نشرت الصحف مطلع الأسبوع أرقاما مخيفة حول الوضع الإجتماعي، كل رقم يشير إلى قنبلة موقوتة، وكل قنبلة مفعولها أخطر من الأخرى. مؤسسة فورام التي يرأسها الدكتور مصطفى خياطي نشرت دراسة أشارت فيها إلى وجود أزيد من 15 ألف طفلا مشردا في الجزائر العاصمة وحدها. من أين جاء هذا الجيش من الأطفال وكيف تشرد ؟ مهما كانت الإجابة المحتملة ، مثل عائلات معوزة، أو أطفال غير مرغوب فيهم ، أو ضحايا الطلاق .. وهي أشهر الإجابات .. فإن هذا يشير بوضوح إلى تفكك المجتمع أخلاقيا. فلا الفقر ولا الخوف من الفضائح ولا الطلاق يبرر تشريد الأطفال لو حضرت الحصانة الأخلاقية في نفوس الناس، لكن هذا مؤشر واضح على " انعدام الحس الإنساني ". فهل نحن على أبواب التحول إلى " حيوانات غير مصرح بها " ؟ لست أدري، ولكن ها هي لغة الأرقام تقول بوضوح : هناك ثلاثة آلاف طفل غير شرعي سنويا في الجزائر. وخلال عشر سنوات نحصي نحو 30 ألف أو زيادة . هؤلاء البشر سينقلبون فاعلين على خشبة المسرح الوطني .. فإن لم يجدوا ما يأكلون سوف يأكلون المجتمع. ومن جانب آخر تشير إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء إلى أزيد من نصف مليون حالة زواج تسجل سنويا في الجزائر، ومن بين قراءاتها أن هناك تحسنا في الوضع الإجتماعي ما دام هناك إقبال بهذا المستوى على الزواج، لكن مقابل ذلك سجلت سنة 2007 مثلا 35 ألف حالة طلاق. ورغم أن الطلاق حلال ، وهو أبغض الحلال، فإن عدد الحالات يعني أن نحو 70 ألف شخص معرض للتشرد ، ويضاف إلى هذا عدد الأطفال لهذه ال 35 ألف حالة، فلو كان لكل زوج طفل واحد فقط ، سيكون عدد " ضحايا الطلاق " المحتملين، 35 ألف طفلا. ويضاف إلى هؤلاء جميعا نحو 3500 حالة خلع عام 2007 ، وهي تعني نحو 7 ألاف شخص وأبنائهم إذا كان لهم أبناء، وما ينجر عن ذلك. ولنقرأ الوضع : 15 ألف طفل متشرد، 3 آلاف طفل غير شرعي سنويا، 35 ألف حالة طلاق ، 3500 حالة خلع، ونختمها بحوالي 10 ملايين عانس وعازب في الجزائر، أي أولائك الذين تجاوزوا سن الزواج وربما دخلوا مرحلة اليأس. هذه هي الصورة، وإذا تراجعت الأخلاق عن تحكمها في المجتمع ، ضاع المجتمع كله، فكلنا معنيون.