لم يظهر للتيار الديموقراطي أثر خلال الانتخابات الرئاسية، فالتجمع الوطني الديمقراطي انصهر داخل التحالف الرئاسي، الذي يعني مساندة الرئيس في برنامجه وترشحه وكل شيء، فيما بقيت قوى تدّعي أنها ديمقراطية، مثل التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بمعية الأفافاس في صف المعارضة المستميتة لكل ما هو ''سلطة''، وفضل خيار المقاطعة عن المشاركة وإثبات الذات• وبالمقابل عصفت الخلافات الداخلية بالحركة الديمقراطية والاجتماعية ما لم يمكنها بالتوحد على موقف، في حين غاب التحالف الوطني الجمهوري، عن الساحة كلية، بعد انسحاب زعيمه رضا مالك• ويفسر ضعف التيار الديمقراطي غياب مرشح عنه في الانتخابات الرئاسية، رغم وجود ''افتراضي'' لأحزاب ديمقراطية أخرى غير معتمدة، منها الجبهة الديمقراطية لسيد أحمد غزالي، والتجمع الجمهوري الديمقراطي لعمارة بن يونس، الذي انتهى بالدخول في صفوف المساندة، كما أن رؤساء الأحزاب الديمقراطية غير المعتمدة لم يسعوا إلى الترشح للانتخابات الرئاسية، ولو لإسماع صوت هذا التيار، الذي انصهر بين المساندة والمعارضة دون العمل الميداني الحقيقي، أو عصفت به الخلافات وأبعدته عن النظر إلى ما هو أبعد من مشاكله الداخلية، أو ''تهاون'' بعض المحسوبين عليه في العمل بسبب ممارسات السلطة، وقناعتهم بأن الديمقراطية في الجزائر ولدت ميتة، على حد تعبير سيد أحمد غزالي، الذي قال عنها إنها أرسيت لغايات أخرى غير التعددية• كما فضل أقدم حزب ديمقراطي ''معارض''، وهو جبهة القوى الاشتراكية، الإبقاء على خيار المقاطعة إلى أجل غير مسمى، بحجة اقتناعه بأن السلطة لا تريد منافسة حقيقية وشفافة، ولن تسمح بدخول غير الموالين إليها• ومن المستبعد أن تتغير الخارطة السياسية في الجزائر، في الوقت الذي ترفض فيه السلطة اعتماد أحزاب أخرى، وتسعى إلى تخفيض عددها، تمثلا بالنموذج الأمريكي، وسيبقى الأمر مقتصرا على التحالف الرئاسي والمعارضة، إن تمكنت من التوحيد بينها، وكذا التيار الإسلامي إن تمكن هو الآخر من استعادة قوته بعد إعادة هيكلة حركة النهضة بعودة عبد الله جاب الله إليها، والإصلاح الوطني بتمكنها من تجاوز بوادر الخلافات التي فجرتها الانتخابات الرئاسية•