بلغ عدد الأطفال الذين يملكون هواتف نقالة 67 بالمائة، حسب دراسة قامت بها الدكتورة بن عودة مليكة أستاذة القانون الدولي في جامعة البليدة، حيث شملت الدراسة 1000عينة ينتمون إلى مناطق مختلفة من شرق العاصمة• أصبح من المشاهد المألوفة أن نرى طفلا صغيرا يمسك هاتفا نقالا، ويستخدمه مثل الكبار، ويتحكم في جميع تقنياته، فيرسل الرسائل القصيرة ويتعامل بالبلوتوث ويلتقط الصور، ويسجل الأغاني ويتفرج على الأفلام دون رقيب على الأشياء التي يتلقاها عبر هاتفه•ويرجع الانتشار الواسع لاستخدام الهاتف النقال بين التلاميذ إلى عدة أسباب اختلفت باختلاف الأشخاص، تتعلق بارتباط الأولياء بأبنائهم وحرصهم على الاطمئنان عليهم• ولمعرفة المزيد من الظاهرة اقتربت ''الفجر'' من بعض التلاميذ لأخذ رأيهم حول سبب اقتنائهم الهاتف النقال• أمينة، سنة أولى متوسط، تقول إن ''البورتابل'' جد مهم بالنسبة لها لأنه أنقذنها من عدة مواقف حرجة، ففي أحد الأيام نسيت دفتر المراسلة ومنعت من دخول الإكمالية وبمجرد اتصالها بالوالد قام بإحضاره على جناح السرعة، ولم تكلف نفسها عناء العودة إلى المنزل• وروت لنا قصة زميلة لها التي أصيبت بوعكة صحية داخل القسم وكاد يغمى عليها، فقامت المعلمة بالاتصال بوالدها الذي أتى مسرعا ونقلها للمنزل، والفضل يعود للهاتف النقال كما تقول محدثتنا• وبالنسبة للبعض الآخر الأمر مختلف، فالهاتف النقال عندهم يعني الموسيقى والرقص وإزعاج الآخرين كما قال (س•ب) سنة رابعة متوسط، مضيفا أنه يملك ''أي توش'' يحمّل فيه الأفلام ويتفرج عليها خلال الحصة بدل الاستماع إلى شرح المعلم ''الممل''• كما أنه حدث أن حصل على رقم هاتف المعلمة ووزعه على باقي التلاميذ، قصد إزعاجها داخل القسم منع استخدام الهاتف في الوسط التعليمي ضرورة لابد منها• من جهتها قالت الآنسة نادية أستاذة علوم الطبيعة والحياة بإحدى متوسطات العاصمة، إن استعمال الهاتف النقال في الوسط المدرسي أصبح منتشرا بصورة كبيرة، مما يؤثر سلبا على السير الحسن للحصة، كما أنه يقلل من انتباه وتركيز التلاميذ مما يؤدي إلى تراجع تحصيلهم العلمي وأضافت المتحدثة أنه يؤثر سلبا على عطاء الأستاذ خلال الحصة نظرا لانشغاله بمحاولة ردع مثل هذه السلوكات• وفي السياق ذاته تقول محدثتنا إن الجوال يؤثر على التلميذ نفسه وعلى بقية الزملاء وعلى الأستاذ وحتى على الأولياء، فهم السبب الرئيسي في انتشار استخدام الهاتف النقال بين التلاميذ، وبالمقابل يتحملون عواقب سوء استعماله• وتشير الأستاذة نادية إلى أن القانون الداخلي لكل مؤسسة ينص على منع استخدام الهاتف النقال داخل المؤسسة التعليمية ''لكن لا يوجد تطبيق صارم لهذه المادة''• الهاتف النقال خطر على الجهاز العصبي للأطفال أما بخصوص الأضرار الصحية التي يتسبب فيها الهاتف النقال، فقد حذر من جهته الدكتور (كمال•ب) طبيب عام، من استخدام الهاتف النقال لساعات طويلة خاصة بالنسبة للأطفال الذين لا زال جهازهم العصبي في طور النمو، على الرغم من أن البحوث العلمية لم تثبت بعد احتمال الإصابة السرطان الدماغ • كما أشار ذات المتحدث إلى أن الرادار يجب أن يبعد مسافة ما بين 100الى200م عن المدرسة نظرا للأضرار التي قد يسببها منها نقص الشهية والغثيان• وأضاف ذات المتحدث أنه ما دامت البحوث لم تكتمل بعد يجب التقليل من استعماله خاصة بالنسبة للمراهقين الذين يستخدمونه لمدة زمنية طويلة• من جهتها حذّرت الأخصائية النفسية، لعبادي كريمة، من الأضرار النفسية التي تترتب عن الاستعمال الخاطئ للهاتف النقال بالنسبة للأطفال، خاصة في حالة استغلالهم من طرف أشخاص أكبر منهم أوالمنحرفين أوجماعات الأشرار التي في غالب الأحيان تشجع على الفسق وفساد الأخلاق، واستدلت المتحدثة بعدد القضايا في المحكمة