استقبل مركز إيواء جمعية نساء في شدة خلال سنة 2008 ، 319 امرأة معنفة،211 منهن حضرن إليه بأنفسهن فيما وجهت 108 منهن عن طريق محافظات الشرطة، كما يستعد ذات المركز لإيواء نساء عائدات من غزة رفقة أطفالهن بهدف تقديم الدعم النفسي لهن• وكشفت مديرة المركز بلعلى مريم أن هذا الأخير يضم حاليا ستة مقيمات فقط وهن حالات طارئة تعذر عليهن إيجاد مكان يأوهيهن إلى غاية انتهاء الأشغال الجارية لتهيئة المركز الذي تعرض إلى بعض الأضرار بسبب إهمال بعض المقيمات بالإضافة إلى إدخال الضروريات التي رأت الإدارة أهمية توفيرها بالمركز وهذا تماشيا مع المستجدات كالمطبخ وروضة للأطفال• وبلغ عدد النسوة اللاتي وجدن في المركز مأوى لهن منذ إنشائه حوالى 950 امرأة معنفة سواء من طرف أزواجهن أو أوليائهن أو أي شكل آخر من أشكال المعاناة التي دفعت بهن إلى الخروج من المنزل وهذا العدد متعلق بتلك اللائي مكثن فيه لمدة طويلة أما اللواتي قضين مدة قصيرة فعددهن هو الآخر كبير• وتقول مديرة المركز أن أغلب هؤلاء النسوة فررن من المنزل العائلي أو الزوجي هروبا من الظلم والمعاناة وحرمانهن من حقوقهن التي خولها لهن الشرع والقانون كالعمل والتمدرس وغيرها من الحقوق، تلك المعاناة ولّدت لديهن عقد نفسية كثيرة وكان الحل للتخلص منها هو الخروج من المنزل إلى وجهة مجهولة أين ينتظرهن مختلف أنواع الاستغلال وعلى هذا الأساس أنشأت الجمعية لاحتضان هذه الشريحة التي تشمل قاصرات وكبيرات في السن حيث يبدأ عمل الجمعية بمعرفة الأسباب وإيجاد الحلول الممكنة للمشكل حيث في أول خطوة توجه المعنية إلى مركز الإيواء أين تحظى بالعناية والدعم النفسي حتى تشعر بوجود أشخاص يولونها الاهتمام ويوفر لها كل الأسباب الكفيلة بأن تعيد إليها ثقتها في نفسها و في الآخرين• وحسب ذات المتحدثة فإن الدافع الأول لخروج هؤلاء النسوة هي مشاكل اقتصادية واجتماعية حيث تأخذ الجمعية مهمة التوفيق بين المرأة وعائلتها من خلال تقديم النصيحة وإيجاد الحلول لكل حالة حسب ظروفها أين يكون الحوار سيد الموقف• ويشهد مركز"نساء في شدة" عملية توسيع - تقول المديرة- السبب الذي دفع إلى إفراغه من المقيمات وهذا من أجل إنشاء روضة أطفال ومطبخ وإدارة وهو الأمر الذي سيزيد من قدرة استيعاب المركز بتحويل هذه المرافق إلى تلك الجديدة، كما سيتم فتح روضة ستضم أطفال المقيمات زيادة على أطفال من خارج المركز وهذا بهدف إيجاد دخل مادي للجمعية التي تعاني من نقص التمويل حسب ما أكدته محدثتنا• نساء غزة في ضيافة المركز ويتوفر المركز الذي تعدت خدماته النساء المعنفات إلى عائلات فقيرة حيث يضم ورشة للإعلام الآلي و تعليم الخياطة والنسيج مما يفتح المجال أمامهن للحصول على تكوين في الاختصاص الذي يرغبون فيه وبالتالي يمارسون مهنة تفتح لهم أبواب رزق في ظل الحياة الاجتماعية الصعبة التي يعيشون فيها، وتعتبر هذه الخطوة - تقول بلعلى - من المشاريع الهامة التي تحاول من خلالها التخفيف من معاناة هؤلاء النسوة وتوفير سبل الاستقرار لهن لأنه من غير الممكن أن ننتظر تحسنا في حالهن في الوقت الذي لا تزال المشاكل التي تسببت في وجودهن بهذا المركز قائمة• وفي ذات السياق كشفت المديرة أن تلك الورشات سمحت بتكوين الكثيرات اللواتي تحصلن على شهادة في الاختصاص معترف بها، كما استفادت (61) امرأة من إنشاء مؤسسة مصغرة، فيما تعمل أغلب المقيمات كمنظفات في المنازل