. أما بخصوص السياسة الخارجية التونسية فقد وجه الرئيس المرزوقي رسالة واضحة لخصها في عزمه على الانفتاح على الجيران والأشقاء وتطويرها وكذا تطوير علاقات تونس مع أصدقائها في أوروبا وإفريقيا وأمريكا وآسيا ومع الذين ساندوا تونس وساعدوها في بناء الدولة والتوجه نحو انتخابات نزيهة. وجاء على لسان المتحدث تأكيده: »نريد أن يكون لهذا البلد الصغير مكان في العالم«، داعيا إلى تفادي الانغلاق، مثلما التزم من جهة أخرى ب »العمل على أن يكون جزءا من حلّ مشاكل تونس، وليس جزءا من مشاكلها«، حيث تعهد بأن تكون الدولة وفية لشهداء الثورة السير على درب ما مات من أجله الشباب التونسي. وأبدى الرئيس منصف المرزوقي الالتزام ذاته حيال إثارته ملف ضحايا الثورة من خلال التأكيد على إعادة الاعتبار لسلك الأمن ودعوة المواطنين لاحترام هذا السلك، مذكرا في الوقت نفسه أن »الاستقرار والأمن ركيزة أساسية في بناء الدولة اقتصادها«، والتزم كذلك بإعادة كل التونسيين إلى العمل واحترام الاحتجاجات التي لا توقف سريان العمل واستكمال بناء الدولة ومؤسساتها.