حذر البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، أول أمس، من خطر وقوع "كارثة إنسانية" جراء تجاوز عتبة الفقر في البلدان النامية من بينها الجزائر، مؤكدا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء عبر العالم لمواجهة الانعكاسات الإنسانية للأزمة المالية والإقتصادية العالمية. ووجه مسؤولا مؤسستي "بريتون وودس" هذا التحذير خلال ندوة صحفية نشطاها عقب اجتماع لجنة التنمية للبنك العالمي، التي اختتمت أشغال الدورة الربيعية لهاتين المؤسستين المنعقدة يومي 25 و26 أفريل بواشنطن، والتي شارك فيها وزير المالية كريم جودي. وتأسف رئيس البنك العالمي لكون العديد من الدول الفقيرة التي شرعت في تحقيق أهداف الألفية من أجل التنمية للتقليص من عدد الفقراء في أفق 2015، تواجه عراقيل في تجسيد هذه الأخيرة سيما تلك المتعلقة بالمجاعة وسوء التغذية ووفيات الأطفال والأمهات والتربية ومكافحة السيدا والملاريا وأوبئة أخرى. وحسب إحصاءات ذات الهيئة، سيضاف 55 إلى 90 مليون من الأشخاص سنة 2009 إلى السكان الذين يعانون الفقر المدقع، بينما قد يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون المجاعة المزمنة إلى أكثر من مليار شخص خلال السنة الجارية. كما أشار الى أن "لا أحد يعلم كم ستدوم هذه الأزمة المالية والإقتصادية العالمية". ويأتي هذا بعد أن أكد الكثير من الخبراء والباحثون المختصون في تجارب مكافحة الفقر في العالم العربي، أن نسبة الفقر بالجزائر لا تقل عن 40 بالمائة، في غياب دراسات جادة، حول واقع الفقر في الجزائر على غرار ما هو مسجل في أغلب الدول العربية. ويعتمد هؤلاء الباحثون والمختصون في علم الاقتصاد في تحديد هذه النسبة خلال تدخلاتهم، على بعض الدراسات والأبحاث التي كشفت أن أكثر من 45 بالمائة من الأجراء يعيشون تحت الخط الأدنى للفقر بالجزائر، فيما توصلت دراسات أخرى إلى تأكيد أن نصف المجتمع الجزائري فقير باعتبار أن ملف الخوصصة وغلق أكثر من 40 ألف مؤسسة، ترتب عنه تسريح حوالي 500 ألف عامل، انضمت عائلاتهم إلى دائرة الفقر. ويرى أهل الإختصاص أن هناك تضاربا صارخا بين التصريحات الرسمية والتقارير المعدة من طرف المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وكذا الأوساط النقابية وبعض الأوساط السياسية، حيث كشف آخر تصريح لوزير التضامن أن نسبة الفقر لا تتعدى 8 بالمائة. وفي سياق متصل، أكد بعض الخبراء الدوليين رفضهم المعيار العالمي للفقر، الذي يحدد الدخل اليومي لغير الفقراء بما يتجاوز 2 دولار، أي ما قيمته 140 دينار، التي يبدو جليا أنها لا تغطي الاحتياجات اليومية الأساسية من غذاء وكذا الحد الأدنى من الإحتياجات الأخرى للعائلة، وهنا يذهب بعض الخبراء إلى التمسك بالتعريف المعقول للفقير حسبهم والمتمثل في الشخص الذي لا يملك قوت يومه وفي حالة ترجمة هذا التعريف بالأرقام، حسب المختصين، فينبغي على رب العائلة أن يتقاضى ما لا يقل عن أكثر 500 دينار في اليوم، والذي يتعدى بطبيعة الحال معدل الأجر القاعدي للموظف في الجزائر، فإذا تم تطبيق هذا المعيار على الأجراء في الجزائر نجد أن أغلب العائلات فقيرة. وبالإضافة إلى ذلك حسب ما يقدمه تقرير البنك وصندوق النقد الدوليين من معايير ضمنية تحدد ظاهرة الفقر طرح بعض الدكاترة في عدة مناسبات تطرقوا فيها لظاهرة الفقر في الجزائر، قضية تصنيف الفقر إلى نوعين فقر المجتمع وفقر مؤسسات الدولة، حيث أشار هؤلاء الى قضية تصنيف الجزائر بين الدول الفقيرة من طرف هيئة الأممالمتحدة في برنامجها الخاص في المرتبة 103 من أصل 173 دولة، في حين تملك الجزائر احتياطي صرف يفوق 150 مليار دولار. وتعتبر التصريحات الرسمية أن نسبة الفقر في الجزائر تعرف انخفاضا مستمرا يتزامن مع البحبوحة المالية التي تشهدها خزينة الدولة بعد ارتفاع أسعار البترول، المورد الأساسي للمواطن في الجزائر قبل أن يعرف هبوطا مفاجئا فتح مجالا كبيرا للتساؤل عن مدى نجاعة معادلة الإستمرار في الإستراتيجية الاقتصادية التي تداولت عليها الحكومات المتعاقبة.