التزمت الحكومة رسميا بالتكفل بانشغالات الأساتذة الباحثين الاستشفائيين الجامعيين من خلال ضبط كيفيات دفع المكافآت الخاصة بهم والتي ستطبق بأثر رجعي ابتداء من شهر جانفي 2008، وتبلغ المنحة الشهرية التي سيتقاضاها هؤلاء 55 بالمائة من الراتب الشهري المرتبط برتبة الانتماء، ويأتي هذا الإجراء استكمالا للضمانات التي كانت قدّمتها من وزارتا الصحة والتعليم العالي للأساتذة الاستشفائيين قبل حوالي شهر بعد شلّهم كليات الطب. جاءت هذه الإجراءات الخاصة بالأساتذة الباحثين الاستشفائيين الجامعيين في مضمون المرسوم التنفيذي الصادر في آخر عدد من الجريدة الرسمية والذي حمل توقيع الوزير الأول أحمد أويحيى بتاريخ 24 ماي الماضي بعد أن حظي بموافقة من رئيس الجمهورية، وبموجب ذلك تتحدّد بوضوح طبيعة النشاطات التي يتكفل بها الاستشفائيون الجامعيون مقابل حصولهم على الامتيازات المادية. وبحسب ما ورد في المرسوم التنفيذي فإن الأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي بناء على عنوان ممارسة نشاطات ممارسة نشاطات الصحة سيتقاضى مكافأة شهرية تحدّد بنسبة 55 بالمائة من الراتب المرتبط برتبة الانتماء، على أن تلغى الأحكام المتعلقة بالتعويض الاستشفائي المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 91-472 المؤرخ في 7 ديسمبر 1991 المتضمن النظام التعويضي للأطباء المتخصصين الاستشفائيين الجامعيين المعدّل والمتمّم. والأهم من ذلك فإن المكافأة التي سيتلقاها هؤلاء تخضع للاشتراك وتدخل في الحساب أثناء تقاضي معاش التقاعد، وهو المطلب الذي طالما كان محل انشغال هذه الفئة من الأساتذة الجامعيين، وبناء على هذا الأمر فإن النقابة الوطنية للأساتذة و"الدوسانت" في العلوم الطبية التي جمّدت قبل حوالي ثلاثة أسابيع حركتها الاحتجاجية كانت قد قدّرت الزيادات الجديدة التي أقرّتها السلطات العمومية بحوالي عشرة آلاف دينار للأساتذة المساعدين في العلوم الطبية، وعشرين ألف دينار للأساتذة و"الدوسانت"، وهي نسبة اعتبرتها تفوق قيمة 75 بالمائة من الأجر الشهري الخام. وبمقابل هذه المنحة المالية التي كان يطالب بها الأساتذة الباحثون الاستشفائيون الجامعيون والتي تعتبر السبب المباشر الذي دفعهم للدخول في إضراب ومقاطعة لامتحانات طلبة كليات الطب لمدة قاربت الشهرين، تضمّن المرسوم التنفيذي كذلك تفاصيل عن المهام التي يقوم بها هؤلاء بالإضافة طبعا إلى نشاطات التدريس في إطار المرسوم التنفيذي 08-129 المؤرخ في 3 ماي 2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي وتحديدا المادة 75 منه، ومن هذه المهام ذكر المرسوم الجديد ضرورة ضمان كل علاج مرتبط بكفاءة الأستاذ وخاصة العلاج الاختياري والعلاج ذو المستوى العالي. إضافة إلى ذلك يتكفل الأساتذة الباحثون الاستشفائيون الجامعيون بضمان خدمات الصحة ذات الصلة باختصاصهم في المؤسسات والهياكل الاستشفائية الجامعية، مع المساهمة كذلك في تحسين فعالية المنظومة الوطنية الصحية عن طريق تنفيذ برامج العمل الصحي، إلى جانب المساهمة في تسلسل العلاج من علاج أساسي وعلاج اختياري وعلاج ذي مستوى عال، وعلاوة على هذا يكلف الأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي والأستاذ المحاضر الباحث الاستشفائي الجامعي من القسم "أ" بتصوّر برامج العمل الصحي وإعدادها وتنفيذها. ومعلوم أن الحركة الاحتجاجية التي دخل فيها الاستشفائيون الجامعيون خلال الأسابيع الماضية كانت محل انشغال كبير بين وزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي، فالمضربون يمارسون نشاطهم في القطاع الثاني (التعليم العالي) ولكنهم يخضعون لوصاية القطاع الأول (الصحة) وهو ما تطلّب عقد اجتماعات متتالية بين مسؤولي الوزارتين تعهّد بموجبها كل من رشيد حراوبية والسعيد بركات بتبني انشغالات هؤلاء وحل مشاكلهم، كما أبديا حينها استعدادهما لتكثيف الجهود لتحسين أوضاع التكوين الجامعي والنشاطات الطبية وهو ما تم فعلا ودفهم بالاستشفائيين إلى العودة إلى أجواء التدريس وإنهاء مخاوف الطلبة بسنة بيضاء.