احتلت السرقة بجميع أنواعها الصدراة في قائمة الجرائم بنسبة تفوق 40% ويلعب القصر دورا هاما وحيزا معتبرا في السرقات التي يتعرض لها المواطنون سواء في الأسواق الشعبية أو محطات النقل وحتى على مستوى المساكن. أطفال في سن البراءة يسرقون كل ما خف وزنه و غلا ثمنه من هواتف و ملابس وسلع مختلفة، فاقت احترافيتهم عمل الكبار ادخلوا الرعب في قلوب الكبار لاسيما النساء مستغلين الملامح البريئة المرسومة على وجوههم لابعاد كل الشبهات عنهم مما يجعل بعض عديمي المسؤوليةيستعملونهم لجلب الكسب غير المشروع• بمحطة النقل بالعاصمة وأمام الحافلات المتوجهة من ساحة الشهداء الى بومعطي التي تعرف اكتظاظا كبيرا لقلتها وكثرة مستقليها، كان هناك طفلان أحدهما في العاشرة من عمره والآخر يكبره بحوالي خمس سنوات، الأصغر يعمل كمراقب يرتدي ثيابا أنيقة وما لفت انتباهنا إليه هو ذهابه وإيابه المستمر على المحطة ونظراته التي تحاول اختراق جيوب المواطنين وحقائبهم، ثم فهمنا أنه يقوم بمهمة استقصاء وجمع للبيانات عمن يمتلكون الهواتف النقالة وأين يضعونها ثم تأتي مهمة الأكبر وهو محاولته المباشرة للسرقة أثناء تزاحم الراكبين للصعود إلى الحافلة، وبعد محاولات عديدة ذهب الصغيران في حال سبيلهما، وظننا أن محاولاتهما باءت بالفشل لكن صراخت إحدى السيدات وهي تبحث في حقيبة يدها عن هاتف ممابرهن للكل احترافية الصغيرين رغم مراقبة الكل لهما وحذرهم منهما• حتى المساكن التي لم يدخلها أصحابها بعد لم تسلم وهذا ما حدث في الحي الخاص بأساتذة التعليم العالي في باب الزوار، حيث سرقت عدادات الماء و "الكابلات" النحاسية وعند تكثيف المراقبة اكتشف أعوان الأمن أن مجموعة من الأطفال وراء السرقة، حيث وجدوا طفلا لا يتعدى عمره الرابعة عشر مختبئا داخل إحدى الغرف الخاصة بوضع العدادات وعلى إثر هذا اعترف بالفاعلين، وبعد هذه الحادثة اضطر أصحاب البيوت لاتخاذ إجراءات وقائية كثيرة منها إغلاق بوابة كل عمارة إغلاقا محكما واستحالة دخول أي غريب إليها، وفي هذا الصدد تقول السيدة (د• نزيهة) أستاذة في جامعة هواري بومدين وإحدى المستفيدات من السكنات" أنا واحدة من الذين نجوا من السرقة ولكن المذهل في الأمر بل والمخيف هو قيام أطفال بعملية كهذه، إنه أمر مؤسف وعلينا كلنا سواء سلطات أمنية أو مجتمع مدني التصدي لهذه الآفة وحماية أطفالنا من امتهانها"• ولعل أفضل شريحة يستغلها المنحرفون في الاستيلاء على ممتلكات الناس هي شريحة الاطفال مستغلين براءتهم وهذا ما حدث ل (ب•ز) 19 سنة حيث إنه مكث لمدة ثلاث سنوات في مركز إعادة التربية بالحراش بسبب سرقته في يوم الجمعة وهو يوم السوق لسلسلة ذهبية من إحدى السيدات، وكان زهير يعمل ضمن جماعة من اللصوص يكبرونه سنا، يقومون بسرقة كل ما هو ثمين ثم يتقاسمون الغنيمة، زهير بعد خروجه من المركز تغير إلى الأحسن وهو يحاول شق طريقه بالحلال مبتعدا عن الحرام وعن رفاق السوء زهير كان أكثر حظا من ب• توفيق (15 سنة) فقد كان مركز إعادة التربية سباقا لانتشاله من مخالب الضياع عكس توفيق الذي رحل عن هذا العالم وهو يحلم بإيجاد ضحية سهلة يفترسها لكي لا يفترس• لقد كان زوج والدته قاسيا لا يجد سبيلا للرحمة في قلبه وتوفيق كان مجبرا على السرقة لإعالة نفسه وكسب قوت يومه، كان يوم جمعة من سنة 1998م آخر يوم في حياة توفيق حيث استيقظ على الساعة الرابعة صباحا لكي يظفر بغنيمة سهلة لسرقتها، كان متعبا فاستلقى في المزبلة وما هي إلا لحظات حتى غط في نوم عميق لم يستقيظ بعده ولن يستيقظ لأن الجرار داسه وشطره إلى قسمين•