كل العرب ينددون بالموقف المخزي من الجريمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الصابر في غزة، حتى الحكام أصبحوا ينافسون المحكومين في التنديد، وأقوى موقف سمعنا به إلى حد الآن هو ذلك الذي صدر عن الملكة رانيا العبد الله، قرينة ملك الأردن عبد الله الثاني، والتي وصفت الصمت على ما يجري في غزة بأنه كفر. هذه ملكة وزوجة ملك، وزوجها هذا له علاقة مباشرة بإسرائيل وهو من أقرب المقربين إلى أمريكا، والمملكة التي يحكمها لها تاريخ حافل مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وهو ليس بالتاريخ الناصع في كل الأحوال، وكثير من الناس علقوا على موقف الملكة بنصيحة صادقة هو أن تقول ما قالته لزوجها لعله يكون أول المقتنعين برأيها، فهي سيدة فلسطينية ويفترض فيها أن تحمل قضية شعبها وأن تسعى بما أوتيت من حظ التأثير على الملك أن تدفعه لموقف غير الذي يقفه اليوم من القضية الفلسطينية ومن حركة حماس تحديدا. في كل البلاد العربية الأخرى نجد أحزابا حاكمة ومسؤولين رسميين ضمن المنددين بالعجز الرسمي العربي وبالعار الذي ألحقته الأنظمة بالأمة، وبتواطؤ هذه الأنظمة مع الجريمة، نسمع مثل هذا الكلام في وسائل الإعلام الرسمية في كل البلاد العربية ونقف مشدوهين لنسأل من المتآمر ومن الخائن ومن العاجز، ومن ذا الذي ألحق بنا العار؟ لا أسماء لأشخاص أو لدول، فكلمة العرب أصبحت مبتذلة إلى درجة لم نعد نعلم معها إن كان المقصود هو أمة أو جنس بشري أو مخلوقات نسمع عنها ولا نراها، فبالنسبة لمئات الملايين من العرب الذين لا يملكون من الأمر شيئا كلمة العرب تعني الحكام دون غيرهم، أما بالنسبة للحاكم أو المسؤول فهي تعني العرب الآخرين باستثنائه هو، فالمصري يتحدث عن العرب مستثنيا نفسه وكذلك يفعل الأردني والسعودي والسوري والجزائري والليبي والبقية الباقية، حتى أصبح سب العرب هو مظهر الاحتجاج الوحيد المسموح به من قبل أنظمة القهر هذه، وحتى أصبحت المظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني المجاهد في غزة هي مظهر الحياة الوحيد لشعوب ماتت بسبب الاستبداد وتعفنت بفعل الفساد.