يلخص تقرير المتابعة الذي يعده دوريا البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بشأن الآفاق الاقتصادية في العالم ، يلخص بشكل جيد الأوضاع السائدة، حيث يؤكد التقرير، أن عدد الأشخاص الذين كانوا يعانون من المجاعة قبل اندلاع الأزمة الغذائية، كان يبلغ حوالي 850 مليون شخص، إلا أن هذا العدد سيتجاوز مليار شخص خلال سنة 2009، خاصة بالقارة السمراء الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. واستنادا إلى تقرير أعدته مجموعة الثمانية الغنية فأن الأزمة الغذائية، التي يمكن أن تصبح أزمة هيكلية في إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية العاجلة "ستكون لها انعكاسات خطيرة ليس فقط على العلاقات التجارية، لكن أيضا على العلاقات الاجتماعية الدولية، والتي ستكون لها انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار الدوليين"، مما يعني أن المجاعة والفقر يشكلان خطرا سياسيا جسيما على الدول الإفريقية ذاتها. في الوقت الذي ينصب فيه الاهتمام العالمي على مخططات إنقاذ الاقتصاد العالمي من الركود، من خلال ضخ أكثر من 5000 مليار دولار، تتسع فيه دائرة الفقر والمجاعة بالدول النامية دون أدنى اكتراث بهذه المأساة الإنسانية التي تجري في ظل صمت مطبق لما يسمى بالمجتمع الدولي. فهذا التقييم الجديد لحالة الاقتصاد العالمي يكشف بوضوح، بأن عدد الأشخاص الذين سيعانون من المجاعة خلال سنة 2009، سيبلغ 150 مليون شخص إضافي معظمهم بالقارة الإفريقية، وهذا خلافا للتقديرات السابقة التي تحدثت عن 50 مليون فقط. وتعتقد المؤسسات الدولية في هذا الإطار، أن الحديث عن "إخراج الملايين من دائرة الفقر والمجاعة مثلما أقرته منظمة الأممالمتحدة في برنامج الألفية، والتي كانت تطمح إلى تخفيض نسبة الفقر في العالم إلى النصف بحلول سنة 2015، أصبح هذا الهدف ضربا من الوهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تنخر الاقتصاد العالمي". وحسب نفس الوثيقة فإن الأوضاع ستكون مقلقة جدا بالقارة السمراء ، لاسيما بمنطقة الصحراء الكبرى التي تعاني أوضاعا مؤلمة حتى قبل بروز الأزمة الغذائية والأزمة الاقتصادية الحالية . وحسب معطيات أخرى، فالقارة تعاني من مشاكل صحية بالغة الخطورة، إذ أن 9 أطفال من أصل 1000، تقل أعمارهم عن 5 سنوات ، يموتون سنويا، وأن حوالي 1000 أم تموت أثناء وضع الحمل من كل 100 ألف ولادة حية، حيث تعتبر هذه الوضعية أعلى نسبة وفيات في العالم، وهذا فضلا عن أمراض فتاكة أخرى مثل الحمى الصفراء والسيدا، التي تحصد يوميا عشرات الآلاف من الأرواح بسبب انعدام الغذاء والدواء والرعاية الصحية. ومن جهتها نددت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية بالصمت الدولي إزاء ظاهرة المجاعة التي تقتل يوميا عشرات الآلاف، وبقلة الاهتمام الدولي بها وبالمساعدات القليلة لمحاربة هذه المأساة الإنسانية، حيث ذكرت هذه المنظمة بأن ال "120 مليار دولار بمختلف صيغها وأشكالها التي يقدمها المجتمع الدولي لا تمثل سوى قطرة ماء في بحر مقارنة ب8000 مليار دولار التي خصصتها الدول الغنية لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية حسب تقديرات هذه الأخيرة". وغني عن القول أن معظم هذه المساعدات كثيرا ما تستخدم للضغط والمساومة على الدول الفقيرة لإجبارها على اتخاذ مواقف وقرارات تكون في غالب الأحيان ضد مصالحها. واستنادا إلى تقرير أعدته مجموعة الثمانية الغنية، فأن الأزمة الغذائية، التي يمكن أن تصبح أزمة هيكلية إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية العاجلة" ستكون لها انعكاسات خطيرة ليس فقط على العلاقات التجارية، لكن أيضا على العلاقات الاجتماعية الدولية، والتي ستكون لها انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار الدوليين".