عمار بن تومي: "أول وزارة للعدل في الجزائر تأسست بسواعد المحامين" يحتفل المحامون الجزائريون اليوم، بمدينة تلمسان، بعيدهم الوطني المصادف ليوم استشهاد أول محامي في الجزائر، المحامي البطل، علي بومنجل. ويأتي هذا الإحتفال على وقع "الانتصار" الذي حققه ممثلو المحامين في مفاوضاتهم مع وزارة العدل بخصوص إعادة صياغة العديد من المواد القانونية المتعلقة بالمشروع التمهيدي لقانون المحاماة، التي تضمنتها الصياغة الأولى للمشروع ولاقت سخط وغضب أصحاب الجبة السوداء، إلى درجة وصف المشروع ب"الخطر المهدد لمهنة الدفاع". ولم يكن اختيار الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، مدينة تلمسان، لإحياء ذكرى هذا الشهيد "صدفة"، وإنما فرضته عدة معطيات أهمها موقف مجلس منظمة المحامين لناحية تلمسان من هذا المشروع، الرافض لسياسية "تركيع" حاملي الجبة السوداء التي تضمنتها بعض المواد القانونية، كونها جاءت لتهدد استقلالية المهنة من خلال إخضاع المحامي ل"قبعة النيابة". فقد سجلت منظمة تلمسان منذ 5 أشهر، بقيادة نقيبها المحامي ياسين رحالي، الذي وافته المنية نهاية شهر جانفي المنصرم بسكتة قلبية، أول انتفاضة ضد هذا المشروع. وعبرت المنظمة عن رفضها التام للمشروع، وتمكنت من تجنيد كل المحامين المنضوين تحت لواء مجلس منظمة محامي تلمسان وراء النداء الذي أطلقه أعضاء المجلس الخاص بمقاطعة كل الجلسات المنعقدة يوم الثلاثاء من كل أسبوع، حيث يقول عضو نقابة تلمسان، المحامي عبد العزيز حمادي، إن هذا اليوم التاريخي، بالإضافة إلى أن تنظيم ندوات للحديث عن المهنة تاريخا وحاضرا، هو فرصة مواتية للاحتفال بالنجاحات المتكررة التي تصب لصالح المهنة بدليل أخذ الوزارة بكل اقتراحاتهم. ويشهد الجميع على أن مجلس منظمة تلمسان يعود له الفضل الأول في دق ناقوس الخطر، الذي كان يهدد مهنة أصحاب الجبة السوداء، وبفضل انتفاضة تلمسان احتدم النقاش والجدل القانوني، ما دفع بنقباء المهنة إلى التكتل للدفاع عن قانونهم الجديد وعن مستقبلهم المهني، حيث تكللت الاجتماعات الماراطونية واللقاءات الأربعة المنعقدة في غضون الشهرين الأخيرين بالنجاح، من خلال استرجاع حاملي الجبة السوداء للعديد من المواد القانونية التي نص عليها قانون المحاماة 1991، وتم إقصاؤها في المشروع التمهيدي. وسيتم اليوم أيضا الحديث عن خصال النقيب الراحل، ياسين رحالي، الذي لم يمكنه القدر من الاحتفال بنشوة "الانتصار"، لكن القدر منح زملاءه فرصة الحديث عن مواقفه بخصوص المهنة والمشروع، والتي تزامنت مع ذكرى أربعينيته، وفي هذا الصدد يقول نقيب البليدة، يحيى بوعمامة، "أن زملاءه النقباء يشهدون حرص فقيد المهنة على حضور كل اللقاءات التي برمجت سابقا مع وزارة العدل". كما يسلم الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين اليوم، كأس المحامي، للفريق الرياضي الفائز في مقابلة كرة القدم التي يشارك فيها المحامون، حيث حملت الدورة اسم نقيب تلمسان. وفي خضم الحديث عن تاريخ المحامين في الجزائر، كشف نقيب البليدة، يحيى بوعمامة، عن أنه حافل بالانتصارات، فمثلا أول محامي من أصل عربي تم انتخابه كنقيب للمحامين لناحية البليدة سنة 1952 هو المحامي، قسول حميد وأول محام من أصل عربي لبس الجبة السوداء بمنظمة البليدة التي يعود تاريخها إلى 1880 هو المحامي عبد العزيز بن رامول سنة 1927. كما يتذكر محدثنا مقولة نقيب المحامين سابقا بمليانة، المحامي محمد غريسي، قبل أن يتوفى سنة 1998، وبعد أن قضى أكثر من نصف قرن في المهنة، "أحب أن أموت وأنا أرافع"، وهو ما دفع المنظمة إلى تمجيد ذكراه وإطلاق اسمه على مكتبة المحامين للحفاظ على الأسماء التي أرست قواعد المهنة. الأستاذ عمار بن تومي.. ذاكرة محاماة وثورة وأول وزير للعدل ارتأت "الفجر" بهذه المناسبة التحدث مع أول محام جزائري اعتمد بصفة رسمية ضمن منظمة المحامين الفرنسيين لناحية الجزائر، وتقلد منصب أول وزير للعدل في عهد الحكومة الجزائرية المؤقتة، بالإضافة إلى كونه نقيبا سابقا للاتحاد الوطني لمنظمات المحامين سنة 1967، حيث استرجع المحامي عمار بن تومي، الذي لا يزال وفيا لمهنته، وهو في 85 من عمره، الماضي البعيد، وبالتحديد سنة 1943، تاريخ حصوله على شهادة البكالوريا، ووقتها كان حلمه دراسة التاريخ قبل أن يلبي طلب عسلة حسين، الذي كان مسيرا سريا في الحركة الوطنية، بدراسة الحقوق حتى يكون للحركة محاميها الذين يدافعون عن مناضليها. محدثنا الذي صار محاميا رافع في عدة قضايا هامة، على غرار قضية عبان رمضان رفقة 27 متهما بمحكمة بجاية، وقضية حمو بوتليليس رفقة 47 متهما بمحكمة وهران، وقضية زيغود يوسف رفقة 131 متهم بمحكمة عنابة، وقضية بن بلة رفقة 56 متهما بمحكمة البليدة.