جدّد عبد الله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية قيد التأسيس، مطلبه بضرورة تأجيل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة بما يسمح للأحزاب الجديدة بالتحضير جيّدا لهذا الاستحقاق، مشكّكا في أرقام وزارة الداخلية حول الوعاء الانتخابي في الجزائر، مثلما دعا إلى استكمال تدابير المصالحة الوطنية من خلال السماح لنشطاء »الفيس« المنحل بالعودة من جديد إلى النشاط السياسي. استقبلت حشود مناضلي وأنصار حزب العدالة والتنمية قيد التأسيس رئيس هذا الحزب لدى دخوله القاعة البيضاوية بالعاصمة للإشراف على أشغال المؤتمر التأسيسي على وقع هتافات »يا جاب الله يا شجاع.. المبادئ لا تُباع«، واجتهد الحاضرون على إظهار حجم ولائهم ل »الشيخ« عندما ارتفعت أصوات في كافة أرجاء القاعة تصيح: »بن باديس، بن باديس.. جاب الله هو الرئيس«، في غضون ذلك وجد عبد الله جاب الله صعوبة كبيرة للالتحاق بالمنصة بسبب تهافت العشرات نحوه من أجل مصافحته. وأعادت الأجواء التي سادت أمس القاعة البيضاوية صور النجاحات التي حقّقها جاب الله في بداية العشرية الماضية عندما كان رئيسا لحركة الإصلاح وقبلها حينما كان على رأس حركة النهضة، وقد تحوّل المؤتمر التأسيسي الذي حضرته الكثير من الوجوه السياسية سواء من المعارضة أو السلطة، إلى ما يُشبه »استعراضا للقوة« من هذا الحزب الذي يبدو أنه ولد ليُكتب له النجاح بحسب ما يؤمن به مناضلوه الذين ردّدوا طويلا عبارة: »يا جاب الله بينا بينا.. المستقبل راهو لينا« مخاطبين بها شيخهم. وبعدها تفرّغ عبد الله جاب الله في كلمته الافتتاحية التي استمرّت ساعة من الزمن من أجل تقديم الخطوط العريضة لبرنامج حزبه الجديد المستنسخ من الحزب الحاكم في تركيا، حيث أكد أن اختياره لخندق المعارضة »لا يعني أن المعارضة مكتوبة علينا للأبد، ولذلك لما أسّسنا حزبنا هذا« في تلميح منه إلى تفاؤله بحيازة الأغلبية في قادم الاستحقاقات، قبل أن يُضيف: »نريد توفير شروط المشاركة في السلطة ليس من مبدأ مقاسمة الريع ولكن للبناء والإصلاح الذي نؤمن به..«. وموازاة مع حرص المتحدّث إبراز أهم المبادئ التي جاء بها حزبه، فإنه لم يغفل في الكشف عن بعض الملاحظات بخصوص قوانين الإصلاحات التي تمّ اعتمادها، ليوضّح أكثر: »نحن نثمّنها من حيث المبدأ لأنها تهدف إلى إقامة نظام ديمقراطي تعدّدي.. لكنها تبقى ناقصة وبحاجة إلى مزيد من التعديلات«. وتبرز الإصلاحات التي يريدها جاب الله في »إقامة مسار تعدّدي صحيح يتمتّع بتوازن حقيقي بين السلطات«، ويرى في هذا التوازن »أكبر ضمانة وأهمّها لحماية الشعب من الاستبداد والحريات من التعسّف«. وعلى هذا الأساس طالب بضرورة إدخال إصلاحات جديدة في النظام الانتخابي خاصة ما تعلّق منها بالوعاء الانتخابي »والانصراف نحو إيجاد توازن حقيقي في صلاحيات السلطات بشكل يجعل السلطة تمنع السلطة« كما قال. وأورد في هذا الشأن مشككا في أرقام وزارة الداخلية »يجب إعادة النظر في القائمة الانتخابية لأنه غير مقبول وغير معقول ومن العار أن يكون هناك 21 مليون ناخب من أصل 35 مليون ساكن«، وفي تقديره: »لا يوجد لمثل هذا الرقم مثيل في أيّ بلد«. ومن بين النقاط التي يراها ضرورة في الإصلاح »استكمال إجراءات المصالح الوطنية«، حيث دعا إلى وجوب »رفع الغبن واللغو والتهميش والحقرة عن شريحة هامة من المجتمع« في إشارة منه إلى نشطاء »الفيس« المنحل، وتابع »جبهة الحرية والعدالة ترى من الظلم منح هؤلاء حق الحياة فقط«، واستطرد أيضا »يجب ألاّ يُمنع هؤلاء من التواجد في الساحة وممارسة الحق في النضال«. كما تمسّك عبد الله جاب الله بمطلبه المتعلق بتأجيل التشريعيات المقبلة بما يسمح للأحزاب الجديدة بالاستعداد لها في أحسن الظروف، وذكر أنه في حال لم تتحقّق له هذه الرغبة سيكون ذلك مؤشرا يبعث على »القلق والتشاؤم وعدم الارتياح«، داعيا الإدارة إلى »عدم التحزّب« والقضاء ليكون مستقلاّ، في حين اختصر تعريف حزبه في أنه »تنظيم سياسي إصلاحي شامل مفتوح أمام الخيرين من أبناء هذه الأمة من اجل خدمة الإسلام والوطن والشعب«.