تختتم منتصف ليلة اليوم رسميا فعاليات الحملة الانتخابية بعد ثلاثة أسابيع من النشاط الدعائي ل44 حزبا سياسيا مشاركا في السباق ونحو 200 قائمة انتخابية مستقلة، ميزها طرح» بضاعة« المترشحين على الناخبين الذين تباين مستوى تفاعلهم مع الحملة. تباينت أراء المراقبين حول تقييم مجريات الحملة الانتخابية لأول تشريعيات بعد الإصلاحات السياسية التي اقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سواء من حيث الخطاب السياسي المنتهج من قبل الأحزاب السياسية وعددها 44 حزبا سياسيا منها 21 حزبا جديدا تمخض عن مراجعة قانون الأحزاب وإعادة فتح المجال السياسي، حيث اجمع المراقبون أن مستوى الخطاب المتداول طيلة الحملة الانتخابية لم يعكس مستوى الحراك السياسي الذي صاحب عملية الإصلاحات، فقد سجل ذات المراقبون غياب البرامج العملية القابلة للتنفيذ وإسراف المترشحين وقادة أحزابهم في تسويق وعودا غير قابلة للتطبيق، على شاكلة حديث البعض عن خلق عشرات الملايين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في حال فوزهم بالانتخابات، فيما سقط البعض الآخر في فخ الضحك على ذقون الناخبين من خلال توزيع بعض المؤون والمواد الغذائية، في سلوك ينم عن جهل بعض قادة الأحزاب ومرشحيهم لنفسية الجزائري واهتماماته. والواقع فقد غاب النقاش الجدي حول معالم الدولة المستقبلية وعن الرهانات الحقيقية التي تسعى الجزائر لكسبها من خلال إعادة التجديد المؤسساتي والتشريعي، ناهيك عن ابتعاد عديد الأحزاب عن ملامسة لب الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمواطن الجزائر. ورغم اجتهاد بعض الأحزاب في التقرب أكثر من اهتمامات المواطن من خلال السعي لكسب الشباب والتظاهر بالاهتمام بانشغالاته، كما هو الشأن بالنسبة للطبقات الكادحة التي تئن تحت وطئة المعاناة الاجتماعية، إلا أن جل المراقبين وقفوا على حقيقة مرة وهي عدم اكتراث المواطن لما يدور حوله من لغط لأحزاب فشلت في كسب ثقته. والظاهر أن الكم الهائل من الأحزاب الجديدة التي دعمت الساحة السياسية بوجوه جديدة لم تتمكن هي الأخرى من استمالة الناخب أو المواطن إلى حملتها الدعائية وجره إلى المعترك السياسي، نقاشا وتفاعلا. من جهة أخرى، أظهرت هذه الحملة الانتخابية على خلاف الحملات السابقة، ابتعاد الأحزاب والمترشحين على السب والشتم، وهو ما يبرز من خلال سعي الأحزاب إلى التقيد بنص القانون الانتخابي ورغم ذلك سجلت لجنة الإشراف القضائي على الانتخابات أولى الخروقات المتعلقة باستعمال اللغة الأجنبية من قبل الحركة الشعبية الجزائرية، علما أن المادة 190 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات تمنع استعمال اللغات الأجنبية في الحملة الانتخابية. بينما تلقت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية منذ بدء الحملة الانتخابية نحو 400 طعن يتعلق بالإخلال بشروط الحملة. كما تلقت من جهتها اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات التشريعية عدة إشعارات و طعون فصلت فيها باعتبارها احد الهيئات التي أوكلت لها مهمة السهر على السر الحسن للانتخابات وشفافيتها. و في تقييم أولي لمجريات الحملة أبدى أعضاء وفدي الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية المتواجدين في الجزائر لمتابعة تشريعيات العاشر ماي المقبل ارتياحهم لشفافية التي تحيط عملهم مبرزين التسهيلات والضمانات المقدمة لإجراء هذا الاستحقاق ظروف الحرية والديمقراطية. يذكر أن الانتخابات التشريعية ستجري تحت مراقبة ملاحظين دوليين ومن الجامعة العربية ومن الاتحاد الإفريقي. ويتفق قادة الأحزاب مع الحكومة في الاعتراف بأهمية هذه الانتخابات وبالرهانات المحيطة بها محليا وإقليميا، وهو ما تجسد من خلال الدعوة إلى المشاركة القوية في الاقتراع، حيث تطلب الأمر من الرئيس شخصيا الخروج في أكثر من مناسبة لدعوة المواطنين إلى الذهاب لصناديق الاقتراع وقول كلمتهم بكل شفافية. وبانتهاء الحملة الانتخابية منتصف ليلة اليوم، تبقى الأنظار متجهة إلى نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع الخميس المقبل.