التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل, بعد يوم من محادثات أجراها في إسرائيل التي اشترطت على الفلسطينيين الاعتراف بكونها دولة يهودية قبل الحديث عن حل الدولتين. وقال رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن الجانب الأمريكي سيتحمل مسؤولية دفع المنطقة إلى ما دعاه أتون العنف والفوضى في حال إخفاقه في إلزام إسرائيل برؤية الدولتين والاتفاقيات السابقة مع الفلسطينيين. ووصف عريقات شرط الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل بأنه هلوسة يطرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي ذريعة لعدم القبول بمبدأ الدولتين. وبدوره قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة "بدأت وضع العراقيل أمام قيام حل الدولتين على قاعدة الشرعية الدولية وخطة الطريق ومبادرة السلام العربية وتفاهمات أنابوليس". واعتبر أبو ردينة تلك العراقيل تحديا للجهود الدولية خاصة الأمريكية, داعيا المجتمع الدولي إلى "مراجعة حقيقية للسياسة الإسرائيلية خوفا من انعكاساتها المدمرة على المنطقة بأسرها". وكانت صحيفة هآرتس قد كشفت أمس أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعكف على إعداد خطة للسلام بالشرق الأوسط تشمل إجراء مفاوضات ثنائية متزامنة بين الفلسطينيين وإسرائيل وبين الأخيرة وسوريا. وقالت الصحيفة إن الخطة الأمريكية تعتمد على مبادرة السلام العربية, مشيرة إلى أن واشنطن تنوي عرض ضمانات أمنية تشمل نشر قوة متعددة الجنسيات في المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل وجعل هذه المناطق منزوعة السلاح. وجاءت تلك التصريحات والتطورات بعد يوم من لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموفد الأمريكي. واشترط نتنياهو اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل "دولة يهودية" من أجل الدخول في محادثات بشأن قيام دولة فلسطينية. ونقل عن مسؤول كبير في مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد قال للمبعوث الأمريكي إن إسرائيل "تتوقع أن يعترف الفلسطينيون أولا بإسرائيل دولة يهودية قبل التحدث عن دولتين لشعبين". وجاء ذلك في حين شدد ميتشل على حل الدولتين, في أول زيارة لإسرائيل منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نتنياهو. وعقب اجتماعه بوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان, قال ميتشل إن "واشنطن تريد أن ترى قيام دولة فلسطينية". وبينما كان ليبرمان يقف إلى جانبه, قال ميتشل للصحفيين "أكدت لوزير الخارجية أن السياسة الأمريكية تفضل حل الدولتين الذي يشمل إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيل اليهودية". وبدوره رفض ليبرمان استئناف المفاوضات المتعلقة بإقامة الدولة مع الفلسطينيين طبقا لمقررات مؤتمر أنابوليس عام 2007. ووصف لقاءه مع ميتشل بأنه كان "فرصة عظيمة لتبادل بعض الأفكار", مشيرا إلى "تعاون وثيق وحقيقي". واعتبر ليبرمان أن عملية السلام وصلت لما سماه "طريقا مسدودا", قائلا إن على الحكومة الإسرائيلية صياغة أفكار ومفاهيم جديدة. وأضاف أن "المفاهيم التقليدية لم تصل إلى أي نتيجة أو حل". كما أكد ميتشل مرة أخرى على حل الدولتين في لقاء مع زعيمة المعارضة الإسرائيلية رئيسة حزب كاديما تسيبي ليفني. وقال "من مصلحتنا الوطنية أن يتحقق سلام قابل للتنفيذ في الشرق الأوسط، وأن يتم التوصّل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على شكل دولتين للشعبين، دولة فلسطينية إلى جانب دولة يهودية، وسنعمل لتحقيق ذلك بحزم في الأشهر القريبة".