التي راح من جرائها أطفال• وفي السياق ذاته، حذرت الأخصائية من استخدام الهاتف العالي التكنولوجيا بالنسبة للقصر، فقد يتلقى من خلاله الطفل صورا أو مقاطع فيديو قد تسبب له صدمة نفسية، أو يصبح مدمنا عليها بشكل دائم كون الطفل معروفا بحب الاستكشاف والفضول• وللحد من الظاهرة، تقول المختصة إنه لابد من فرض الأولياء لرقابة على هواتف أبنائهم بشكل دائم، وتجنب استخدام الأولياء الهاتف كحافز في حالة النجاح في الدراسة، لأن الطفل يستغل هذا السلوك لمساومة الأهل للمطالبة بما يريد في وقت لاحق• وفي السياق ذاته، تؤكد المتحدثة على ضرورة مراقبة مصروف الطفل الذي قد يستغله في شراء الهاتف النقال خفية عن الأهل ويستخدمه فقط خارج المنزل، بالإضافة إلى أشياء أخرى تشكل خطرا عليهم، كما تحمل المسؤولية كاملة للأولياء مستغربة كيف أن الأم تلجأ لوضع الهاتف النقال في حقيبة الطفل صاحب العام أو العامين لتطمئن عليه في الروضة• للهاتف مخاطر أخلاقية على التلاميذ خاصة المراهقين للإستفسار أكثر حول سلبيات استخدام الهاتف النقال بالنسبة لتلاميذ المدارس، قمنا بأخذ رأي أخصائية علم الاجتماع، ثريا التيجاني، فقالت إن الجوال هو أحد الأسباب الرئيسية للتسرب المدرسي في الآونة الأخيرة، بسبب اهتمام التلاميذ الكبير به وتتبعهم لجديد الهواتف النقالة وأحدث التقنيات المبتكرة بدل الاهتمام بدروسهم، وبدل استماع التلاميذ لشرح المعلم يقومون بالتشويش وإحداث الفوضى في القسم من خلال الاستماع للموسيقى• وتضيف المتحدثة أن للهاتف مخاطر أخلاقية على التلاميذ خاصة المراهقين، خاصة في ما يخص تبادل الصور أو مقاطع الفيديو السيئة• وتحمل الأستاذة المسؤولية للأولياء في تفشي الظاهرة، خاصة أنهم يشترون الهواتف ويتحملون المصروف الزائد من خلال شراء بطاقات التعبئة لهم• وفي السياق نفسه، تقول محدثتنا إن الأولياء نيتهم سليمة في شراء الهاتف النقال لأطفالهم، قصد الاطمئنان عليهم، أو تلبية لطلبهم من أجل المساواة مع زملائهم، لكنها أبدت رفضها للفكرة، خاصة وأن بعض التلاميذ يقومون بغلق هواتفهم ولا يردون على مكالمات الأولياء إذا أراد فعل أمر معين خفية عن أهله، وهناك من يقوم ببيعه وصرف المال والأولياء في غفلة عن كل ما يجري• وتشير الأستاذة التيجاني إلى ضرورة اتخاذ إجراءات تمنع استخدام الهواتف النقالة داخل المؤسسات التربوية نظرا للسلبيات الكثيرة الناتجة عن تفشي استخدام الجوال بين تلاميذ المدارس• 13 قضية تحرش بالأطفال عن طريق الهاتف النقال منذ 2008 أكدت، من جهتها، رئيس مكتب حماية الطفولة وجنح الأحداث بمديرية الشرطة القضائية، العميد خيرة مسعودان، تزايد ظاهرة الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد القصر مع تزايد استخدام هؤلاء الأطفال والمراهقين للهاتف النقال• وأشارت العميد الى التطور التكنولوجي وظهور أجيال جديدة من الهواتف النقالة المزودة بأحدث التقنيات، منها إمكانية الاتصال بالشبكة العنكبوتية• وحسب ذات المتحدثة فإن مصالح الشرطة تعالج يوميا قضايا مكافحة الجريمة ضد القصر، منها ضحايا تحرش عن طريق الهاتف النقال، حيث سجلت مصالح الشرطة القضائية 8 قضايا خلال سنة 2008، وخمس قضايا من نفس النوع خلال الأشهر الأولى من السنة الجارية كلها متعلقة بالعنف المعنوي الممارس على الأطفال، الذي يطبق عليهم من جراء استخدامهم للهاتف النقال• وحسب المتحدثة تشمل مجمل القضايا تصوير أشرطة إباحية ضحاياها من المراهقين الذكور والإناث، عبر الهواتف النقالة بهدف تحريضهم على الفسق وفساد الأخلاق وكذلك ترهيب الأطفال وابتزازهم في حالة عدم انصياعهم لمطالب هؤلاء المستغلين، هذا ما يسمح بتحقيق مبتغاهم الدنيء، خاصة إذا كان ضحاياهم إناث وينتمون إلى أسر متشددة•• تضيف العميد•