محتالون يستهدفون المسنين لسلب أموالهم    مستحضرات التجميل تهدد سلامة الغدة الدرقية    الشروع في إنجاز سكنات "عدل 3" قريبا    الرئيس تبون جعل السكن حقّا لكل مواطن    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+" تؤكد على ضرورة احترام سيادة سوريا وتدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار    الرابطة الأولى موبيليس - تسوية الرزنامة: شبيبة القبائل ينفرد مؤقتا بالصدارة وشباب بلوزداد يواصل سلسلة النتائج الايجابية    الوضع العالمي مؤسف.. والجزائر لا تريد زعامة ولا نفوذا في إفريقيا    تتويج مشروع إقامة 169 سكن ترقوي بتيبازة    افتتاح الملتقى الكشفي العربي السادس للأشبال بالجزائر العاصمة    عناية رئاسية لجعل المدرسة منهلا للعلوم والفكر المتوازن    شياخة: هذا ما قاله لي بيتكوفيتش واللعب مع محرز حلم تحقق    "الكاف" تواصل حقدها على كل ما هو جزائريٌّ    صيود يسجل رقما وطنيا جديدا في حوض 25 متر    رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية حول قضايا وطنية هامة    حملة "تخوين" شرسة ضد الحقوقي المغربي عزيز غالي    "حماس" تؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    "الوزيعة"عادة متجذّرة بين سكان قرى سكيكدة    لقاء السنطور الفارسي بالكمان القسنطيني.. سحر الموسيقى يجمع الثقافات    تأسيس اتحاد الكاتبات الإفريقيات    حكايات عن الأمير عبد القادر ولوحاتٌ بألوان الحياة    5 مصابين في حادث مرور    دبلوماسي صحراوي: "دمقرطة المغرب" أصبحت مرتبطة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا خطوة نحو استقرارها    الإطاحة بعصابة تروِّج المهلوسات والكوكايين    اليوم العالمي للغة العربية: افتتاح المعرض الوطني للخط العربي بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالعاصمة    الجزائر تتسلم رئاسة الدورة الجديدة لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب    سوناطراك: استلام مركب استخراج غاز البترول المسال بغرد الباقل خلال السداسي الأول من 2025    "اللغة العربية والتنمية" محور ملتقى دولي بالجزائر العاصمة    المالوف.. جسر نحو العالمية    مشروع جزائري يظفر بجائزة مجلس وزراء الاسكان والتعمير العرب لسنة 2024    المحكمة الدستورية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية لأحسن الأعمال المدرسية حول الدستور والمواطنة    هيئة وسيط الجمهورية ستباشر مطلع سنة 2025 عملية استطلاع آراء المواطنين لتقييم خدماتها    ربيقة يواصل سلسة اللقاءات الدورية مع الأسرة الثورية وفعاليات المجتمع المدني    ترشيح الجزائر للسفيرة حدادي لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يهدف لخدمة الاتحاد بكل جد وإخلاص    آفاق واعدة لتطوير العاصمة    مولوجي: علينا العمل سويا لحماية أطفالنا    95 بالمائة من المغاربة ضد التطبيع    إلغاء عدّة رحلات مِن وإلى فرنسا    عطّاف يلتقي نظيره الإثيوبي    مولى: الرئيس كان صارماً    برنامج الأغذية العالمي يعلن أن مليوني شخص في غزة يعانون من جوع حاد    الاتحاد يسحق ميموزا    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    انطلاق فعاليات "المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية" : وزير الثقافة يدعو