هل ارتفاع الأسعار مؤامرة لإجهاض الانتخابات؟ السؤال مشروع، فعندما ارتفعت الأسعار مطلع السنة الماضية وأشعلت موجة احتجاجات طبعتها أعمال شغب وتخريب قيل إن الأمر يتعلق بمؤامرة لضرب استقرار البلد، وقد تبرأت وزارة التجارة من هذا الارتفاع، وتم تعطيل القانون من أجل استعادة الهدوء. ما تقدمه وزارة التجارة اليوم من مبررات لارتفاع أسعار البطاطا التي تجاوزت حدود مائة دينار، والطماطم التي أصبحت تباع بمائة وخمسين دينارا لا تبدو مقنعة، ومؤشرات الفشل واضحة للعيان، فالمخزون الاحتياطي للبطاطا لا أثر له على الأرض، وكل ما علق بالأذهان من الأزمة السابقة هي بطاطا الخنازير التي تم استيرادها بأموال الشعب ولم تكشف كل أسرارها إلى حد الآن، ولم يعاقب المتورطون فيها بعد. ما يميز موقف الحكومة اليوم هو التعامل مع الوضع على أنه حالة طبيعية، فالهدف تحول إلى جعل أسعار البطاطا تستقر في حدود ستين دينارا للكيلوغرام، وهو سقف بعيد جدا عن ذلك الذي تم وضعه عندما اهتدينا إلى الحل العبقري الذي يقوم على إنشاء مخزون احتياطي للبطاطا، ووزير التجارة لا يستعجل العودة إلى الوضع الطبيعي، فهو يعدنا ببلوغ سقف الستين دينارا في شهر ماي القادم، وإذا أفرطنا في التفاؤل وصدقنا هذا الوعد فقد نتوقع بقاء الأسعار في هذه المستويات لشهرين آخرين على الأقل. في المحصلة ستجري الانتخابات في ظل موجة الغلاء الفاحش التي تكدر على الناس عيشهم، وهذا الأمر لا يهم كثيرا الحكومة على ما يبدو، فقد تم رفع الأجور بما يكفي للحفاظ على نفس مستويات الفقر والشقاء السائدة منذ سنوات، وهناك أكثر من طريقة للحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكلية التي تخبرنا بأننا نسير قدما إلى الأمام، وأننا نحقق مزيدا من الازدهار والرفاه حتى وإن كان الناس يرون ضنك العيش رأي العين. لم يعد الخطاب السياسي قادرا على تغطية الواقع أو تلميعه، وكل جهود إقناع الجزائريين بالذهاب إلى مراكز التصويت في العاشر ماي القادم سيأتي عليها هذا الشرر المتطاير من نيران الأسعار.