وتحرص الجمعية على أن يكون الأجر الذي تتقاضاه مرتفعا، كما تحظى بمتابعة تضمن لهن الاحترام وعدم الاستغلال من طرف العائلة المشغّلة لهن لأن هذه المهنة غير منظمة بقانون وسعر محدد والتجربة - تظيف- علمتنا أن المنظفات يتعرضن لأبشع استغلال، كما قامت الجمعية بتجربة رائدة في براقي والمتمثلة في مشروع تكوين للخياطة والطبخ والحلويات حيث كانت التجربة مفيدة واختيرت هؤلاء النساء لتحضير أطباق الملتقيات وهناك هدف من خلال هذه التجربة لإحياء الأطباق التقليدية• ويتمحور الدور الأساسي للجمعية حسب بلعلى في العمل على توعية المرأة وإعلامها بجميع حقوقها التي يكفلها لها القانون والتي غالبا ما تكون مجهولة من طرف الكثيرات، كما ساهمت ذات الجمعية التي تعمل بالتنسيق مع محافظات الشرطة في توفير العناية للنساء، المعنفات في هذه المراكز وذلك من خلال إعطائهن الأولوية والأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية التي تكون عليها حيث هناك مشروع - تقول - في هذا الإطار يتم من خلاله إدراج تكوين في مدارس الشرطة بكيفية التعامل مع شريحة ضحايا العنف بمختلف أنواعه• ويتأهب المركز حسبما أكدته بلعلى، خلال الأيام القادمة إلى استقبال النساء العائدات من غزة رفقة أطفالهن حيث سبق وقصدوا المركز للحصول على بعض الإعانات فيما يبقى الهدف المنشود إيوائهن وتقديم الدعم لهن بسبب الأوضاع الصعبة التي مررن بها، فهن بحاجة إلى تكفل نفسي هام يبقى الهدف من خلاله استرجاع الأمن والثقة لديهن حتى يكن في منأى عن أي عنف آخر وأغلب هؤلاء يعانين - تقول - رغم استقبال عائلاتهن لهن لكن هذه الأخيرة لن تقوى على تحملهن رفقة أطفالهن، لذا تجري التحضيرات لاستقبالهن حيث يقدر عددهن بحوالي عشرين شخصا بين الأمهات والأبناء• حالات طارئة باقية في المركز لم تسمح لنا الفرصة خلال تواجدنا بالمركز استقبال ضحايا العنف التابع لجمعية نساء في شدة بالحديث سوى لحالتين طارئتين من بين الستة اللواتي سمح لهن بالبقاء رغم الأشغال الجارية فيه، وأول من تحدثنا إليها هي شابة في الرابعة والعشرين من العمر قصدت المركز من مدينة باتنة بعد أن ضاقت بها السبل وتركت المنزل العائلي الذي ذاقت فيه الويلات من الضرب المبرح من طرف الإخوة، هذه الحالة من عائلة متكونة من ستة أفراد تخلى عنها الوالد بعد زوجه من امرأة أخرى، حرمت على محدثتنا التي رفضت ذكر اسمها خوفا من عائلتها الخروج من المنزل كونها تركت مقاعد الدراسة في السنة السابعة أساسي وعندما حاولت أن تتعلم الخياطة الجاهزة لاقت جزاء ذلك المعاملة الميهنة من طرف الإخوة، الذين كانوا لا يتوانون عن ضربها لأتفه الأسباب وزاد من تأزم الوضع عليها الإشاعة التي روجتها إحدى السيدات متهمة إياها بالخروج مع زوجها واستغلاله ماديا ومن هنا بدأت المأساة الحقيقية - تقول- حيث زادت جرعات الضرب الذي كانت تتعرض له إلى درجة أخذها إلى المستشفى وطلبت منها الأم إجراء فحص العذرية حتى تتمكن من رفع شكوى ضد هذه السيدة• مأساة المسكينة لم تتوقف عند هذا الحد حيث تذكرت الأيام الصعبة التي مرّت بها خلال أواخر شهر رمضان بمرارة كبيرة وهذا خلال عملها في الهلال الأحمر حيث أنها وقعت ضحية شخص استغل جهلها لأحد المسالك تحرش بعض الأطفال بها بنية حمايتها ليقوم هو الآخر باحتجازها في غابة ودعا أصدقاؤه الذين وصل عددهم حسب ما أكدته لنا إلى خمسين شخصا لممارسة الجنس عليها وبقيت