أجواء سرت الدافئة لا تداوي جروح المتناقضات العرقية في السودان الواقع فوق سندان التقسيم المعبر عن إرادة القوى الدولية المتنفذة.. وحظوظ نجاح المفاوضات بين الأعراق المتصارعة أعلنت عن غيابها منذ البدء والحكومة السودانية التي تقابل قادة الحركات المسلحة المتمردة في دارفور، تدرك سر ضعفها في ظل تدخلات دول الجوار والدول الكبرى المؤثرة في مستقبل إقليم دارفور ووحدة السودان. وطرفا الصراع وجدا نفسيهما إزاء متناقضات دولية تفوق حدة التناقض العرقي الراغب في التقسيم السياسي.. إنها حدة تناقض المصالح السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية في إقليم دارفور السابح ككرة في بحر من النفط المكتشف من قبل شركة شيفرون الأمريكية. ويكشف مؤتمر سرت للسلام عن تضارب حسابات الدول الفاعلة بالصراع الداخلي.. من خلال التوافد المذهل للوفود الإعلامية والسياسية الآتية من الصين المستثمر الذي يحتل المرتبة الأولى في الخرطوم معبرا عن نجاح خطة تدخله في أفريقيا وعواصم أسيوية وأوربية وأمريكية إلى جانب ألمضيف ألليبي؛ حاملين ملفات ألتناقضات حول مستقبل إقليم دارفور وثرواته الهائلة التي جعلت لكل طرف دولي أجندة خاصة به في حيثيات ألحضور في أزمات دولة السودان. دارفور.. القادرة على إرواء عطش العالم الغربي للنفط: تحولت إلى مساحة لصراع النفوذ بين فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية وجذبت حتى الصين التي تقرر لأول مرة في تاريخها السياسي المشاركة بقوة سلام دولية خارج حدودها وتحديدا في "دارفور".. فرنسا ترى نفسها الأحق بنفط دارفور الواقعة في جغرافية دول المنظمة الفرانكفونية.. لكن الولاياتالمتحدة التي تتبنى الفصائل المتمردة ترى حقها قائما دون سواها في نفط يعود الفضل إليها في اكتشافه.. وبين الإستراتيجية الأمريكية والإستراتيجية الفرنسية يشتد التناقض الذي يجعل كل الأطراف الأخرى على هامش المؤثرات. ولعبة الصراعات والتناقضات ألقبلية والعرقية هي التي تجعل السلام أبعد ما يكون في دارفور وأبعد من البقاء على سودان موحد.. المتمردون يتهمون حكومة الخرطوم بتفجير الصراعات العرقية والقبلية من أجل أن لا يتوحد سكان دارفور في انتزاع حقوقهم السياسية والاقتصادية: عبر دعم ميليشيات من القبائل العربية "الجندويد والزريقات والهبانية".. والغريب أن قادة المتمردين ليسوا أصيلين دارفور في معظمهم فهم ينتمون إلى قبيلة الرئيس التشادي- إدريس دبي- التي لها امتداد في ليبيا.. باستثناء قبيلة فور التي يتزعمها عبد الواحد محمد نور المقيم في فرنسا... وكل هذه المعطيات الدولية والإقليمية ستجعل القارة الإفريقية مسرحا لحروب تزيدها جفافا.