الحركة الشعبية لتحرير السودان انجرت رغما عنها إلى تطبيق مبادئ اللعبة الدولية الرامية إلى تجزئة السودان وراحت تتصرف في الجنوب السوداني ككيان منفصل رغم اتفاقية السلام المبرمة مع الحكومة المركزية في الخرطوم، وتفتح الباب واسعا أمام التدخلات الدولية.. في ظل احتدام أزمة إقليم دارفور دوليًا.. واستمرار تجميد الحركة الشعبية لمشاركتها في الحكومة المركزية إثر خلافات حادة حول تطبيق بعض بنود اتفاق سلام الجنوب، والذي يقضي بانسحاب القوات الشمالية من المواقع التي تتمركز بها في الجنوب ومصير منطقة (أبيي) الواقعة بين الشمال والجنوب، ويتنازع عليها الجانبان... علاج غير فاعل في مجابهة تعثر تطبيق بنود اتفاقية السلام التي تعد نموذجا مثاليا يحتذى به في حسم الصراعات الأهلية.. فوحدة السودان تهددها التجزئة التي تسعى إليها بعض القوى الدولية بعد اكتشاف النفط من قبل شركة شيفرون الأمريكية في جنوب السودان عام 1978.. ووضعت باكتشافها حدا للصراع التقليدي على الماء في جنبات الصحراء الكبرى ونصبت مواقع صراع آخر لم تعرفه المنطقة من قبل.. وجامعة الدول العربية التي لا تخفي قلقها الشديد إزاء التوتر الذي تشهده العلاقة بين شريكي اتفاق السلام في جنوب السودان، باعتبارها شاهدا على اتفاق السلام الشامل تأخذ مطالبتها بالعودة إلى الحوار لحل الخلافات العالقة ومواصلة تنفيذ البنود المتبقية من الاتفاق، كحل مناسب لإعادة طرفي النزاع مجددًا إلى طاولة المباحثات ومعالجة القضايا العالقة بالتنسيق مع الشركاء الدوليين الذين شهدوا توقيع الاتفاق لحل القضايا الخلافية من خلال شراكة كاملة بين الجانبين. لكن استمرار الحركة الشعبية لتحرير السودان (حركة التمرد الجنوبية سابقاً) في تعليق مشاركتها بحكومة الخرطوم المركزية، بسبب خلافات مع الشماليين حتى يتم حل الخلافات العالقة بين الشريكين وتطبيق اتفاق السلام الشامل، الذي ابرم مطلع العام 2005 وأنهى حربا أهلية دامت لأكثر من عقدين بين الشمال والجنوب.. أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر وجعل من الانفصال خيارا يقترب من التنفيذ بدعم دولي يمهد لانفصال دارفور لاحقا.. خاصة مع إصرار الأمين العام للحركة -باغان اموم- على عدم إلغاء قرار تجميد مشاركتها في الحكومة المركزية إلا بعد تلبية مطالب أخرى.. وتسوية "الخلافات" بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير... اتفاقية السلام المثالي في خارطة الحروب الأهلية.. جمدت والتحرك العربي لم يؤثر في من يرفض القبول بدور عربي، وتوافقات مبادرات المصالحة فقدت حياتها ، ففتح أطراف النزاع الأبواب لتدخل دولي في حسم صراع داخلي فجرته اكتشافات نفطية تمهد الطريق لرسم خارطة سودان مجزأ.