على هذا الحال لمدة أربعة عشرة يوما وتم إنقاذها من طرف ثلاثة شبان رفضوا ما تعرضت له على يد الآخرين ولم تخبر الضحية أهلها بما تعرضت له لأنها ستكون نهايتها حتما على يد الإخوة ونظرا لمرضها نزلت إلى العاصمة للعلاج، لكنها لم تعتبر مما حدث لها حيث ولدى تواجدها في العاصمة وعدم امتلاكها للمال طلبت من أحدهم إيوائها لدى عائلته حيث وافق على ذلك ليأخذها إلى كوخ في أحد الأحياء القصديرية بالقرب من مقام الشهيد، أين يقطن معه أيضا ستة آخرين، تروي هذه المعاناة بأسى كبير حيث تقول أنها وثقت به ليتركها بين أنياب وحوش مفترسة والذين قاموا بالتناوب على اغتصابها عند خروجه من المنزل• تخفي هذه الضحية حقيقة الإغتصابات التي تعرضت لها عن أهلها الذين أخبرتهم أن الجمعية المتواجدة بها هي مخصصة للمرضى الذين لايملكون مأوى، وهي في انتظار إنصاف العدالة لها في كلتا الحالتين اللتين رفعت فيهما دعاوى ضد المعتدين مؤكدة أنها أخطأت عندما تحملت معاناتها في منزل أهلها ولو أنها لم تسمح في حقها لما تعرضت لكل تلك المعاناة التي عاشت فيها متهمة إخوتها في كل ما أصابها• الحالة النفسية لهذه الضحية صعبة جدا وترى أنها تحتاج لمدة تقارب الثلاث سنوات كي تستعيد استقرارها النفسي وهي تنتظر العمل الذي وعدتها المديرة بأن تجده لها كي تملأ وقت فراغها وتنسى ما تعرضت له• تركنا هذه الفتاة وهي تلملم جراحها وتوجهنا إلى حالة أخرى ربما ليست بدرجة معاناة سابقتها لكنها لا تقل حدة عنها هي شابة تبلغ من العمر ثمانية وعشرين سنة تدرس في السنة الرابعة ليسانس فرنسية بمدينة الشلف، جاءت إلى جمعية نساء في شدة أين وجدت المأوى بعد أن وقعت في خطأ كان نتيجته حمل غير شرعي حيث تشرف على وضع مولودها خلال هذه الأيام، وتقول هذه الطالبة عن سبب حملها أنها كانت على علاقة بشاب مغترب تعرفت عليه وعلى كل عائلته وفي أحد الأيام وقع بينهما ما لا يحمد عقباه وكانت النتيجة حمل تتحمل نتائجه اليوم وحدها بعد أن عاد هذا الشاب إلى بلده ولم يظهر ثانية رغم اتصالها به وإخباره بالأمر الذي أنكره ورفض الاعتراف بخطيئته وعندما بدأت علامات الحمل تظهر عليها أدركت الأخت الكبرى الحقيقة المرة التي انتشرت بين الأخوات الأخريات فيما بقيت مخفية عن الإخوة والوالد واغتنمت فرصة تواجد إحدى الأخوات بالعاصمة كي ترافقها خلال فترة علاجها وتتمكن من وضع مولودها في سرية تامة والأمر يبقى مخفي حتى على والد الجنين حسب ما أكدته لنا الفتاة وهذا تفاديا لأية مشاكل يمكن أن يتسبب فيها الإفصاح عنه، ولقد استطاعت أن تجد سيدة تتكفل بهذه المولودة التي تنتظر وضعها لتعود إلى عائلتها التي بدأت علامات القلق تظهر بسبب تأخرها وتطوى بذلك مرحلة صعبة من حياتها وعن مشاعر الأمومة التي ستحرم منها أكدت أنها مجبرة على ذلك ولا خيار لها بل ولا يمكنها أن تضحي بمستقبلها وبهذا الشكل تتخلى هذه الفتاة على فلذة كبدها معترفة بالخطأ الذي اقترفته لكنها تقول أنها رفضت الإجهاض مفضلة إنجابها على أن تصلح خطأ بخطأ آخر• حالات أخرى مشابهة أو أكثر مأساة استقبلها المركز كتلك السيدة التي تعرضت للاغتصاب من طرف أخيها حيث تسبب لها ذلك في صدمة نفسية حادة فقدت على إثرها الصواب وهي الآن متواجدة بين المركز ومستشفى مصطفى باشا، هي حالات فقط لضحايا عنف من بين كثيرات آثرن تحمل تصرفات الأهل والأزواج على البوح بما يمكن أن يتسبب في إلحاق الفضيحة بهن•