تكاد مستويات الجريمة المسجلة في الجزائر تساوي تلك التي تعرفها شوارع جمهورية جنوب إفريقيا أو شوارع مدينة نيويورك التي تسجل بها جريمة كل ثانية . نقول هذا الكلام لأن الجزائر انتقلت فيها الجريمة إلى مستويات أعلى لم تعد معها قضايا النشل وسرقة محافظ الركاب تستهوي متتبعى أخبار الحوادث في الصحف الوطنية أو تلقى الاهتمام المعهود لدى المواطنين بعدما أخذت الجريمة المنظمة أبعادا خطيرة ومستويات لم يكن يشاهدها المواطن الجزائري سوى في الأفلام البوليسية الهوليودية . انتقل مستوى الجريمة في السنوات الأخيرة من سرقة الهواتف النقالة وأحذية المصلين من المساجد الى السطو في وضح النهار على محلات بيع المجوهرات في أرقى شوارع العاصمة والهجوم المسلح على عشرات مراكز البريد والبنوك ووصولا الى اختطاف أبناء الأثرياء والمقاولين والمطالبة بالملايير كفدية مقابل الإفراج عن الضحايا . هذه المعطيات ليست أفعال يمكن تصنيفها في خانة الأفعال " المنعزلة " بل توحي باعتراف مصالح الأمن ذاتها ، أن الجزائر تشكلت بها شبكات " مافياوية " وعصابات مسلحة بأحدث الوسائل والتقنيات .إلى درجة لم يعد أحد يأمن على نفسه من التعرض لأي اعتداء من أي نوع لا في النهار ولا في الليل ،لا في الشارع ولا حتى في بيته .كما اتخذ الإجرام أشكالا جديدة وطرقا ذكية وملتوية تشبه ما يحدث في الأفلام فالنصاب والمحتال اليوم لم يعد حتما ذاك النوع من الشباب الذي ما أن تراه حتى تشتبه فيه أنه من أصحاب السوابق العدلية ،بل قد يكون امرأة عجوزا تشعر نحوها بالرأفة أو امرأة شابة في كامل أناقتها لا تمت هويتها لمظهرها على الإطلاق .... تعرضت فتيحة سيدة في مقتبل العمر إلى عملية سطو في عقر دارها بأحد أحياء أعالي بوزريعة بعد أن فتحت الباب لامرأتين طرقتا بابها طالبتان كأس ماء مع سكر وكانت إحداهما قد ادعت التعب المفاجئ وهبوط في مستوى السكر،ففتحت لهما الباب ،ولما لم تستشعر الخطر طلبت منهما الدخول رغم أنها تخاف من الغرباء وتعتبر نفسها من أحرص الناس في التعامل مع الأجانب .وما أن أقفلت الباب حتى رأت الوجه الآخر للسيدتين ،فقد غابت نظرة الاستعطاف والمر ض ودخلتا معها في معركة خاسرة سلفا . لأن إحداهما كانت تحمل سلاحا أبيض فقامتا بربطها على كرسي قبل أن تفتشا البيت وتأخذا كل محتوياته الثمينة من أموال وخاصة مصاغ ذهبية . والتي اتضح لها بعدها أنهما كانتا على علم بما تحوزه من ذهب في بيتها وأن هناك من زودهما بمعلومات وتواطأ معها في العملية ومؤكد أنه من معارفها أوجيرانها . فكل المؤشرات كانت تدل على ذلك .فاختيار الوقت كان دقيقا ومعرفة مكان المصاغ الذهبية كذلك . ويتضح من خلال القضايا التي تعالجها أروقة المحاكم مدى تفشي مثل عمليات النصب هذه ،بل وانتشار عصابات نسوية تمارس شتى أنواع النصب والاحتيال .بل وصار النصب والتواطؤ في مثل هذه القضايا يأتي من أقرب الناس ، بحيث تحول حاميها إلى حراميها مما ينم عن تغير في عقلية المجتمع الذي صارت تنخره الجريمة وكل أنواع النصب والاحتيال والتزوير . وحظ السيدة أمينة لم يكن أكثر حظا من فتيحة فهي الأخرى تعرضت إلى عملية نصب قذرة تسببت فيها زوجة شقيق زوجا التي تقطن معها في نفس البيت العائلي في الطابق السفلي .وهي التي أعمتها الغيرة ومشاعرها التي سيطرت عليها منذ أن وطئت قدماها بيت الزوجية فقد حظيت بكل الحب والاحترام من عائلة الزوج أما زوجا فقد أغدق عليها بالمهر والهدايا التي كانت من المصوغات الذهبية في كل مناسبة مما أشعل نار الغيرة في صدر غريمتها التي كانت تستعر بنار الغيرة وعدم الرضا بما قسمه الله لها , فقامت بالتواطؤ مع شقيقها باستبدال المصوغات الذهبية لزوجة "سلفها" بأخرى مقلدة مغشوشة صنعت بدقة لإحكام الخطة , لكن تفاصي القضية ما فتئت تفجرت وأثبت التحقيق تفاصيلها بعد أن انهارت الكنة الأولى واعترفت بكل تفاصيل القصة مما عرضها في الأخير إلى فقدان كل شيء بعد أن طلقها زوجها الذي صدم من فعلتها وساءه ما تجرأت وأقدمت عليه هي وشقيقها فرفض أن تبقى على ذمته يوما واحدا بعد ذلك وحرمها حتى من رؤية أبنائها رافضا أن تربيهم أم سمحت لنفسها بخيانة أهل زوجها بدافع الغيرة والانتقام . كشفت مصادر أمنية عن تنامي ظاهرة الإجرام النسائي، الذي بات ينتشر لدرجة تم فيها اعتقال 1585 امرأة خلال ستة أشهر فقط، من السنة المنصرمة بعضهنّ على خلفية جرائم قتل.وكشف تقرير أمني حول تورط النساء في الإجرام، عن أهم القضايا التي تورطت فيها نساء تتراوح أعمارهن بين 16 و72 عاما، والتي يتصدرها التهريب خاصة بالجهة الغربية للبلاد، حيث يتم تجنيدهن في الشبكات الإجرامية لعدم إثارة شكوك أجهزة الأمن، إذ تم توقيف 19 امرأة لانتمائها لجماعة تمتهن السرقة والخطف والتزوير والتهريب.وقد تم توقيف 201 امرأة في نفس الفترة أغلبهن سيدات وعجائز لتورطهن في التهريب خاصة تهريب السلع والمخدرات. وقد سجل توقيف نساء لتورطن في النصب والاحتيال وتزوير المحررات الرسمية والوثائق الإدارية وخيانة الأمانة وتزوير العملة النقدية إضافة إلى الجرائم التقليدية التي تشير الإحصائيات إلى أنها تراجعت نسبيا خاصة مقارنة بالجريمة المنظمة منها السرقة ب57 حالة و46 موقوفة لتورطها في قضايا دعارة، لكن اللافت هو ارتفاع عدد الموقوفات في قضايا الاعتداءات باستعمال السلاح الأبيض خاصة منها القتل العمدي والضرب والجرح العمدي .