تشهد مجريات الحملة الانتخابية في يومها الثالث، فتورا، وميزها مشهد باهت زاده ضعف تفاعل المواطنين مع الحدث الانتخابي رغم الخرجات الميدانية التي يقوم بها ممثلو أزيد من 40 حزبا سياسيا وأكثر من 200 قائمة حرة عبر التراب الوطني. في الشارع تكاد تكون مظاهر الحملة الانتخابية غير واضحة المعالم، فاللوحات الاشهارية المخصصة للدعاية الحزبية وتعليق قوائم المترشحين ما تزال بيضاء في اغلبها، وقد ارجع فاعلون في العملية الانتخابية ذلك إلى تأخر اللجنة المستقلة في الكشف على أرقام الأحزاب، فضلا على هذا، تحدث آخرون عن كون الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على مختلف المناطق عطلت عملية نشر القوائم وتوزيع الملصقات ونشريات الدعاية كما هو الحال في العاصمة والمناطق المجاورة. لكن بالنسبة لقطاع واسع من الملاحظين، برودة الحملة الانتخابية في أيامها الأولى تجد تفسيرها في بعض المشاكل الاقتصادية بإبعادها الاجتماعية التي عرفها السوق الجزائري في الأيام الأخيرة، التي سبقت الحملة الانتخابية ومازالت مستمرة، ومن ذلك التقلبات التي تشهدها أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك كما هو الشأن بالنسبة للخضر والفواكه والبقوليات التي تعد من أهم مكونات النظام الغذائي لدى الجزائريين، وبالأخص الطبقات المحدودة الدخل، إلا أن هذه العوامل ليست وحدها من تقف وراء الفتور الانتخابي، بل أن هناك البعد السياسي ويتجلى من خلال الأزمات التي تعرفها عديد الأحزاب السياسية جراء عملية الترشيحات، التي أثارت غضب مناضلين في تشكيلات سياسية. وبرأي بعض المناضلين ممن تحدثنا إليهم، أثبتت التجربة الانتخابية في كل مرة أن الأيام الأولى للحملة تكون محتشمة، وقلما تثير اهتمام المواطن، لكن مع مرور الأيام تسجل الأحزاب منحى تصاعديا لاهتمام المواطن وتفاعله مع الحدث الانتخابي ومحاولة معرفته للمترشحين وأحزابهم، سيما بعد أن تشتد المنافسة بين الأحزاب والمترشحين، ما ينعكس على حياة الناس وسلوكاتهم وأحاديثهم. ويتوقع المداومون في مقرات الأحزاب والمترشحون أن تعرف نهاية الأسبوع دخول المواطن في قلب الحدث الانتخابي انطلاقا من الحملة الدعائية المكثفة لقادة الأحزاب ومرشحيهم عبر وسائل الإعلام الثقيلة والصحافة المكتوبة التي خصصت مساحات واسعة لتغطية مجريات العملية الانتحابية، ناهيك على التأثير المباشر للقاءات الجوارية للمترشحين من مختلف الأحزاب، وهو ما يدفع المواطن إلى الدخول التدريجي في الحملة إلى غاية يوم الانتخاب الذي يكون حاسما لكل أطراف العملية السياسية. هذا في وقت تفيد فيه مصادر مطلعة أن السلطات العمومية تراقب عن كثب مدى تجاوب المواطنين مع النشاط الانتخابي وتفاعلهم مع الأحزاب السياسية والمترشحين، سواء من خلال التجمعات الشعبية أو من خلال ردود أفعال المواطن في لقاءاته الجوارية مع منشطي الحملة الدعائية. ومعلوم أن السلطات العمومية التي قدمت الضمانات الكافية لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة، حملت ضمنيا مسؤولية إقناع المواطن بالذهاب إلى صناديق الاقتراع إلى الأحزاب السياسية والمترشحين. ويعتمد ذلك على نوعية البرامج والمترشحين المعروضة على الناخب الذي يتطلع إلى برلمان مغاير تماما لما كان عليه البرلمان الحالي.