يختصر الإسلاميون نزاهة العملية الانتخابية في أمر واحد وهو فوزهم بأغلبية الأصوات فيها، ويتقاسم عبد الله جاب وأبو جرة سلطاني هذه القناعة رغم أن كليهما يعتبر نفسه ممثلا شرعيا ووحيدا للتيار الإسلامي في الجزائر. عبد الرزاق مقري، وهو أحد قادة حركة مجتمع السلم، يقول بأن حركته تعرف توجهات الشعب الجزائري وأنها تجري استطلاعات للرأي بوسائلها الخاصة وقد جاءت النتائج واضحة وهي أن الإسلاميين سيفوزون بهذه الانتخابات، غير أن هناك سببا آخر يجعل أصحاب هذا الرأي يثقون في توقعاتهم وهو أن الانتخابات التي جرت في تونس والمغرب ومصر أفضت كلها إلى فوز الإسلاميين ولا يجوز أن تشذ الجزائر عن هذه القاعدة، والغريب أن هؤلاء يتنازلون فجأة عن الخصوصية الجزائرية التي طالما دافعوا عنها عندما تعلق الأمر بالوصول إلى السلطة. يتساوى في هذه الأماني الذين يشاركون في السلطة والذين يعارضونها، ويعتقد قادة حمس أن قدراتهم البلاغية ومراوغاتهم الكلامية قادرة على تبييض صورة تضررت بفعل أوزار مشاركة امتدت على مدى عقدين من الزمن، في حين يرى جاب الله أن صفة المعارض التي يحرص عليها تكفل له الفوز بالأغلبية دونما حاجة إلى التحالف مع الأحزاب التي يصفها بالانبطاحية والمقصود بها حمس وأخواتها. حرب التوقعات التي طغت على الاستعداد للانتخابات تشوه صورة الانتخابات، وربط الهزيمة الانتخابية بالتزوير سلفا يشكل خطرا حقيقيا على الاستقرار في مرحلة ما بعد الاقتراع، وقول مقري بأن الجميع يعلم بأن حمس فازت بانتخابات الرئاسة سنة 1995 والانتخابات التشريعية سنة 1997 يحسب عليه، فالذين زكوا التزوير بالأمس ساهموا في تأجيل التغيير الذي كلف الجزائر كثيرا من الدم والجهد والوقت والمال، والذين تقاعسوا عن الدفاع عن أصوات المواطنين الذين وضعوا ثقتهم فيهم يمكن اتهامهم بخيانة الأمانة، وهذا يكفي للتفكير مليا قبل التصويت لصالحهم مرة أخرى، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.