إلى ضرورة التمسك بالثقافة والهوية والترويج لهما    تصفيات مونديال 2026 : بيتكوفيتش يشرع في التحضير لتربص مارس    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    وفاة الفنان التشكيلي رزقي زرارتي    سوريا بين الاعتداءات الإسرائيلية والابتزاز الأمريكي    جزائريان بين أفضل الهدافين    خطيب المسجد الحرام: احذروا الاغترار بكرم الله وإمهاله    المولودية تنهزم    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    باتنة : تنظيم يوم تحسيسي حول الداء المزمن    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعديل الدستوري المرتقب ومجلس الأمة
نشر في صوت الأحرار يوم 04 - 02 - 2008

أ.د. صويلح بوجمعة أستاذ تعليم عالي –جامعة الجزائر- رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الأمة
أكدت الدساتير الجزائرية المتعاقبة على الحفاظ على الثوابت والقيم التي تحصن بها الشعب ابتداء من بناء الدولة الحديثة ثم تكريس التوجه الاشتراكي إلى الانفتاح الاقتصادي والتعددية السياسية وتحقيق الاستقرار وديمومة النظام الجمهوري. ونظرا إلى الظروف القاسية التي مرت بها البلاد في التسعينيات بات من الضروري أن يعدل الدستور طبقا لتلك المرحلة السائدة وسد الفراغ. والاستكمال مسار الإصلاحات الكبرى وفقا للسياسة الجديدة داخليا وخارجيا واستجابة لمطالب القوى السياسية والمجتمع المدني والانطلاق بالوثيرة التي يستدعيها الظرف الحالي لأن المصلحة تقتضي ذلك، ينبغي توضيح الصلاحيات بين مختلف السلطات والمؤسسات. لا يمكن التهوين من المجهودات التي تبذل مع العلم أن الدساتير مهما كانت موضوعية ستبرز فيها ثغرات. وسبق للبرلمان الجزائري أن عدل دستور 1996 في مسألة جوهرية. لقد عرفت الدول العريقة في الديمقراطية عدة دساتير وكانت تعدلها في كل مرة دعت الحاجة إلى ذلك ومن المنطق ليست الجزائر بعيدة عن هذا المسعى. ونص دستور 1996 على المواد الخاصة بكيفيات التعديل الدستوري. نصت المادة 174 : "لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري، وبعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة بنفس الصيغة حسب الشروط نفسها التي تطبق على نص تشريعي. يعرض التعديل على استفتاء الشعب خلال الخمسين (50) يوما الموالية لإقراره. يصدر رئيس الجمهورية التعديل الدستوري الذي صادق عليه الشعب". المادة 175 : "يصبح القانون الذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري لاغيا، إذا رفضه الشعب. ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال الفترة التشريعية". المادة 176 : "إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (4/3) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان". المادة 177 : "يمكن ثلاثة أرباع (4/3) أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعين معا، أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور على رئيس الجمهورية الذي يمكنه عرضه على الاستفتاء الشعبي. ويصدره في حالة الموافقة عليه". ولإبراز وضع مجلس الأمة في التعديل الدستوري المرتقب لا أتناول التساؤلات التي أثيرت حول مجلس الأمة وجدواه، وهل يمكن اعتباره مجلسا تشريعيا ثانيا بجوار المجلس الشعبي الوطني، وبه تكون الجزائر قد أخذت بازدواج مجلس البرلمان، وإذا لم يكن كذلك فلماذا نبقى عليه ؟ ولا أتعرض للآراء التي قيلت في هذا الشأن وأساند كل منها ومبرراته وحججه في ذلك (سبق أن أشرنا إليه في مختلف المناسبات الأكاديمية والاحتفالية واللقاءات مع المجتمع المدني ومؤسسات الدولة) في الواقع نجد أنه يمكن تفادي التساؤلات المشار إليها أنفًا، من موقع يجب أن يقفه الجميع تحت مظلة الولاء والوطنية والانتماء للدولة الجزائرية بغض النظر عن الإيديولوجيات والميولات والمعتقدات المختلفة، كم أن هذا المجلس لم ينشأ رغما عن إرادة الشعب بل جاء بموافقته وبغالبية كبيرة جدا، وأنه يضم خبرات و كفاءات عالية، فهو قادر على أن يقدم قدرا أكبر وأعمق من المشورة الفنية كضرورة عصرية لتطور وظيفة الدولة ويؤدي إلى صدور القرار السياسي أو التشريع على ضوء الاعتبارات الفنية والدراسات العلمية، و أصبح هذا المجلس أمرا واقعيا ودستوريا. والمؤكد، أن المتتبع لمسار مجلس الأمة، وبعد عشر سنوات من تأسيسه يمكنه أن يلمس عدة حقائق أهمها أن هذه المؤسسة الدستورية، وغم الظروف الصعبة التي جاءت فيها، قد فرضت نفسها واستطاعت في ظرف وجيز أن تؤدي دورها بفعالية وتثبت بالتالي هذه الأهمية التي أصبحت تحظي بها في الحياة السياسية والبرلمانية للبلاد. وهذه الأهمية نفسها هي التي جعلت مجلس الأمة يتموقع كمؤسسة دستورية، إلى جانب المجلس الشعبي الوطني ويتجاوز مرحلة الجدل التي أثيرت حوله انطلاقا من المقاربة التوفيقية التي يعتمدها في عمله التشريعي والبرلماني عموما حرصا على مصلحة البلاد. ومن هنا، استطاع بعمله هذا أن يجيب على كافة التساؤلات والاستفهامات التي طرحت بشأنه لذلك سأتطرق في هذا الموضوع إلى مسار هذه المؤسسة في الذكرى العاشرة من تأسيسها، وجدواها وبعض التساؤلات التي أثير ت حولها لنثبت ضرورة وجود غرفة ثانية إلى جانب الغرفة الأولى كتجسيد أمثل للممارسة الديمقراطية والتمثيل الأنسب للمواطن. رغم أن العهد النيابية في تاريخ مجلس الأمة، زمنيا بالتقريب تعد قصيرة في التجربة البيكاميرالية في الجزائر ولازالت في بدايتها، وبالتالي فهي قابلة للصقل والتطوير، ومع ذلك هذه الفترة الوجيزة وفرت بعض الشروط المثلي لتحسين وتبسيط الإجراء التشريعي داخل مجلس الأمة، وبدأ يستقبل بارتياح لدوره السياسي والتشريعي. وتقييم عشر سنوات عن تأسيس مجلس الأمة قد تكون صعبة ودقيقة، ولكن والأمر هنا يتوقف على ظروف البلد، فان التقييم لا ينبغي أن يكون مبنيا على أساس نظري والنظريات العلمية أو الآراء الفلسفية، لا بد من البحث في الأسس العلمية ومدى ارتباطها في الزمان بالتغيير والتجدد الحاصل بالدولة الجزائرية. وليس هناك ما يفيد الغرابة، أن يكون تشكيل مجلس الأمة بما يسمح لتلطيف ولضبط الحركات التجاوزية في اتجاه أو آخر قصد الحفاظ على الدولة واستمرارها، وأن يكون الدخول في عضويته وجود نسبة الثلث من المعنيين من قبل فخامة رئيس الجمهورية طبقا للمادة 100 من الدستور تسمح بتعزيز إمداد المجلس ببعض الشخصيات التاريخية والكفاءات الوطنية من أصحاب الخبرات الطويلة والتفوق في مجالات العمل المختلفة التي يمكن أن تفيد العملية التشريعية وتدعمها وتساعد على صدورها وتسييرها في الاتجاه السليم، وهذه الخبرات يصعب في بعض الحالات توافرها عن طريق الانتخابات، خاصة إذا وضعنا في أذهاننا الوعي الانتخابي أو الثقافة السياسية