قال رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس، إن ذكرى مجازر 8 ماي 5491 شهادة دامغة على همجية الاستعمار الفرنسي ووحشيته وخلوه من الإنسانية، كما أنها نقطة انطلاق مرحلة حاسمة في مسار تجذير حركتنا الوطنية وتوحيدها• وأوضح بوتفليقة، في رسالة شديدة اللهجة بعث بها إلى المشاركين في الندوة التاريخية المنعقدة بسطيف إحياء لمجازر الثامن ماي تحت عنوان ''قراءة قانونية وتاريخية لمجازر 8 ماي 5491''، قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، أن ''ما قيل مؤخرا بشأن إيجابية الاستعمار المزعومة والمبادرات الداعية الى ترك المؤرخين والمجتمع المدني يخوضون في تفاصيل تلك الفترة بما تخللها من عنف ومساس بحقوق الشعب الجزائري وكرامته، ليست كافية البتة لإظهار الحقيقة وإنصاف الجزائر لقاء ما كابدته من فظائع''• وأضاف الرئيس في رسالته التي تأتي قبيل الزيارة المرتقبة إلى باريس ''إننا نعلم أنه لا يمكننا تحميل الشعب الفرنسي برمته وزر المآسي والمعاناة التي سلطها علينا الاستعمار الفرنسي باسمه''، مشيرا إلى أنه ''لكي نطوي نهائيا تلك الصفحة الحالكة من التاريخ، يجب على الفرنسيين وعلينا أن نجد سويا صيغة متفردة نتجاوز بها ما سببته الدولة الاستعمارية الفرنسية للشعب الجزائري من أضرار وخيمة، ونقيم بين الجزائروفرنسا وبين الشعبين الجزائري والفرنسي علاقات مبتكرة من الصداقة الخالصة في كنف تعاون يجد فيه كل طرف مصلحته وأسباب الأمل في المستقبل''، في إشارة إلى مطالبة فرنسا بالاعتذار وتلميح واضح إلى اتفاقية الصداقة المعطلة• وبالمناسبة، ترحم رئيس الجمهورية على الأرواح ''التي أزهقت بغير حق في نكبة ذلك الربيع المشؤوم، كما خصهم بتحية إكبار، قائلا بأنه ''ومن حق منطلق العرفان بتضحياتهم يجب علينا بذل كل ما يمكن بذله كي ترسخ بلادنا شخصيتها وثقافتها ونمحو، دون نسيانها، كافة آثار ذلك الماضي الاستعماري الطافح بالكثير الكثير من مظاهر الظلم والنكبات''، مضيفا بأن الجزائر ستظل مدينة لهؤلاء الشهداء أبد الآبدين• ولايزال ملف اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري وجرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري الذي تطالب به الجزائر، يعكر صفو العلاقات بين الجزائر وباريس من حين لآخر بسبب التنكر الفرنسي للمطالب الجزائرية، وخصوصا بعد سن قانون 32 فيفري 5002 الممجد للماضي الاستعماري لدولة فرنسا إبان إشراف ساركوزي على وزارة الداخلية، وكان آخرها ملف التجارب النووية الفرنسية بالصحراء، والذي لازالت آثاره قائمة إلى غاية اليوم• هذه الأسباب وأخرى أدت إلى عدم توقيع البلدين على اتفاقية الصداقة، على شاكلة تلك الموقعة بين ليبيا وإيطاليا شهر أوت 8002، علما أن رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، دعا صراحة فرنسا لأن تعتذر عن جرائمها في الجزائر، وهي التي ظلت تحشر أنفها في قضايا مشابهة، كقضية تجريم إنكار ما تراه فرنسا أنه مجازر ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الأرمن، بالرغم من أن ذلك من صميم عمل المؤرخين وليس رجال السياسة، ومن منطلق أن فرنسا الجمل الآسيوي لا يرى سناميه فوق ظهره، ويرى فقط السنام الوحيد للجمل العربي•