كانت العاصمة الجزائرية، أمس، على موعد مع فعل ثقافي متميز، احتضنت من خلاله الملتقى العربي الأول حول قضايا المرأة والكتابة النسائية• ولست هنا لأتحدث عن الملتقى وإنما لأنقل شهادة أديبة سعودية جاءت من بعيد لتطلع على تجربة المرأة الجزائرية في الفعل الكتابي• الأديبة السعودية التقيتها في المدخل، وكانت بقربنا وزيرة الثقافة، خليدة تومي، التي حييتها وقدمتها للضيفة السعودية، وكم كانت دهشتها كبيرة وهي ترى وزيرة تسير بمفردها، وبتواضع تفتح المصعد وتقله لتصعد إلى قاعة اللقاء• ''كيف؟ - قالت الضيفة السعودية - الوزيرات يسرن بمفردهن وبدون حرس ولا بهرجة ولا مواكب؟! هذا مستحيل في بلادنا ! الوزراء عندنا يأتون في مواكب وحرس و•••''• نعم - قلت - ولم لا؟ الوزيرة في الجزائر هي إنسانة عادية، بسيطة ومتواضعة •• وهذه صفاتنا نحن الجزائريون، لكننا لا ندرك ذلك إلا عندما ينبهنا إلى ذلك غيرنا• وماذا لو عرفت هذه الضيفة نضالات النساء الجزائريات؟ ماذا لو عرفت الشهيدة بن جدة، التي اتهمت نفسها بأنها هي التي قتلت أحد الجنود الفرنسيين وقبلت العذاب والإعدام، حتى لا تتعرض السيدة التي قتلته وهي أم لأطفال صغار للموت وييتم أبناؤه؟•• ماذا لو عرفت نضالات الجزائرية اليومية •• في العمل، وفي البيت، وماذا لو عرفت ما قاست في مرحلة الإرهاب وهي تدفن أبناءها وبناتها وأقرباءها، وترى البلاد وهي تدفع كل يوم جزءا من جسدها؟••• نحن مناضلات سيدتي، أما عن جدة•• نحن نساء الجزائر، نساوي ضعف وزننا بارودا، مثلما قال كاتب ياسين عن واحدة منا، ليس بفعل الكتابة فقط، بل لأننا نقاوم يوميا ونقف في وجه شتى المحاولات والمخططات لضرب مكتسبات المرأة الجزائرية التي حققتها أثناء الثورة وبعد الاستقلال• نحن نساء الجزائر، لا نعرف متعة الجلوس والنوم، وخادماتنا يربين أبناءنا، وخادماتنا يقررن مصير مجتمعنا•• لا نعرف نعمة النوم، فنحن اللواتي ننهض باكرا، ولا نعمة عطلة الأسبوع، لأن نشاطنا يمتد على طول الأسبوع• ماذا أقول لأختي السعودية، التي جاءت أمس من غير خمار لتنعم للحظات بنسيم الحرية في الجزائر، ولاشك أنها ستعود بتجربة جديدة من الجزائر التي تحميها نساء وتبنيها نساء•