من المنطقي أن تشكل الإنتخابات الرئاسية عرسا سياسيا في أي بلد كان، لأن الأمر يتعلق بانتخاب القاضي الأول أو المسؤول الأول في البلاد .. ومن سنة الإنتخابات أن يكون هنالك تنافس سياسي بين مختلف المترشحين، مهما كان الوزن السياسي لهذا أو ذاك .. فالتنافس السياسي خلال الحملات الإنتحابية لا يجب أن يفسد لود قضية .. وإذا شئنا أن نأخذ الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها النموذج المثالي للتنافس في الإنتخابات، فإن الإنتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي شهدت " حربا شرسة " بين الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما ووزيرة الخارجية الحالية أيضا هيلاري كلينتون .. لكن بعد أن تمكن أوباما من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسيات الأمريكية التي جرت شهر نوفمبر 2004 .. خرجت كلينتون تدعو بالتصويت لصالح أوباما .. وقام أوباما بعد ذلك بتعيينها في منصب وزير الخارجية لأعظم دولة في العالم. وهذا يعني أن التنافس السياسي خلال الإنتخابات تنافس مشروع. ومع الفارق الكبير والواسع بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية لجملة من الأسباب ليس المجال للخوض فيها، فإننا نلاحظ أن الحملة الإنتخابية ستنطلق بعد غد الأربعاء .. لكن الإدارة ورغم كل المجهودات التي بذلتها لتحضير الرئاسيات، فإن هناك بعض الأمور الأساسية لم تسو لغاية كتابة هذه الأسطر، ويتعلق الأمر بمنح " المبلغ المالي " الذي ينص عليه القانون للمترشحين الذين وافق عليهم المجلس الدستوري، والمقدر بنحو 1.5 مليار سنتيم. ورغم " زهد " هذا المبلغ بالنسبة للانتخابات الرئاسية، فإن الإدارة مطالبة بتمكين المترشحين منه حتى يساهموا منذ البداية بتنشيط " العرس " وهو عرس جميع الجزائريين الذي تحملوا مسؤولية الترشح متحدين دعوات المقاطعة والإدعاء أن الرئاسيات مغلقة. إن التأخر عن " تسريح " هذا المبلغ يؤثر سلبا عن المترشحين الذين ليس لديهم ثروة خاصة، وربما يدفع بهم دفعا لسلوكات منافية للأداب والأخلاق الجزائرية وحتى السياسية الشريفة من أجل الحصول على أموال مساعدة على تنشيط الحملة الإنتخابية. وتنبغي الإشارة هنا أيضا، إلى أن القانون لا ينص على إمكانية اللجوء إلى المتبرعين على الطريقة الأمريكية، كفتح حساب للمترشح ويتبرع له المواطنون المؤيدين بمبلغ يحدد سقفه القانون، فأمريكا مثلا يحدد قانونها سقف التبرع للمتبرعين الصغار بين 5 و 20 دولار . لا نخترع العلم إذا قلنا أن المال عصب الحملات الإنتخابية، لذلك قال إدوارد بالادور رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مرة : " إن تكوين الثورة قبل ممارسة السياسة ". إن التفاعل الإعلامي لحد الآن ما زال متواضعا مع الرئاسيات، وحتى يسخن خلال الحملة الإنتخابية، بدون مضيعة للوقت الثمين على المترشحين، فإن الفصل في قضية المال المستحق وقاعات الدعاية أمر ستعجل ..