لدى أغلبية الناخبين ودرجة الاحتكام للعواطف في العملية الانتخابية، ومقدرة هذه الخبرات والكفاءات في خوض مثل هذه الانتخابات، بما في ذلك اقتراح التوسيع بالتعيين للجالية الجزائرية في الخارج. وفي عضويته أيضا (3/2) عن طريق الانتخابات تجسد حقا التمثيل الكافي للمجال الإقليمي للدولة وطنيا ومحليا، ولمختلف الشرائح والفئات، وأيضا المصالح الحيوية العليا للدولة والمجتمع الذي يحترفها ويجيد ممارستها أفراد وراءها أحزاب ومجتمع مدني وأنظمة قبائلية عشائرية أو مصلحيه مذهبية قد تكون الحاجة إليها ضرورية تفرضها متطلبات موضوعية عملية. ويعترف لمجلس الأمة بكونه وسيلة دستورية برلمانية تتسم بالرشادة والكفاءة العالية والفاعلية النشطة،مع التعقل والحكمة والتروي والتبصر، وهي كلها عوامل وعناصر تدفع لتحقيق متطلبات الملاءمة للنصوص التشريعية المصوت عليها بالأغلبية البسيطة من قبل المجلس الشعبي الوطني والمحالة على مجلس الأمة للمصادقة عليها ب4/3، والتي أظهر فيها قدرا كبيرا من الفعالية بالتوافق والتوازن بين المصالح العليا للأمة والدولة، والمصالح الفئوية والتنظيمية ورغبات وحاجيات المواطن. والملاحظ أن مجلس الأمة لم يستخدم ماله من صلاحيات وسلطات كاملة في الاختلاف أو في التأجيل ولا الرفض الكامل حتى لا يكون مجرد غرفة تسجيل، ولا يتهم بأنه آلية لتعطل القوانين والتباطؤ في المصادقة عليها. وبتطبيق أحكام مواد الدستور (28 نوفمبر 1996) المتعلقة بطبيعة نظام مجلس الأمة، نجده في جوهره تطبيقا جزائريا صرفا له خصوصياته ومواصفاته عن نظم الازدواج البرلماني، ويعد مجلس الأمة تحديثا تشريعيا متطورا، ونوعا متميزا لنظام برلماني خاص يتماشى والمحيط البيئي الاجتماعي القانوني السياسي للدولة الجزائرية، وسيظل خاصا ومميزا بموطنه ويصعب انتشاره كنموذج مقارنة لاتساع صلاحياته السياسية والدستورية مقابلة بالنظم السياسية المقارنة، فهو إلى جانب كونه مؤسسة تشريعية سيادية يضطلع بوظيفة التشريع، تطبيقا لأحكام الدستور لاسيما المادة 98 منه، يعد هيئة التحكم وصمام الأمان للأمة الدولة في حالات الضرورة و الظروف الاستثنائية استنادا لمواد الدستور من 80 إلى 84 والمواد 88، 89، 93، 94، 96، 102، 129، 130 والمواد من 133 إلى 137 والمواد 166، 174، 177 و181. وبهذا أراد المشرع الدستوري الجزائري ألا يكون للمجلس سلطات تشريعية قانونية بحتة يشارك بها المجلس الشعبي الوطني كمجلس ثان تحت قبة البرلمان الجزائري، بل أن وضعه الحالي أشبه ما يكون بجهاز توازن مؤسساتي للسلطة التنفيذية من جهة وللمجلس الشعبي الوطني، يعاونها معاونة اختيارية وليس إجبارية في بعض المسائل التي يشتد الخلاف وعدم الانسجام بينهما، أي مسائل تشريعية وتنفيذية إجرائية، إلا أنه ملزم قانونيا ببحث المسائل والموضوعات التي تحال إليه من المجلس الشعبي الوطني. وجعله المؤسس الدستوري يحتل مركزا مزدوجا بالنسبة للمجلس الشعبي الوطني،بحيث يقع في مركز التابع للمتبوع في الاختصاص، إذ هذا الأخير هو الممون له بالمادة التشريعية، إذا لا يناقش ولا يصوت مجلس الأمة إلا على النص المصوت عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني،طبقا لأحكام المواد 40، 41 و42 من القانون العضوي، كما يقع في مركز الهيئة المراقبة له، بحيث يقص أو يقف كل النصوص التي يرى أنها