شهدت الأيام الأربعة الأولى من الحملة الانتخابية التي تسبق تشريعيات 10 ماي المقبل تجاوزات بالجملة لم تتوقف عند الخروقات التي كان وراءها بعض المترشحين والتشكيلات السياسية المعنية بهذا الاستحقاق من خلال استغلال الدين ورموز الدولة ووسائلها وحتى شعاراتها من أجل تمرير خطابهم الانتخابي، ولكن امتدّ أيضا إلى حدّ فوضى الملصقات التي عرفت بدورها عمليات تشويه منظمة ومقصودة. تعرّضت الكثير من ملصقات بعض الأحزاب إلى التمزيق والتشويه رغم مرور وقت قصير من وضعها في لوحات الإشهار الخاصة بالانتخابات التشريعية، ولم يقتصر الأمر في العاصمة فحسب ولكن هذه الظاهرة سُجّلت عبر أغلب ولايات الوطن بحسب ما علم من مصدر في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، وإن كانت هذه الممارسات صادرة عن مواطنين ناقمين على رجال السياسة فإن اللافت أن التعرّض لملصقات أحزاب بعينها ما يُثير الانتباه بأن هذا العمل متعمّد. وبعد انقضاء أربعة أيام حتى الآن من عمر الحملة الانتخابية لوحظ أن عددا كبيرا من التشكيلات السياسية والقوائم الحرّة امتنعت عن تعليق ملصقاتها في الأماكن المحدّدة لها من طرف المصالح الإدارية مخافة أن تلقى نفس مصير من سبقها إلى ذلك. وقد طالبت جبهة التحرير الوطني بضرورة وضع حدّ لمثل هذه التجاوزات خصوصا أنّ أيادي السوء طالت ملصقات الحزب في عدة ولايات في استهداف متعمّد ترك نفس البصمات مما يؤكد أن الأمر »دبّر بليل«. وقد استفسرت »صوت الأحرار« رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، محمد صدّيقي، عن هذه القضية فكان ردّه أن الهيئة التي يتولى تسيير شؤونها »لم تتلق لحدّ الآن أية شكوى أو طعون بهذا الخصوص«، موضحا أن كل ما في الأمر هو حديث عن تجاوزات وخروقات »اطلعنا عليها عبر صفحات الجرائد«، وأضاف أنه سيتم إخطار اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات »بكل صغيرة وكبيرة« في حال وصول شكاوى تستوجب اتخاذ مثل هذا الإجراء. وحسب ما فُهم من كلام صدّيقي فإن أبرز التجاوزات تتعلق ب »استعمال وسائل وإمكانات الدولة لأغراض حزبية« في إشارة منه إلى الانتقادات التي تمّ توجيهها إلى متصدّر قائمة »تكتل الجزائر الخضراء« بالعاصمة، عمر غول، الذي استغل الطريق السيّار في ملصقته للترويج لقائمته، إلى جانب حديثه عن »استعمال القرآن والإسلام لأغراض سياسية«، زيادة على »استعمال المال العام للإشهار« وكذا الخرق المتعلق باستعمال اللغة الفرنسية في الحملة والملصقات مثلما حصل مع حزب عمارة بن يونس. وباستثناء ذلك أفاد محدّثنا أن اللجنة تعمل حاليا على فرز وترتيب عدد من الطعون لكن ليست ذات صلة بهذا الجانب، قبل أن يعود ويؤكد أن ملصقات الأحزاب أصبحت عرضة للتشويه والتمزيق من طرف مجهولين، ولذلك شدّد محمد صدّيقي على ضرورة أن تلتزم الأحزاب السياسية ب »التخلّي عن التصرّفات القديمة التي اعتدنا عليها في مناسبات انتخابية سابقة حتى نعيد الثقة للمواطن ونعطي مزيدا من المصداقية لهذه العملية«. ويبدو من خلال تقييم شامل لأولى أيام الحملة الانتخابية أن مخاوف المسؤولين والأحزاب والمعنيين مباشرة باقتراع العاشر ماي بدأت تتأكد بإمكانية تسجيل مستويات متدنية من مشاركة الناخبين في هذا الموعد، وليس أدلّ من ذلك أكثر من الفتور الذي تعرفه العملية في غالبية ربوع الوطن بالنظر إلى ما يُشبه الاستقالة الجماعية من طرف المواطنين الذين لا يُعيرون أدنى اهتمام بهذه الانتخابات بسبب انشغالهم بهمومهم اليومية التي باتوا على قناعة بأن حلّها لا يُمكن أن تكون بنائب في البرلمان أو من خلال التوجّه إلى صندوق الاقتراع. وعلى هذا الأساس فإن الأحزاب والمترشحين للتشريعيات بمختلف توجهاتهم يجدون صعوبات بالغة في الاحتكاك بالمواطنين أو حتى مجرّد تمرير رسالة المشاركة التي أصبحت نقطة تقاطع الجميع بهدف كسب ودّ الناخبين، ولذلك فإن العمل الجواري بات مفضّلا رغم اعتماد البعض الآخر على تنشيط التجمّعات الشعبية التي ظهر جلّيا حتى الآن بأنها لا تستقطب الاهتمام بعد أن تأكدت غالبية المواطنين بأن الانتخاب لم يعد ذو جدوى.