نهاية الأسبوع الماضي نظمت في الجزائر تظاهرة اجتماعية بالغة الأهمية عنوانها " يوم بدون تدخين " والهدف من ورائها هو تحفيز الناس للتخلي عن التدخين .. ولتكن البداية من خلال " يوم بلا تدخين " ، فالذي يستطيع أن يتخلى عن التدخين ليوم واحد بإمكانه أن يتخلى عنه مدى الحياة. والتدخين هذا ليس مسألة شخصية كما يعتقد البعض، إن المدخن يضر بالمحيطين به أكثر مما يضر بنفسه، لأن القريب من المدخن ، يستهلك من التبغ ضعف ما يدخنه المدخن، فهو يدخن ما يخرجه المدخن من بطنه، ويدخن أيضا ما يحترق في السجارة نفسها. ولأن الأمر هكذا، قررت الدول الكبرى ، الذي كان التدخين فيها رمز للرفاه والمكانة، منع التدخين في الأماكن العمومية ، وتفرض غرامات مالية مرتفعة على المخالفين لهذه القوانين، مؤخرا كنت في باريس، وتفاجأت أن ظاهرة التدخين تكاد تنتهي من المجتمع، بسبب القوانين والغرامات المالية المسلطة، ومن أراد أن يدخن عليه أن يغادر القاعات والأماكن العامة، ويتجه نحو الشارع المفتوح.. ومع مرور الوقت يجد المدخن نفسه يقلل تدريجيا من التدخين، مع تقليل حدة الضرر التي تصيب غير المدخنين في حالة التدخين في المساحات العامة. في ذلك الوقت فتحت جريدة صوت الأحرار على الأنترنيت، وقرأت في صدر الصفحة الأولى خبرا يقول : " إن التدخين يقتل أزيد من 5 ألاف شخص سنويا في الجزائر " .. بعضهم أو معظمهم يموت بسرطان الرئة. والذي يصاب بهذه الأمراض الخطيرة سوف يصبح عبئا على الدولة التي تضطر لتوفير العلاج والأدوية الباهظة. لذلك نجد بعض الدول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تؤمّن المدخنين ، أي أن الضمان الإجتماعي يرفض تأمين المدخنين. بهذا الشكل .. الغرامات .. ومنع التدخين في الساحات العامة .. وعدم الموافقة على تأمين المدخنين .. تكون الفعالية .. والتحفيز للتقليل من التدخين مستقبلا .. أما يوم بلا تدخين فلا أعتقد أنه يؤتي ثماره. لقد جرب كثير من الجزائريين شهر بلا تدخين، خلال رمضان الكريم، الذي يعتبره كثير من الناس فرصة للتوقف عن التدخين، لكنهم عادة ما يعودون إليه رغم توقفهم شهرا كاملا. السبب ... في رأيي هو عدم وجود رادع قانوني ، أو مالي. لقد جربنا كيف أدت الغرامات والعقوبات المفروضة على من لا يستعمل حزام الأمن، أو من يتحدث في الهاتف خلال السياقة إلى " التقليل من الظاهرة " .. اليوم تشير بعض التقديرات إلى أن هناك نحو مليون علبة مارلبورو تستهلك في كل ليلة في الجزائر .. إذا صحت المعلومة .. فهذا معناه أن مليون " قتال " يوميا يسهر معنا. ولا سبيل للقضاء عليه ، إلاّ بأسلوب الغرامات وقوانين التجريم .. أما شاكلة " يوم بلا تدخين " أو " جامعة بلا تدخين " .. وغيرها فهي لا تسمن ولا تغني..