أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر متمسكة بالنهج الديمقراطي كخيار لا رجعة فيه، واشترط أن تتم صياغة هذا النظام وفق معطيات تتماشى وظروف كل دولة بما فيها الجزائر، وبالمقابل أعرب الرئيس عن اعتزازه وتقديره لتصويت البرلمان على قانون تعديل الدستور محييا في أعضائه روح التبصر بتزكيتهم "هذه الخطوة المباركة". وفي رسالة وجهها الرئيس لأعضاء البرلمان عقب تصويتهم على قانون تعديل الدستور قرأها رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح سجل رئيس الجمهورية باعتزاز وتقدير موافقة أعضاء البرلمان بأغلبية واسعة على قانون تعديل الدستور، محييا في ممثلي الشعب روح الوطنية والمسؤولية ومنوها بتبصرهم وتزكيتهم هذه الخطوة المباركة، ووصف الرئيس بوتفليقة هذا اليوم ب "الميمون" الذي برهن فيه البرلمان بغرفتيه على أنه أحد الأركان الصلبة في بناء دولة الحق والقانون. وفي هذا السياق قال الرئيس "إنه ليوم أغر من أيام الجزائر العزيزة يزكي فيه البرلمان بغرفتيه مبادرتنا المتعلقة بالتعديل الدستوري وإنها لفرصة سعيدة أتوجه فيها من خلالكم رئيس مجلس الأمة رئيس المجلس الشعبي الوطني بالتحية الحارة إلى جميع أعضاء البرلمان الموقر معربا لكم عن عميق الشكر والتقدير متمنيا لكم دوام النجاح والتوفيق في مهامهم السامية خدمة لوطننا الحبيب ووفاء للثقة الغالية التي وضعها فيكم الشعب بصفتكم ممثليه الذين يجسدون إرادة الأمة ووحدتها في برلمان ذي تركيبة متنوعة متعددة برزت فيها اتجاهات سياسية جديدة مما يجعل هذا البرلمان ممثلا لشرائح واسعة باختلاف مشاربها داخل المجتمع الأمر الذي يساهم - دون شك - أكثر فأكثر في تعميق وتدعيم الديمقراطية التعددية". وتطرق رئيس الجمهورية في رسالته إلى الظروف الصعبة التي عاشتها الجزائر جراء الإرهاب والتي استطاعت أن تتجاوزها رغم كل شيء عن طريق تمسكها بالنظام الجمهوري وإرساء علاقات متفتحة متطورة مع العالم فاسترجعت بذلك مكانتها المعهودة المرموقة بين الأمم. ومن هذا المنطلق أكد بوتفليقة أن الاقتناع بالديمقراطية سيبقى قناعة راسخة وسنظل -يقول الرئيس- متمسكين بها كخيار لا رجعة فيه، مدركين أنها ليست نموذجا عالميا وحيدا لدى كل الأمم قابلا للإتباع والتطبيق الآلي في كل مكان وزمان بل قد تأخذ أشكالا ومضامين مختلفة حتى في البلد الواحد عبر مراحل متعاقبة مجسدة جميع العناصر المكونة لشخصية الأمة وخصوصياتها المستجيبة لتطلعاتها وإمكانياتها وأولوياتها، وذلك في سياق التفاعل الإيجابي المثمر مع التحولات العالمية. رئيس الجمهورية قال في حديثه عن الدولة الجزائرية برهنت خلال السنوات الأخيرة عن حرصها على تعزيز الأطر القانونية ووضع الآليات التنفيذية الكفيلة بضمان تطبيق وترقية الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ لا ينكر إلا جاحد ما تحقق من مكاسب ديمقراطية في مجتمعنا ونحن واعون أنها تجربة صاعدة واعدة في حاجة إلى إثراء وتطوير مستمر. أما فيما يتعلق بتعديل الدستور، فقد اعتبره الرئيس مطلبا مرحليا لا يمكن الاستغناء عنه في وقت أصبحت أصبحت فيه مستجدات المرحلة تستوجب مراجعة بعض أحكام الدستور وتكييفه بما يساعد على تفعيل مؤسسات الدولة وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية وتكفل أفضل بمقتضيات التسيير والحكم الراشد الذي نعمل على تجسيده في مختلف الجوانب والمستويات بما يمكن من ترسيخ ديمقراطية تعددية ومؤسسات جمهورية عتيدة وشرعية دستورية دائمة. ولهذه الغاية -يضيف رئيس الجمهورية- جاءت مبادرتنا لإجراء بعض التعديلات على الدستور الحالي والتي التفت حولها قوى سياسية كثيرة وشرائح واسعة من المجتمع المدني وأثارت أحيانا مواقف وردود فعل متباينة وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي على حركية وحيوية الديمقراطية في مجتمعنا. فضلا عما تولدت عنه من نقاشات سياسية وقانونية ثرية تداولتها منابر إعلامية مختلفة تابعتها شخصيا باهتمام بالغ. وقد ساهم الإجماع الحاصل حول ضرورة التعديل في تعزيز قناعتنا بتحقيق ما توصلنا إليه اليوم معكم. وعليه فقد أوضح الرئيس بأن القصد الأساس من التعديل الدستوري الذي صادق عليه أعضاء البرلمان هو تعزيز رموز الجمهورية وترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة وفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار وتخليدا للذاكرة الجماعية، بالإضافة إلى ترقية الحقوق السياسية للمرأة وكذا تعزيز النظام السياسي للبلاد وإثراؤه بما يحقق المزيد من النجاعة والاستقرار السياسي والمؤسساتي للبلاد. وفي ختام رسالته لم يفوت رئيس الجمهورية الفرصة ليحيي فيها أعضاء البرلمان قائلا "أحيي فيكم روح الوطنية والمسؤولية منوها بتبصركم وحكمتكم في تزكية هذه الخطوة المباركة في سياق دعم مسيرة الإصلاحات المتكاملة المتواصلة التي تقوم بها الدولة منذ سنوات، وبموقفكم الإيجابي هذا إنكم تستحقون منا ومن الجميع فائق التقدير".