غير ملائمة شكلا أو موضوعا لتصوره لإدارة الأمة و قيمها. ولمجلس الأمة حق المشاركة في الرقابة على دستورية القوانين عن طريق المشاركة في تشكيل المجلس الدستوري، ولرئيسه حق إخطار المجلس بذلك. وبهذا يضاف لمجلس الأمة المسعى النوعي كأداة فرضها ويرفضها مستقبلا السير العادي والرزين للنظام المؤسساتي الجديدة وتعزيز استقرارها، وتثبيت روح التعاون والتشاور والمشاركة وتغليب التعقل والحكمة والموضوعية في معالجة شؤون الأمة مع تصور الحلول الأكثر نجاعة وملاءمة. والاضطلاع بوظيفة الرقابة السياسية على أعمال الحكومة طبقا لأحكام الدستور ولاسيما أحكام المواد 80، 84، 99، 133 و134، وأحكام المواد 160 و162 منه خلال طرح الأسئلة الكتابية والشفوية والاستجواب ولجان التحقيق والبعثات الاستعلامية ومتابعة تطبيق التشريع والحرص على ملاءمة برنامج الحكومة للمنطلقات الأيديولوجية والعقائدية والخيارات الوطنية السياسية والاجتماعية الاقتصادية والحضارية الإستراتيجية للدولة والمجتمع الجزائري والحفاظ على استقرار واستمرار حسن سير مؤسسات الدولة وديمقراطيتها وديمومتها، ولمجلس الأمة الدور في مراجعة أو تعديل الدستور، سواء بالمشاركة في اقتراح التعديل أو التصويت عليه. إن العناصر التي تمت الإشارة إليها آنفا تبين أن المؤسس الدستوري الجزائري لم يرد اعتماد هذا النظام بصورة كاملة، و كأن هذه التجربة لم يحن وقتها ولم تنضج بعد ولم ترق إلى ازدواجية الغرفتين البرلمانيتين، وأن المشرع لم يحاول أن ينظم العلاقة بين مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني تنظيما متكاملا، بحيث يكون المجلسان متكاملين مكملين لبعضهما كبرلمان واحد،و ذلك متعمد وعن قصد. كما لا يجب تقييم طريقة تكوين مجلس الأمة على أساس ذات المعايير لتكوين المجلس الشعبي الوطني، لأن المشرع الدستوري يرغب في تمثيل ما لم يمثل وأن الهدف ليس استحداثا أو استنساخا نسخة ثانية للمجلس الشعبي الوطني. إن مواد دستور 1996 أعطت سلطة ومبادرة اقتراح القوانين صراحة للمجلس الشعبي الوطني وحده دون مجلس الأمة، ولو أراد المشرع أن يشارك هذا الأخير في هذه العملية التشريعية لكان أضاف المواد المماثلة المتعلقة بمجلس الأمة وبوضوح. ورغم أن المدة (10 سنوات) تعد قصيرة في التجربة البيكاميرالية في الجزائر وأنها لا زالت في بدايتها، فهي قابلة للصقل والتطوير باقتراحات للوقت الراهن بالتطبيق التدريجي والمؤقت لتحسين وتبسيط الإجراء التشريعي داخل مجلس الأمة واقتراحات لوقت لاحق (ذات أمد طويل للتطبيق الدائم) قد تستخدم وقت التعديل الدستوري المرتقب. اقتراحات لوقت لاحق (ذات أمد طويل) قد تستخدم في التعديل الدستوري المرتقب لكي يصبح مجلس الأمة ذا اختصاصات تشريعية بحتة ومجلسا نيابيا حقا، نرى ضرورة إجراء بعض التعديلات الدستورية في التكوين والاختصاصات المخولة له حاليا، ومراجعة
