صدقت التوقعات إذن .. لقد قال 500 نائب من الغرفتين " نعم " لمشروع تعديل الدستور ، بينما صوت ضده 21 نائبا، مع امتناع ثمانية. وإذا وقفنا عند دلالة الأرقام ، وواقع المعارضة للدستور، نلاحظ أن المعارضة تكاد تكون في درجة الصفر، ف 21 صوتا معارضا لا تشكل سوى نحو 3.90 بالمئة من مجموع نواب الغرفتين. أما صوت المعارضة المرتفع في وسائل الإعلام ويمثله حزب الأرسيدي، فإن الواقع يلاحظ أن هناك معارضة لترشح بوتفليقة لعهدة ثالثة، أي أن القضية شخصية أكثر من كونها دستورية، وإن حرص المعارضون على منحها اللباس القانوني والدستوري. وعندما نقرأ بيانات المعارضة للتعديل، نلاحظ أنها تدعو مناضليها والمواطنين للتجند ضد هذا المسعى ، ولكنه تجند لا معنى له ما دام مشروع التعديل كان مقررا منذ الإعلان لكي يمر على البرلمان.. إذن يبدو واضحا أن التجنيد المدعو إليه ليس سوى " إعلان ترشح مسبق " لرئاسيات 2009 ، وبياناته ليست سوى " حرب استباقية " بالمفهوم الأمريكي . وهكذا يمكن القول أن سعدي مثلا لم يقم سوى باستغلال فرصة تعديل الدستور للقيام بحملة انتخابية رئاسية مسبقة. ومن زاوية أخرى ، هل يمكن القول أن المصوتين على تعديل الدستور خرجوا من المعارضة والتحقوا بالنظام أو بالسلطة أو بالحكومة ؟ هذه فكرة يجري تسويقها من قبل أحزاب وشخصيات وأقلام صحفية .. لكن ألا يحق للمعارضة أن تؤيد فكرة تعتقد أنها تتماشى مع حساباتها وبرنامجها ومصالحها وإيديولوجيتها إذا بادر بها النظام الحاكم ؟ فهل قدر المعارضة أن تعارض كل شيئ حتى لو كان إيجابيا ؟ وهل يجوز أخلاقيا أن نتهمها بالإرتماء في أحضان السلطة إذا أيدت أي فكرة مثلما فعلت مع المصالحة الوطنية أو الوئام المدني أو تعديل الدستور .. إن الأحزاب السياسية ليست من اختراع الجزائر، فدستور 1989 لم يخترع الشمعة كما يقال.. فالأحزاب هي تعبير عن مصالح سواء أكانت طبقية أو بورجوازية أو عمالية أو غيرها .. ومن حق الحزب أن يدافع عن مصالحه كما يراها هو، حتى لو أيد مشروعا قادما من السلطة. هذه هي الديمقراطية .. نحن لم نخترع الشمعة ..