القانون العضوي المنظم للعلاقات مع البرلمان في نقاط، كأن : 1. يكون العضو جزائريا من أبوين جزائريين. 2. تكون الزوجة للمتزوج جزائرية. 3. تمثل كل ولاية بممثل واحد بغض النظر عن عدد سكانها أو مساحتها أو أهميتها، بحيث تتلاقى و تتكامل وجهات النظر عند الصالح العام فقط. 4. توسيع عضوية المعنيين في المجلس، و أن يكونوا من بين الشخصيات، والكفاءات الوطنية الذين قدموا للبلاد خدمة جليلة في مختلف المجالات العلمية، الثقافية، المهنية، الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك الجالية الجزائرية في الخارج. 5. لا تتوقف الجلسات والعمل التشريعي بمجلس الأمة في حالة حل المجلس الشعبي الوطني، وفي ذات الوقت تصدر قرارات نهائية خلال تلك الفترة حتى في المسائل المقرر اشتراك المجلسين في مناقشتها أو إقرارها أو رفضها (أي العلاقة). 6. لمجلس الأمة حق المبادرة باقتراح مشروعات القوانين ودراستها بواسطة اللجان المختصة ثم تحال للمجلس الشعبي الوطني، فإذا وافق عليها تتخذ إجراءات إصداره و بنفس الإجراء التشريعي يكون الحق نفسه للمجلس الشعبي الوطني (ذهاب وأياب). 7. الموافقة والمصادقة على نص القانون بالأغلبية البسيطة. 8. منح السلطة التقديرية في استدعاء اللجنة البرلمانية المتساوية الأعضاء لرئيس البرلمان ووفق آجال محددة. 9. جعل اجتماع اللجنة المتساوية الأعضاء كهيئة مصالحة، مع توضيح مبدأ حق الفصل النهائي في حالة عدم الاتفاق واستمرار الخلاف بين الغرفتين. 10. لم يتضمن القانون المنظم للعلاقات مع البرلمان والحكومة ولا القانون الداخلي لكل من المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة أو اللوائح التنظيمية، أي مواد تتعلق بالاجتماع المشترك بين المجلسين ومواد تتعلق بشكل أمانته ودوره أو العلاقات التي تنتج عنه، إلى غير ذلك من المسائل وينبغي النظر في تلك المسائل وتنظيمها وصياغتها الدستورية. 11. القيد الوارد في الدستور بخصوص عدد أعضاء مجلس الأمة لا مبرر له، حيث تنص المادة (101) على أن عدد أعضاء مجلس الأمة يساوي على الأكثر، نصف عدد أعضاء المجلس الشعبي الوطني. ويفهم من هذا النص أن عدد أعضاء مجلس الأمة لا يمكن في كل الأحوال أن يتجاوز نصف عدد أعضاء المجلس ألشعبي الوطني، ومثل هذا النص يقيد التقسيم الجديد المتوقع للولايات، حيث لا يمكن أن تتجاوز الزيادة في عدد الولايات عددا معينا وإلا وجب تعديل الدستور، ناهيك عن توصيات لجنة إصلاح هياكل الدولة في موضوع الهيئات الإدارية وتوصيات لجنة إصلاح العدالة في التنظيم القضائي وتقسيم المجالس القضائية. 12. إعطاء للحكومة حق اختيار اللجوء الأولي إلى إحدى الغرفتين لسبب استراتيجي أو تقني وبالتشاور. 13. إدراج آلية تداول مشاريع النصوص (حركة الذهاب والإياب) بين الغرفتين. 14. توسيع مجال الإخطار للمجلس الدستوري بتمكين مجموعة من البرلمانيين – يجب تحديد عددها-. وأخيرا فالممارسة الديمقراطية في ظل الأخذ بنظام الازدواج البرلماني مع ما شابها من الأحوال والظروف، وحتى وان لم تكن درجة نقاء التربة الصالحة تماما للنمو الديمقراطي، فان التجربة لازالت قائمة مستمرة. ولقد ابتليت الجزائر في حياتها السياسية وكذلك النيابية بعد أكتوبر 1988 بأحداث جسام ؟ ! لكن كل ذلك لا يقلل الجهد المبذول في التغيير والتحول. فالتغيير الحاصل في الجزائر سياسيا والتنوع الاقتصادي والازدواج البرلماني يمثل قفزة نوعية كبيرة، حتى وان لم تطبق جميعها في جو عام يحفظ الاستقرار والديمقراطية. وخلاصة القول في المركز القانوني لمجلس الأمة نتساءل هل نبحث عن نجاعة العمل التشريعي أم ضمان توازن سياسي؟ وبناء على ترجيح أي الاعتبارين المذكورين يتقرر تشكيل البرلمان من غرفة واحدة أو غرفتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.